"نادي نيوم" يتعاقد مع البرازيلي رومارينيو    وزير الخارجية يشارك في اجتماع مجموعة «بريكس».. ويلتقي نظيريه الروسي والفنزولي    الدفاع المدني يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل "لا حج بلا تصريح" بجدة    غموض سياسي في فرنسا بعد حل الجمعية الوطنية    غزة.. أكثر الأيام دموية    ارتفاع أسعار الأغنام ومسؤولية التجارة    أمانة جدة تهيئ الواجهات البحرية استعدادا للإجازة    مانشيني: الصدارة تهمنا.. وكأس الخليج هدفنا    وزارة الداخلية تشارك في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى إعلام الحج    طقس غائم جزئياً على مكة وصحواً على المدينة وجدة    بلينكن يشدد على أهمية وجود خطة لما بعد الحرب في غزة    «إثراء» يفتح باب التسجيل في مبادرة «الشرقية تبدع»    أول مولود في موسم الحج نيجيري    القيادة تهنئ رئيس البرتغال بذكرى اليوم الوطني    أمير الرياض يوجه باستمرار العمل في إمارة المنطقة خلال إجازة ‫عيد الأضحى‬    نائب أمير الشرقية يطلع على أنشطة «تعاونية الثروة الحيوانية»    «الكشافة».. عقود في خدمة ضيوف الرحمن    الماجستير لفاطمة الغامدي    جاهزية أسواق النفع ومسالخ جدة لموسم الحج وعيد الأضحى    ارتفاع نسب التوطين بوظائف الأنشطة السياحية بالعاصمة المقدسة 40 %    نائب أمير حائل يشهد الحفل الختامي لمسارات    أمير الرياض يستقبل سفير النرويج وأمين عام «موهبة»    المملكة تؤكد دعمها لقطاع الإبليات    خادم الحرمين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي الشهداء والمصابين من أهالي غزة    عرض عسكري يعزز أمن الحج    مركز الأمير سلطان للقلب بالقصيم يحقق شهادة الاعتماد من "سباهي"    أوكرانيا تستخدم قواعد ناتو لطائراتها وروسيا تسميها أهدافا مشروعة    النزوح الداخلي في السودان يتجاوز 10 ملايين    رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: مشاوراتنا في السعودية ستثمر قريباً    القادسية يُعلن تعاقده مع حارس فولفسبورج    القبض على مخالفين لنظام الحدود لتهريبهما 24 كيلوغرامًا من الحشيش في نجران    اختفاء طائرة نائب الرئيس المالاوي و9 مسؤولين    كاسترو يحسم موقف لابورت    رحيمي حلم النصر لتعويض ماني    أمير الباحة يكرّم عدداً من القيادات الأمنية نظير إسهاماتهم وجهودهم المميزة    الأمن العام: جاهزون لردع من يمس أمن الحج    جامعة نورة تدفع بخريجات الدفعة الأولى للغة الصينية    المنتخب السعودي يحصد 5 جوائز بأولمبياد الفيزياء    500 من ذوي الشهداء والمصابين يتأهبون للحج    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 11853 نقطة    السفارة بمصر للمواطنين: سجلوا بياناتكم لاستخراج إقامة    "هيئة النقل" لحملات الحج: بطاقة السائق ضرورية    «الموارد البشرية»: بدء تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس اعتباراً من 15 يونيو    وصول 1075 من ضيوف خادم الحرمين من 75 دولة    عبدالعزيز عبدالعال ل«عكاظ»: أنا مع رئيس الأهلي القادم    شرائح «إنترنت واتصال» مجانية لضيوف خادم الحرمين    المجلس الصحي يشدد على مبادرة «الملف الموحد»    10 مشاريع لتطوير البنية التحتية.. جاهزية منظومة البيئة والمياه لموسم الحج    الحج عبادة وسلوك أخلاقي وحضاري    تدشين خدمة الربوت الذكي بجوار المسجد النبوي.. مشاهد إيمانية تسبق مغادرة الحجيج المدينة المنورة    إعادة تدوير الفشل    أمير القصيم يشيد بجهود "طعامي"    أفراح آل الحسيني والشريف    استشاري:المصابون بحساسية الأنف مطالبون باستخدام الكمامة    الدكتورة عظمى ضمن أفضل 10 قيادات صحية    محافظ القريات يرأس المجلس المحلي للمحافظة    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    تغييرات الحياة تتطلب قوانين جديدة !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية «السكك الحديدية السرية» لكولسون وايتهيد
نشر في الجزيرة يوم 10 - 11 - 2018

«السكك الحديدية السرية» (The Underground Railroad) رواية صدرت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2016، وفازت بجائزة بوليتزر 2016، والجائزة الوطنية في الأدب الخيالي 2016، وتم اختيارها في نادي كتاب أوبرا وينفري 2016، ودخلت القائمة الطويلة لجائزة المان بوكر 2017. كتبها كولسون وايتهيد (Colson Whitehead) المولود في نيويورك 1969، وله ست روايات ومجموعة قصصية وكتاب عن مانهاتن. وترجمتها سماح جعفر، وصدرت 2018 عن مجموعة كلمات/ الشارقة في 400 صفحة.
تتناول الرواية ثيمة الحرية كحق فطري أساسي للإنسان، من خلال مأساة العبيد خلال الفترة التي سبقت نشوب الحرب الأهليّة الأمريكيّة في القرن الثامن عشر، وما عانوه من اضطهاد وتعذيب، والتعامل معهم كأشياء وممتلكات ليس لها من أمرها شيء.
اختار القدر الفتاة الصغيرة كورا التي تقيم في مزرعة راندال في ولاية جورجيا؛ لتبدأ مغامرة التحرر التي لم تفكر بها من قبل، بعد أن أقنعها رفيقها في الهرب العبد سيزر القادم من فرجينيا بمساعدة صديق أبيض، من خلال السكك الحديدية السرية (المتخيلة روائياً). هربت مراراً، وأمسك بها مراراً، وسجنت واختفت وجاعت وارتعبت، ومات معظم من رافقها أو ساعدها أو سهل لها مهمتها أو حتى سكت ولم يُبلِّغ عنها، ولكنها نجحت في النهاية، وتنسمت الحرية، وحققت حلماً كان أشبه بالمستحيل!
ومن حكم القدر أن سيزر اختار كورا كتميمة حظ، ظناً منه -كما توهم الجميع- أن والدتها مابل هي الوحيدة التي نجحت في الهرب من المزرعة، ولم يستطع صائدو العبيد إيجادها، ولم يعرف أحد أنها على أطراف المزرعة، تعرضت لنكزة أفعى فغرقت في أعماق المستنقعات!
تستوقفنا في الرواية ثلاثة نماذج من العلاقات المرتبطة بالزنوج: العلاقة بين العبد والسيد، والعلاقة بين الأسود والأبيض المتعاطف، والعلاقة بين العبد والعبد. العلاقة بين العبد والسيد الأبيض هي الأساس في الرواية، حيث يجلب السيد العبيد من أجل محصول أكبر من القطن. وقد تميزت هذه العلاقة بالتسلط والقهر والتملك الكامل، فلا إرادة أو رأي أو كيان للعبد، فالسيد يقرر عنه كل شيء، بل لا يتورع بعضهم أن يستولي على نسائهم في ليلة فرحهم. وقد كان العبيد يعيشون كالبهائم، عليهم أن يعملوا دون كلل أو ملل، وأن يتناسلوا لجلب المزيد من العبيد، وإذا مرضوا لا يُعالجون إلا بعد فوات الأوان، وإذا أخطأ أي منهم، فمصيره الجلد والتعذيب، وإن حاول الهرب فالشنق على الأشجار، بعد حفلة قاسية من التعذيب، وتركه فريسة للغربان والصقور. وكانت فرق صيد العبيد مخصصة لمطاردة الهاربين في كل مكان، تفتش البيوت، وتنتهك الحرمات، وتأخذ على الشبهة والظن وإن كان رجلاً أبيض.
أما فنون التعذيب فهي غاية في الوحشية والرعب، فقد صنعوا ما يخطر وما لا يخطر على البال من وسائل وأدوات التعذيب والأغلال والسلاسل، وكانوا يجلدون العبيد بالسوط حتى تتفسخ اللحوم ويظهر عظمها، ثم يفركونها بالفلفل الأسود، ويشوون الأجساد، ويقطعون الأرجل والأيدي والآذان وأعضاء الذكورة أحياناً، ويسملون العيون، وغيرها من فنون التعذيب الجحيمية؛ لذا كان العبد لا يجرؤ على الهرب؛ لأن ما ينتظره من عذاب إن أُمسك به يفوق الخيال، فما يجده في ساعات من التعذيب والبطش والتنكيل يعادل شقاء العمر كله، وخاتمته الموت، بل الموت هو الحلم والملاذ عندئذ.
وكان هؤلاء السادة يعتبرون عبيدهم أدنى من الحيوانات، ولا يؤمنون بقدرتهم على التفكير، ويعتقدون أنه يُمكن تعليم الطيور والحمير، ولكن لا يمكن تعليم العبيد، وكان مصير العبد الذي يقرأ أو يكتب التعذيب؛ لأن العبد الذي يمسك كتاباً أخطر من العبد الذي يمسك سلاحاً.
أما علاقة السود في الولايات المتعاطفة معهم فهي دونية، وإن كانوا يؤمنون بحريتهم، ولكنها حرية مقيدة، يحاولون برمجتها وتأطيرها، فهم يرون أن هؤلاء الملونين طاعون أسود؛ فعددهم في بعض الولايات يفوق البيض؛ لذا يخشون من تهديدهم وانتقامهم إذا نالوا حريتهم، ومن هنا حاولوا إقناع النساء السود بتحديد النسل، وكانوا يؤمنون بأن السود لا يستطيعون إدارة أنفسهم، وخصصوا لهم متاجر ومطاعم وحانات خاصة، تبيع بأضعاف أسعار البيض، وكانت سرقة جثث السود وبيعها لطلبة الطب تجارة رائجة، كما لم يستطع هؤلاء حماية السود الهاربين إن طالب بهم أسيادهم.
علاقة العبيد فيما بينهم كانت شائكة وغريبة؛ فالثقة شبه معدومة، ولا يؤمنون بأنفسهم وبقدراتهم وإمكانية تعلمهم وتدبر أمرهم، ولا يفكرون بالحرية وإن كانت حلمهم، يعتدون على بعضهم بعضاً، ولا يتورعون عن الوشاية عن الهاربين، وإذا تقلد أحدهم مسؤولية تحول إلى فظ شرس لا يرحم، وإن اختيرت إحداهن محظية للسيد الأبيض تكبرت وتعجرفت.
وبعد.. فالرواية جميلة على الرغم من قسوتها وآلامها، مشوقة ومثيرة، تترك أثراً عميقاً في النفس، وأن طريق الحرية طويل وشائك وقاس وغير معبد، مليء بالأشواك والصخور والنيران، ونهايته غير مضمونة!
وقد وصفتها بعض المراجعات الصحفية الأمريكية بأنها رواية مذهلة، تصوّر واحدة من أشدّ اللحظات الأمريكية سوداويّة بضوء جديد، وتقدم وجهة نظر جديدة للعبودية؛ وصمة العار الكبرى في التاريخ الأمريكي.
** **


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.