وزير النقل يُدشِّن تجربة التاكسي الجوي ذاتي القيادة لأول مرة في موسم الحج    ارتفاع عدد ضحايا حريق بناية المنقف بالكويت إلى أكثر من 35 وفاة    الواجب تِجاه المُبدعين فِكرياً وأدبياً وعِلمياً    الصحة تنقل 18 حاجًا عبر 31 عربة إسعافية من المدينة إلى المشاعر المقدسة    المملكة مستمرة في دعمها الإنساني للفلسطينيين    أسعار النفط تغلق على ارتفاع طفيف عند 81.92 دولار للبرميل    فرصة لهطول الأمطار على مرتفعات مكة والجنوب وطقس شديد الحرارة بالرياض والشرقية    زلزال بقوة 4.8 درجات يضرب بلدة بوان غرب كوريا الجنوبية    استشهاد 14 فلسطينياً في قصف للاحتلال على منازل بمدينة غزة    الأخضر يخسر أمام الأردن    رونالدو يتوهج قبل اليورو.. هل اقتربت ال900؟    شكراً..على أي حال    العدو الصهيوني    حج بلا أدلجة أو تسييس!    ماكرون يفرش السجاد لليمين المتطرف لدخول قصر ماتينيون    الأفيال الأفريقية تنادي بعضها بأسماء فريدة    وزير الإعلام يزور جناح" سدايا"    رقم قياسي جديد في موسوعة غينيس العالمية.. تدشين ممشى واجهة روشن البحرية بحلة جديدة    السعودية والكويت.. رؤية مشتركة ومصير واحد    في يورو 2024… الظهور الأخير ل 5 مخضرمين    أبناء الطائف ل«عكاظ»: «عروس المصايف» مؤهلة لاستضافة مونديال 2034    الرياض الخضراء    وفد شوري يزور «مَلكية الجبيل» ورأس الخير    بدء العمل بمنع دخول المركبات غير المصرح لها إلى المشاعر    وزير الداخلية يتفقد المشاريع التطويرية ومركز تحكم الدفاع المدني بالمشاعر    اتفاقية بين «المظالم» و«مدن» للربط الرقمي    "الكشافة".. 6 عقود في خدمة ضيوف الرحمن    السعودية واحة فريدة للأمن والأمان (2 2)    خالد وهنادي يردان على تنبؤات ليلى حول طلاقهما ب«آية قرآنية»    150 وسيلة و 1500 إعلامي محلي ودولي في «ملتقى الحج»    سفراء "موهبة" يحصدون الجوائز    تابع سير العمل في مركز قيادة الدفاع المدني.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد مشاريع التطوير في المشاعر المقدسة    أكد على أهمية اتباع الإرشادات .. متحدث الصحة: ارتفاع درجات الحرارة أكبر تحدي في موسم الحج    10 نصائح من استشارية للحوامل في الحج    تحذير طبي للمسافرين: الحمّى الصفراء تصيبكم بفايروس معدٍ    «التهاب السحايا» يُسقط ملكة جمال إنجلترا    المملكة والريادة الطبية في فصل التوائم الملتصقة    كيف تتخلص من الألم..وتنضج ؟    المملكة تواجه انتهاكات حقوق الطفل بصرامة    «إنفاذ» يُشرف على 26 مزاداً لبيع 351 عقاراً    "الأمر بالمعروف" تشارك في حج هذا العام بمنصات توعوية متنقلة لخدمة الحجاج    الشؤون الإسلامية تحدد 1082 جامعاً ومصلى لإقامة صلاة عيد الأضحى بالشرقية    المملكة تملك مقومات صناعية متقدمة.. ومركز لوجستي عالمي    الموافقة على أفتتاح جمعية خيرية للكبد بجازان    عبدالعزيز بن سعود يقف على جاهزية قوات أمن الحج    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على منيرة بنت محمد بن تركي    منتجات فريدة للإبل تجذب أنظار زوار المعرض السعودي للسنة الدولية للإبليات 2024 في إيطاليا    الحجّ.. مشهديّة آسرة    «الآسيوي» يشيد بتنظيم «مونديال» البلياردو في جدة    لجنة الاستقطابات.. وتقييم التعاقدات السابقة    شركة مطارات الدمام تعقد ورشة عمل لتدشين 'خدمتكم شرف'    جولة رقابية على الأسواق والمسالخ بمنطقة نجران    المشاهير والترويج للاحتيال    تزايد حاد في إصابات حمى الضنك في أوروبا    الديوان ينعى الأميرة منيرة بنت محمد بن تركي    وزير الإعلام يدشن "ملتقى إعلام الحج" بمكة    أمن الحج.. خط أحمر    إثراء يفتح باب التسجيل في مبادرة الشرقية تبدع بنسختها الخامسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغيرة في الأوساط النسائية طبيعة أنثوية أكثر منها لدى الرجال
شخصن الحالات وقدمن العلاج.. أكاديميات متخصصات ل«الجزيرة»:
نشر في الجزيرة يوم 23 - 08 - 2019

تؤكد التعاليم الإسلامية على نشر الخير وتعزيزه في المجتمع، وبث روح التسامح والمودة بين أفراده، كما تعد نظافة القلوب ونقاء النفوس من كمال الإيمان وبزوالهما يزول الخصام والحقد والحسد والغيرة.
وتمثل الغيرة من السلوكيات السيئة والصفات الغير محمودة، وتزداد في الأوساط النسائية مما يراها البعض طبيعية أنثوية، في حين يراها آخرون مرض.
«الجزيرة» التقت مع عدد من الأكاديميات في مختلف التخصصات ليشخصوا أسباب الغيرة في المجتمعات النسائية، ويقدمن الحلول الكفيلة لمعالجة المشكلة التي تفاقمت مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي.
تعزيز القدرات
تؤكد الدكتورة أسماء بنت محمد العمري دكتوراه في الإدارة التربوية بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن أن ازدياد الغيرة لدى المرأة بحكم فطرتها، وهي فطرة أنثوية لطيفة عندما تكون في حدودها المعقولة وذلك فيما يتعلق بأنوثتها، أو جمالها، أو زوجها. ولكن أحياناً نرى تجاوز غيرة بعض السيدات هذه الحدود، كأن تغار الواحدة منهن من زميلاتها لما وهبهن الله من جمال أو مال أو علم أو مهارة، أو أسلوب حياة. والأسوأ من ذلك أن تصل بها الغيرة إلى أن تغار حتى من أخواتها، وهذا بلا شك خلل في شخصيتها، يؤدي بها إلى الشعور بعدم الاستقرار النفسي، فهي إما تشعر بالنقص وأنها تحتاج لأن تحصل على ما يملكه الأخريات، أو يجعلها تشعر أنها يجب أن تكون في حالة دفاع عما تملكه هي حتى تحافظ على صورتها أو مكانتها أو أي شيء ترى أنه مهدد أمام ما تمتلكه الأخريات من مجتمعها.
أما الأسباب والعلاج، فهي كالداء والدواء، أولها التنشئة الأسرية، وفيها عدة أمور أهمها عدم تنشئة الفتاة على الأسس والمبادئ الإسلامية كالإيمان بالقضاء والقدر، وأن الأرزاق بيد الله، وأن العطاء بأمره وأن الأخذ بأمره، وتربيتها على أن تحب لأختها وبنات جنسها ما تحب لنفسها، وتربيتها على القناعة، وعلى السعي والعمل، والأمر الثاني عدم العدل بينها وبين أخوتها أو أخواتها في المعاملة والإنفاق أو غيره، ويجب على الوالدين تحري العدل فيما يقدمون لأبنائهم وبناتهم سواء من النواحي المادية أو المعنوية، والأمر الثالث إجراء المقارنات الدائمة بين ما تملكه الفتاة من قدرات جسدية أو فكرية أو سلوكية أو غيرها، وبين ما يملكه أطفال آخرون من أسر قريبة كالجيران مثلاً، أو حتى بين ما يملكه أحد أخوتها أو أخواتها، وهذا خطأ فادح، وهنا يجب التوقف عن إجراء هذه المقارنات، والعمل باستمرار على تعزيز ما تملكه الفتاة من قدرات جيدة ومساعدتها على تطوير القدرات الأخرى، وتعزيز ثقتها في نفسها وفي قدراتها، وإن لزم من ضرب أمثلة أو إجراء مقارنات فيكون بشخصيات رائدة معاصرة أو تاريخية. أما السبب الثاني، فالمجتمع الذي تنعكس توجهاته على أفراده، وفي المجتمعات النسائية يعطى الاهتمام، والمديح، والتعزيز أحياناً لمن تملك الجمال أو المال.. إلخ، حتى في أوساط مجتمعات العمل النسائية أحياناً يعطى الاهتمام لتلك القريبة من المديرة أو تلك التي تستطيع الوصول، أو تلك التي يكون لها قريب يعمل في مكان مهم، أو لأي من الأسباب التي سبق ذكرها بغض النظر عن مستوى إنجازاتها أو ما تملكه من مهارات، وهنا يجب الحرص على تطوير ثقافة المجتمع بما في ذلك المجتمعات النسائية، في ضوء مبادئ تطوير الذات، والعمل ضمن فريق، والمنافسة الشريفة، والحكم على الأفراد من خلال ما يمتلكونه من قدرات معرفية وفكرية ومهارية، وحيث المرأة أن تكون ذات شخصية واثقة فعالة تحقق أهدافها وأهداف مجتمعها.
المدير الحاسد
وتبين د. فاطمة بنت إبراهيم النفيسة دكتوراه في التخطيط التربوي بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن: أن الحسد يعد من الأمراض الأشد فتكاً إذ لا سبيل لإصلاحه لارتباطه بنفوس بشرية خفية وقد يقود لمحاربة التميز ولتقمص أدوار عديدة ترتبط جميعها بمرمى واحد وهو إضعاف أو القضاء على الخصم.
ومن أسوأ أنواعه ذلك المدير الحاسد إذ إنه يمتلك الكثير ولكنه يعيش القلق المستمر على ذلك الكرسي مما يجعله دائم التفكير والبحث عن آليات مختلفة للقضاء على ذلك المبدع والمتميز أيا كان جنسه وفئته
وينظر علم النفس إلى الحسد على أنه شعور سيء وتهيج يزيد عند رؤية إنجازات الآخرين. كما أنه يقود إلى الرغبة في امتلاك صفات أو ماديات لدى الآخرين وقد يضعف كلما تقدم عمر الإنسان.
وقد نبه الإسلام إلى خطورته وحث المؤمن على تعاهد نيته وأن الجزاء الخفي مرتبط بتلك النية الخفية ليربي النفس البشرية ويسمو بها فقال عليه الصلاة والسلام: {إنَّما الأَعْمالُ بِالنِّيَّاتِ} ويقودنا هذا الحديث إلى التفكير في جنس الحاسد فنجد أن أول حسد وقع على الأرض كان من رجل وليس من امرأة فكان من قابيل وقاده إلى قتل أخيه هابيل، أما في السماء فكان من جنس إبليس ليحسد آدم عليه السلام. ولذا فقد يكون الحسد والوسوسة من الإنسان أو الجان كما يقول الله تعالى: الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ وأمرنا من الاستعاذة منهما فقال عز وجل قلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ حيث ذكر سبحانه أكثر تلك الشرور شيوعا ومنها الحاسد.
إلا أن القصص والأخبار تنقل لنا أن أسلوب النيل من المحسود يختلف من الذكر والأنثى فطبيعة الرجل يفصل في قضيته ويعلن عداوته غالبا فتكون أسلوب المعالجة مختلفة كما عمد قابيل إلى قتل أخيه والانتهاء من أمره بكل وضوح أما المرأة فيكون أسلوبها في المعالجة غالبا أكثر دهاء وتكتكة وقد أخبرنا القرآن الكريم عن ذلك ووصف كيدها بالعظيم، وأما إذا ارتبط كل من الذكر والأنثى بمعيار الإيمان فقد يتساوى أسلوب المعالجة وقد يتجه إلى منحى إيجابي تبعا لسمو النفس البشرية وقدرتها على التخلص من تلك الآفات.
الجاهلية المحمودة
وتشير الأستاذة مي بنت فهد العقيل المحاضر بالجامعة العربية المفتوحة إلى أن الغيرة فطرة إنسانية جُبل الإنسان عليها. غارت عائشة رضي الله عنها على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أرسلت إحدى زوجاته قصعة طعام إليه وهو عندها، فضربت عائشة يد الخادم حتى وقعت القصعة وانكسرت، فقال عليه الصلاة والسلام: غارت أمكم.
وكانت الغيرة من أخلاق الجاهلية المحمودة، وقد قامت حروب طاحنة بسببها، منها على سبيل المثال (حرب الفجار الثالث) التي كان سببها اعتداء مجموعة من شباب كنانة على امرأة في سوق عكاظ بكشف سترها حين رفضت أن تكشف وجهها لهم، فاستنجدت بقبيلتها (آل عامر).
والغيرة خلق محمود حين يرتقي بصاحبها للمراتب العليا في الدنيا والآخرة، ومذموم حين يقع به في وحل السفائف والبعد عن الصواب. ولعلنا نلحظ الغيرة في الأوساط الأنثوية أكثر منها في الأوساط الذكورية.
إن تزايد الغيرة في المجتمعات النسائية أدّى إلى تبدّل المفاهيم واختلال الموازين الصحيحة للحياة القويمة الهانئة، فكم هدمت الغيرة من بيوت وكم شتت من أُسر!! فصارت الكثير من النساء تقمن حياتهن على أساس المقارنة بينها وبين حياة الأخريات؛ هذه تملك كذا والأخرى سافرت إلى المكان كذا والثالثة والرابعة والخامسة... حتى اهتزّت حياتها وتزعزع استقرارها تبعا لتحقيق متطلّباتٍ قشريّة لحياةٍ سطحيّة تلمّعها أضواءُ وسائلِ التواصل الاجتماعي، تلك الأضواء الوقتيّة التي ما تلبث أن تزول عند أوّل وعكة في الحياة. فهلّا تغايرن في تربية الأبناء ! وفي برّ الوالدين !! وفي الوفاء بمتطلبات حياة قويمة على أسس متينة!!
إن لم تكن الغيرة في مكانها الصحيح كانت كالقنبلة الموقوتة، سرعان ما تنفجر في وجه صاحبها أولا، لتحرق كلّ ماحوله بعد ذلك. فلنرتقي بأنفسنا، ولتكن غيرتنا تدفعنا للفضائل والتسابق في الخيرات، ولنهذب أرواحنا على القناعة والرضا بما كتبه الله لنا من الرزق، ولنحمده؛ فبالحمد تدوم النعم.
ضعف الثقة
وتكشف د. ندى بنت سليمان العيسى معالجة نفسية أن الغيرة أحد المشاعر التي تتولد داخل المرأة نتيجة أحد الأسباب التي يكمن جُلّها إما في ضعف الثقة بالنفس أو حب التملك الشديد. لعل ضعف الثقة بالنفس لدى المرأة تؤدي إلى الغيرة النابعة من الشك حول كل تصرف يقوم به الطرف الآخر، فهذا من شأنه أن يقود المرأة إلى الشعور بالنقص وأنها أقل من البيئة المحاطة بها. كما أن حب التملك لدى المرأة يهدد استقرارها النفسي فيقودها إلى التصرف بأي طريقة قد تجدها مناسبة فقط لإشباع غيرتها على ممتلكاتها. ولأن الغيرة قد تقود المرأة إلى العديد من المشكلات التي تؤثر سلبًا على حياتها الاجتماعية والعاطفية، لا بد على المرأة بأن تعزز ثقتها بنفسها وذلك بمعرفة نقاط الضعف المسببة لتلك الغيرة والعمل على معالجتها. علاوة على ذلك، قد تتجه المرأة إلى معالجة الغيرة لديها وذلك من خلال استشارة أخصائي نفسي وهو الشخص الأكثر معرفةً في كيفية التعامل مع الغيرة التي من شأنها أن تسبب المشكلات في حياة المرأة، حيث يلجأ الأخصائي إلى دعم المرأة وعلاجها حسب مسبب الغيرة، فإن كان مسبب الغيرة حب التملك الشديد، فقد يقوم بعرض العديد من المقالات والكتب التي قد تستفيد منها المرأة والتي من شأنها أن تبين لها ماهية العقبات الوخيمة التي تقود إليها مسبب الغيرة مثل حب التملك الشديد.
ختامًا، يمكن القول إن قلة ثقة المرأة بنفسها وحب التملك الشديد للأشخاص قد يقودها إلى نهايات غير مُرضية، فهذا يتطلب من المرأة التعامل مع الغيرة على أنها مسبب للكثير المشكلات والعمل على معالجتها إما بزيادة الثقة بنفسها ودعم شخصها بالطرق السليمة أو باللجوء إلى أخصائي نفسي يدرك تمامًا ماهية الأمور التي من شأنها أن تخفف من غيرة المرأة ولا سيما معالجتها، مثل: إطلاع المرأة على مواقف لم يُحمَد عقباها نتيجة الغيرة وتزويدها بالقراءات التي تصقل عقل المرأة من الغيرة السلبية.
الغيرة والحسد
وتقول الدكتورة شيمة بنت إبراهيم العتيبي مستشارة التنمية المستدامة: «ديننا دين التسامح ونقاء القلب وكلما زاد قرب المسلم لربه كلما زاد نقاءا وتسامحاً وابتعد عن أهم أمراض القلوب الحسد، لأنه يقوم على أساس تمني زوال النعمة من المحسود، ولذلك فهو نوع من البغض والكراهية لما يراه من حسن حال المحسود، والذي يبدأ بالقريب قبل البعيد، والصديق قبل العدو، فهو أكثر ما يكون بين الأقارب وبين الجيران وبين الزملاء، وهو موجود في الأوساط النسائية كما هو الحال بالنسبة لأوساط الرجال».
والحقيقة أن الحسد مرض ينشأ من ضعف الإيمان بالقضاء والقدر، فالحاسد لو كان عنده إيمان قوي بقضاء الله وقدره ما حسد الناس على ما أعطاهم، فالحاسد معترض على نعم الله تعالى أن تصل إلى عباده، فالحسد مناف للإيمان، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد) فالحاسد يعيش في حزن وغم وهم واكتئاب ومصائب لأنه معترض على حكم الله وتقديره.
من أكثر أنواع الحسد انتشارا التحاسد بين النساء وخاصة المتزوجات منهن، لأن الزوجة تغار على زوجها، ولا تحب أن يشاركها أحد فيه، وهذا يعني أن الغيرة والحسد انفعالان موجودان لدى الإنسان تنشأ نتيجة تأثير التنافس والصراع على مصادر العيش وأسباب أخرى، وتنبعان من الأنانية والفردية والعنصرية التي تولد فكرة التنافس والصراع لدى البشر.
الغيرة والحسد لكل واحد منهما مفهوم ودوافع خاصة، لكن مفهوم الحسد يتداخل مع مفهوم الغيرة، لأنهما انفعالان مركبان ومعقدان، يجمعان بين حب التملك والتنافس على المصالح، فمثلا الغيرة على الزوجة أو على الزوج ناتجة عن التملك والسيطرة والمحافظة على الممتلكات، وقد يصحب الغيرة كثير من مظاهر أخرى كالتشهير أو المضايقة أو التخريب.
أما الحسد فهو انفعال مركب يستند إلى خليط من الانفعالات الغريزية مثل: الخوف والغضب والحقد والامتعاض، ومن خصائصه الاستمرارية والاحتفاظ بقوته وشدته وبذلك يختلف الحسد عن الغيرة، في أن الغيرة تتمركز حول شيء يمتلكه الشخص ويخاف أن يفقده، في حين أن الحسد يتمركز حول شيء لا يمتلكه الحاسد ويتمنى زواله عمن يمتلكه، وهنا نؤكد أن الغيرة أمر فطري ولها جانب إيجابي إذا لم تقترن بالحسد وتمني زوال النعمة عن الغير فالغيرة الإيجابية بين الأخوة وزملاء العمل أمر طيب يتولد عنه التنافس، إلا أن الغيرة بين بعض النساء من النادر أن تكون إيجابية أو تقتصر على المنافسة، وغالباً ما تكون لها آثار سلبية.
وقد أكد لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الغيرة موجودة، بل قال أكثر من ذلك؛ إذ أكد في الحديث الشريف: «إن الله يغار والمؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.