بحضور عالمي الصبغة، وإبداعي المضمون، جمع فيه حداثة الفن بقيمة وقامة التكريم، افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة يوم الجمعة الماضية فعاليات الدورة الثالثة عشرة لبينالي الشارقة. وقد رافق سموه في جولته على الأعمال الفنية عدد من أصحاب السمو الشيوخ وكبار المسؤولين في حكومة الشارقة بمشاركة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالمملكة العربية السعودية، الذي حل ضيفًا على الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، إضافة إلى جمع من الدبلوماسيين وضيوف البينالي من نقاد وكتّاب وإعلاميين. وقد قام الجميع بجولة على أقسام البينالي في المباني الفنية لمؤسسة الشارقة للفنون في منطقة المريجة بالشارقة. واستمع الجميع إلى شرح مفصل من قيّمة البينالي كريستين طعمة، بحضور الشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون والفنانين المشاركين. الفائزون يتسلمون جوائزهم من يد الشيخ القاسمي من جانب آخر، وفي مساء يوم الافتتاح، قام حضرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، ترافقه الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، بتكريم المشاركين الفائزين بجوائز البينالي 13، بدءًا بلجنة التحكيم المؤلفة من عضوية الدكتور يوسف عيدابي وإنجونة فال وأدريانو بيدروسا. وكانت الجوائز بالتساوي للفنانين الآتية أسماؤهم: انجي إيفينز وأوريل أورلو ودينو سيشي بوباب ووليد سيتي. كما منحت جائزة تقديرية للفنان الفلسطيني الراحل علي جابري (1943 - 2002) مخصصة لترميم أعماله الفنية. وقد حمل بينالي الشارقة في دورته الثالثة عشرة عنوان «تماوج»، قدم من خلالها أربع ثيمات، تتضمن (الأرض، المحاصيل، المياه والطهي)، وقامت قيّمة بينالي الشارقة 13 كريستين طعمة بشرح وافر حول العروض والأعمال المقدمة لهذه الدورة، التي تتنوع بين حلقات نقاش وحوارات وعروض للأفلام وعروض للأداء وورش عمل. وشارك أكثر من 70 فنانًا من مختلف أنحاء العالم في البينالي المتضمن حلقات نقاش وحوارات وعروض أفلام ومجموعة متنوعة من عروض الأداء المرتبطة بالإطار المفاهيمي لشعار البينالي «تماوج». وستعرض الأعمال المشاركة في مواقع عدة في إمارة الشارقة، من ضمنها ساحة مريجة، وساحة الخط العربي، وساحة الفنون، واستوديوهات الحمرية، ومبنى الطبق الطائر، والقبة السماوية. بينالي الشارقة شاهد على حضارة وامتداد دولي ويُعدُّ بينالي الشارقة شاهدًا، يوثق ما تحقق للمجتمع الخليجي - ممثلاً في حكومة الشارقة - من تقدُّم نحو الحضارة الحديثة التي تُعد الفنون أبرز سبل التوثيق فيها، كما هي الشواهد التاريخية التي خلفتها الحضارات. وأصبح بينالي الشارقة بشهادة نقاد الفن ومؤرخيه من أهم التظاهرات الثقافية في العالم العربي؛ إذ شكل منذ انطلاقته عام 1993م منحنى مهمًّا في عالم تفعيل الفنون في دولة الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص، كعمل حكومي تشرف عليه مؤسسة الشارقة للفنون، التي خصصت للارتقاء بالفنون عامة؛ فأصبحت منصة عرض لأهم ما تشهده الحركة الفنية حول العالم. وامتد هذا الاهتمام بما يتم من دراسات وبحوث في مؤسسة الشارقة، تبنى على كل خطوة تمثلها دورات البينالي ولقاء، بنت المؤسسة من خلالها جسرًا ثقافيًّا وحلقات تواصل بينها وبين تجارب الفنانين والمؤسسات الفنية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. لم يتوقف بينالي الشارقة عند حدود المحلية كما بدأ، بقدر ما وضعت له الشيخة حور القاسمي منذ تسلمها إدارته خطة عمل، تجاوزت بها حدود الشارقة الجغرافية وحدود البينالي الزمنية؛ لتصبح الشارقة منطلقًا نحو دول ومدن، منها إسطنبول وبيروت وداكار ورام الله والشارقة. ويقدم بينالي الشارقة 13 برنامج أفلام مكونًا من مجموعة متنوعة من الأفلام المستقلة، ساعيًا إلى خلق منصة مختلفة لمحبي السينما في دولة الإمارات. ويتضمن البرنامج مجموعة مختارة من الأفلام ذات الصلة بثيمات البينالي الأساسية، من بينها فيلم «خطوة خطوة» للمخرج أسامة محمد، وفيلم «هدية من الماضي: 20 سبتمبر» للمخرجة كوثر يونس، وفيلم «حاجتين تلاته نسيت أقولهملك» للمخرج أحمد الغنيمي، وفيلم «آخر أيام المدينة» للمخرج تامر السعيد، وغيرها من أفلام تعرض أسبوعيًّا في سينما سراب المدينة التابعة لمؤسسة الشارقة للفنون. تنوُّع إبداعي نحو رؤية متجددة تنوُّع العروض بين تركيب ومسندي وأفلام، وتوزيعها في العديد من المواقع، يجعلان المشاهد لها والزائر في عالم من التنوع، ويشعر المختص بأن ما يتم في البينالي من خلال دوراته التي وصلت إلى الرقم 13 يحمل رؤية مستقبلية لمفهوم الفن وعلاقته بالحياة والواقع بعيدًا عن التسجيلية وأعمال الفنانين في حِقَب تاريخ الفن؛ فالبينالي يعيد تشكيل الواقع الإبداعي، ويستفز حالات الإبداع، ويكشف أبعاد الفكرة من خلال الشكل المركب أو الأفلام أو لغة الجسد.. ويستند الفنانون في تقديم أعمالهم إلى احترام ذائقة المتلقي بقراءة متعمقة لثقافات المجتمعات؛ باعتبار الفن رسالة ترتقي بالفكر، وتجدد الذائقة، وتستثير الوجدان، وتحرك العقل للبحث عن الأسئلة والإجابات عبر بيانات علقت بجانب كل عمل.
