شكل تقرير الأممالمتحدة صدمة لكثير من المتابعين للشأن اليمني، فالتقرير الذي تجاهل عنوة جرائم حرب معتبرة من قبل لجان حقوق الإنسان في الأممالمتحدة ارتكبتها ميليشيات الحوثي ليساوي بين الحوثيين والتحالف العربي حول استهداف الأطفال، وبالتأكيد فإن الصدمة لها اعتباراتها وفي الجهة المقابلة فإن التقرير حمل مضموناً سياسياً مهماً كما حمل كذلك رسالة ابتزاز للتحالف العربي لا يمكن تجاهلها في سياق فساد الأممالمتحدة وهو ما أكده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من على منصتها في سبتمبر 2017م عندما أكد الحاجة لهدم المؤسسة الدولية وإعادة بنائها من جديد. في الأزمة اليمنية جانب غير منظور وهو أن المنظومة الخليجية بقيادة السعودية تداركت الأزمة اليمنية مبكراً ونجحت في 2011م من التدخل بين أطراف النزاع عبر المبادرة الخليجية وهي التي نجحت في فض الاشتباك وجنبت اليمن (تدويل) الأزمة على غرار ملفات سوريا والعراق وليبيا وغيرها من الملفات الملتهبة، وبرغم أن الأممالمتحدة كانت قد عينت مبعوثاً أممياً لليمن جمال بن عمر الذي أوكلت إليه الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية غير أنه قاد اليمن إلى صراع عسكري مفتوح بعد تجاهله في مختلف تقاريره المرفوعة إلى مجلس الأمن الدولي إسقاط عمران ثم الوجود الحوثي في العاصمة صنعاء ووضع الرئيس هادي ونائبه بحاح تحت الإقامة الجبرية حتى إسقاط صنعاء في 21 سبتمبر 2014م، بل إن جمال بن عمر بقي يدير مناقشات وثيقة الحوار الوطني بين الأحزاب السياسية اليمنية في فندق موفمبيك بوجود (حزب الإصلاح والمؤتمر والحوثيين) مشرعناً الانقلاب الحاصل برغم خروج الرئيس هادي من صنعاء واستمر في مهمته حتى انطلقت عاصفة الحزم. كل التقارير الأممية التي تحاول بشكل أو بآخر الإضرار بالتحالف العربي هدفها الأساسي إبعاد السعوديين عن الملف اليمني وتدويل هذا الملف لتحويل اليمن إلى أزمة دولية لفتح الصراع الدولي في هذا الجزء، قد تكون الأممالمتحدة تدرك ذلك وقد تكون تستخدم لتدويل الأزمة اليمنية، غير أن ما تدركه السعودية أكثر هو إبقاء الملف اليمني في إطاره العربي لذلك أعلنت الرياض عن عملية «إعادة الأمل» التي تضمنت تقديم المساعدات الإنسانية لكافة المناطق في اليمن بما فيها المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون، كما تضمنت العملية التوصل إلى حل سياسي يعيد الشرعية إلى اليمن. قبيل تحرير العاصمة الجنوبية عدن في يوليو 2015م أقدمتيليشيات الحوثي على ارتكاب مجزرتي دار سعد والتواهي وصنفتها الأممالمتحدة بأنها جرائم حرب، كما تضمن تقرير الأممالمتحدة وجود 12 ألف لغم في محافظة لحج مما يعد أيضاً جريمة حرب، كما وثقت الأممالمتحدة الأطفال الأسرى الذين احتجزتهم المقاومة الجنوبية أثناء تحرير عدن وتم توثيق كافة الحالات وقامت السعودية بافتتاح مركز تأهيل للأطفال ثم سلمتهم إلى الأممالمتحدة التي أعادتهم إلى أسرهم، كل هذه الثوابت تجاهلها تقرير انطونيو غوتيريس بشكل يكشف خطورة أهداف هذا التقرير. قدمت اللجنة الوطنية اليمنية إلى دورة مجلس حقوق الإنسان التي عقدت في أوائل أكتوبر 2017م تقريراً شاملاً رصدت فيه تجنيد الحوثيين لعشرين ألف طفل في هذه الحرب، كما وثقت انتهاكات باستخدام الأطفال كدروع بشرية في جبهات القتال، كما أكدت اللجنة الوطنية استخدام الحوثيين لمقرات الأممالمتحدة والمدارس والمستشفيات لتخزين الأسلحة، كما أكد التقرير حالات اتجار بالبشر تقوم بها جماعة الحوثي بشكل واسع في تهامه الساحلية، هذا التقرير المعتمد والذي أيضاً وثق حالات الموقوفين في قضايا الإرهاب في محافظتي حضرموتوعدن بانتظار تشغيل النيابة العامة وإحالتهم إلى القضاء للبت في حالاتهم مما يُسقط ادعاءات الأممالمتحدة. تجاهلت الأممالمتحدة اعتداء الحوثيين على المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد في صنعاء بالرصاص الحي، كما تجاهلت عدم وجود مبعوثيها في المناطق المحررة ورفض الأممالمتحدة افتتاح مقرات لها في عدن، كل هذا لم يأت إلا من انحياز فاضح للأمم المتحدة، فيكفي أن جلسة مجلس الأمن الدولي المؤرخة في 30 مايو 2017م حضرتها رضية المتوكل (حوثية) لتمثل منظمات المجتمع المدني في اليمن أمام كافة أعضاء المجلس وتحدثت لمدة 25 دقيقة عن مظلومية جماعتها الحوثية مما يؤكد تماماً أن انحياز الأممالمتحدة وتجاهلها تقديم السعودية والإمارات لأكثر من 12 مليار دولار كمساعدات إنسانية قدم جزء منها لمحافظة صعدة معقل الانقلابيين. تدويل الأزمة اليمنية يشكل خطراً حقيقياً وهي رغبة إيرانية تحاول من خلالها طهران أن تجد لنفسها حضورًا كاملاً في الأرض اليمنية على غرار وجودها في سوريا والعراق عبر الحرس الثوري، هذا الخطر يتنامى بتقارير الأممالمتحدة التي تعمل على ابتزاز التحالف العربي سياسياً بشكل مقيت وفاضح.