تشكيل لجنة الإشراف على انتخابات "هيئة المقاولين"    «مطار الملك خالد»: انحراف طائرة قادمة من الدوحة عن المدرج الرئيسي أثناء هبوطها    بيئي الشرقية يدشن معرض ( تعرف بيئتك ) بالخُبر    تعليق الدارسة وتأجيل الاختبارات في جامعة جدة    لتحديد الأولويات وصقل الرؤى.. انطلاق ملتقى مستقبل السياحة الصحية    فيصل بن فرحان: الوضع في غزة كارثي    عباس يدعو إلى حل يجمع غزة والضفة والقدس في دولة فلسطينية    وزيرا الإعلام والعمل الأرميني يبحثان التعاون المشترك    ولي العهد يستعرض تطوير العلاقات مع أمير الكويت ورئيس وزراء العراق    أمير الرياض: المملكة تدعو لدعم «الإسلامي للتنمية» تلبية لتطلعات الشعوب    بدء العمل بالدليل التنظيمي الجديد للتعليم.. الأربعاء    عبدالله خالد الحاتم.. أول من أصدر مجلة كويتية ساخرة    «جلطة» تنقل الصلال إلى المستشفى وحالته مستقرة    اللجنة الوزارية العربية تبحث تنفيذ حل الدولتين    " ميلانو" تعتزم حظر البيتزا بعد منتصف الليل    منتدى الرياض يناقش الاستدامة.. السعودية تتفوق في الأمن المائي رغم الندرة    الفيحاء يتوّج بدوري الدرجة الأولى للشباب    الأهلي بطلاً لكأس بطولة الغطس للأندية    النصر والنهضة والعدالة أبطال الجولة الماسية للمبارزة    تتضمن ضم " باريوس" مقابل "فيجا".. صفقة تبادلية منتظرة بين الأهلي وأتلتيكو مدريد    نائب أمير مكة يطلع على تمويلات التنمية الاجتماعية    فيصل بن بندر يؤدي الصلاة على عبدالرحمن بن معمر ويستقبل مجلس جمعية كبار السن    الأرصاد تنصح بتأجيل السفر برّا لغير الضرورة    استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    آل طيب وآل ولي يحتفلون بزفاف أحمد    اللواء الزهراني يحتفل بزفاف نجله صلاح الدين    منصور يحتفل بزواجه في الدمام    دولة ملهمة    رابطة العالم الإسلامي تُعرِب عن بالغ قلقها جرّاء تصاعد التوترات العسكرية في شمال دارفور    ديوانية الراجحي الثقافيه تستعرض التراث العريق للمملكة    النقد وعصبية المسؤول    مهنة مستباحة    فئران ذكية مثل البشر    إستشاري يدعو للتفاعل مع حملة «التطعيم التنفسي»    اكتمال جاهزية كانتي.. وبنزيما انتظار    شوبير: صلاح يقترب من الدوري السعودي    د. اليامي: إهتمام القيادة بتنمية مهارات الشباب يخفض معدل البطالة    محمية الإمام عبدالعزيز تشارك في معرض أسبوع البيئة    جامعة «نورة» تفتتح منافسات الدورة الرياضية لطالبات الجامعات الخليجية    أمير المدينة المنورة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب في دورته ال 12    منجزات البلدية خلال الربع الأول بحاضرة الدمام    ميتروفيتش ومالكوم يشاركان في التدريبات    المصاعد تقصر العمر والسلالم بديلا أفضل    صحن طائر بسماء نيويورك    جائزة الأميرة صيتة تُعلن أسماء الفائزين بجائزة المواطنة المسؤولة    أول صورة للحطام الفضائي في العالم    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    أمير الرياض يؤدي الصلاة على عبدالرحمن بن معمر    ذكاء اصطناعي يتنبأ بخصائص النبات    تطبيق علمي لعبارة أنا وأنت واحد    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    أمير تبوك يواسي أبناء أحمد الغبان في وفاة والدهم    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة (82) حربية    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    المسلسل    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحف للقراءة
نشر في الجزيرة يوم 28 - 02 - 2020

لا يعنيه كل الصخب الذي حوله، يجلس على مقعد جلدي صغير، أمامه طاولة زجاجية، فوقها كوب شاي، من حقيبة صغيرة وضعها بجانب مقعده أخرج جريدة يومية، وبدأ يتصفحها، أثناء ذلك كان المقهى يعج بعدد كبير من الرجال، بعضهم حضر لمشاهد مباراة كرة قدم بين فريقين أوربيين، وبعضهم جاء لاحتساء القهوة ولقاء بعض الأصدقاء، وهنالك من آثر الجلوس وتصفح جهاز هاتفه المحمول، أما هو فغرق في صحيفته الورقية، هو لا يحرص على الأخبار الرسمية ولا السياسية ولا الرياضية ولا المقالات المطولة، يهمه كثيراً الأخبار التي تعتمد على الصور بالذات عن المجتمع والحركة الاقتصادية، أحياناً يعرج على الصفحات الرأي والثقافة ويتأمل صور الكتاب قليلاً.
يجلس غالبا في المكان ذاته كل مساء، ويقوم بالحركة ذاتها، ويشرب كوباً من الشاي، ويتصفح أو يقرأ ربما جريدة أو اثنتين، في وقت مستقطع من يومه الذي لا يعرف عنه أحد، لا صديق له، ولا يرغب أن يتحدث مع أحد، حتى النادل يحضر له الشاي وقنينة الماء بصمت، ويأخذ منه قيمتها بصمت أيضاً.
الجريدة بأوراقها الكبيرة تحجب عنه رؤية الآخرين، لم يتابع مطلقاً شاشة التلفزيون غير البعيدة عنه، ولم يلفت انتباهه أحد من الناس، لم يرفع رأسه مطلقاً ليراقب صراخاً جاء بعد جدل بين مجموعة من الرجال، لم يزعجه ذلك الصخب الذي عم المقهى بعد تسجيل فريق كبير لهدف الفوز، لم يبتهج، ولم يحزن، هو يسمع ويرى، ولكن ما يسمعه ويراه خارج إطار المكان والزمان، ما يسمعه ويمتعه هو صوت ورق الصحيفة وهو يقلبها بين يديه، كان من الأولى أن يكون مسترخياً عند شاطئ بحر حيث لا يسمع إلا صوت الماء يتحرك بهدوء عبر موجات صغيرة تصل قربه ثم لا تلبث أن تغادر بالهدوء ذاته، لكن لا بحر في الرياض، وهو يخاف من أمواج الرمال المتلاطمة حولها، لذا لا ملاذ له إلا بيته أو المقاهي، وبالذات هذا المقهى الصاخب بقاصديه، وموقعه، ولكن حتى موقعه ليس بعيداً عن بيته، هو لا يحب الزحام ولا ركوب السيارات، ويعشق المشي، لذا يحمل حقيبته كل يوم ويتجه لذلك المقهى ليشرب شايا ويتصفح جريدته، وحقيقة هو في داخله مسرور لأن هنالك حياة حوله، صخب، أناس يتحدثون يضحكون، يلقي بعضهم أحياناً طرفاً ونكات يضحك منها الجميع عداه، ولماذا يضحك، وهو لم يجلس معهم، وإن كان قريباً منهم، والطرفة لم توجه له، بل لآخرين، إذا، ليضحكوا هم، وليلتزم الوجوم، لا ضحك ولا كآبة، مجرد صمت وانهماك بتصفح الجريدة، ولو تجرأ أحد أن يتحدث معه، بأن يسأله مثلاً إن كان يستغني عن المقعد الذي أمامه، أو مكان دورة المياه في المقهى سيزيح الصحيفة من أمام وجهه، وينظر إليه شزراً دون أن يتفوه بكلمه، ربما يشير بيده، أن يأخذ المقعد، أو مكان دورة المياه، ولكن لا يريد أن يلتقم سنارة الحديث، ويترك خصوصيته وجريدته.
جميع العاملين بالمقهى دون استثناء عرفوه، وعرفوا طبيعته، لذا لم يزعجوه مطلقاً، وحرصوا على ألا يزعجه أحد، فمثله من هو على أعتاب الشيخوخة يحتاج إلى كثير من المراعاة، يحتاج أن يكون كما يريد هو لا كما يريد الآخرون.
أحياناً يكون الوحيد الذي يتصفح جريدة في ذلك المقهى، ربما قبل سنوات كانت الصحف حاضرة وبقوة في أيدي الناس وبالطبع في المقاهي، الجميع يقرأ ويتصفح، وصوت الورق صاخب ورائحته تعم المكان، والآن كل واحد يبحر عبر هاتفه المحمول، والبعض يحضر جهاز حاسبه المحمول أو اللوحي، ويسمع ويقرأ ويشاهد، غادرت الصحف الأماكن وبقيت بضع منها في حقيبة ذلك الرجل تصارع على البقاء، ولكن وهو على أعتاب سن الشيخوخة هل يقدر أن يبث فيها الحياة؟.
هو وحيد جالس على مقعد جلدي صغير أمامه كوب شاي على طاولة زجاجية، وضع جريدته الورقية في حقيبته الجلدية، وهمّ بمغادرة المقهى، صورته انعكست على الطاولة الزجاجية، لاحظ أن الشيب اجتاح وجهه، حزن لذلك العمر الذي ضيعه دون أن يتعلم القراءة والكتابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.