مبادرة 30x30 تجسد ريادة المملكة العالمية في تحقيق التنمية المستدامة    إنسانية دولة    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان هاتفيا العلاقات الاستراتيجية بين البلدين    محافظ جدة يثمن جهود مكافحة المخدرات    «الرؤية» في عامها الثامن.. سلسة إصلاحات ومنجزات    الذكاء الاصطناعي يتنبأ باستقالة الموظفين    انخفاض أسعار الذهب إلى 2304.99 دولارات للأوقية    المملكة تجدد مطالباتها بوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيّين في غزة    عدوان الاحتلال.. جرائم إبادة جماعية    المملكة تدين استمرار الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جرائم حرب شنيعة بغزة دون رادع    في انطلاق بطولة المربع الذهبي لكرة السلة.. الأهلي والاتحاد يواجهان النصر والهلال    شاهد | أهداف مباراة أرسنال وتشيلسي (5-0)    ديربي ميرسيسايد يجمع ليفربول وإيفرتون..ويونايتد يواجه شيفيلد    مكافحة إدمان الطلاب للجوال بحصص إضافية    200 ألف ريال تعويض للمتضررين من أهالي قرية طابة بحائل    أضغاث أحلام    أمير القصيم يطلع على مسارات جائزة التميز    الدورة ال23 للمجمع الفقهي الإسلامي تختم أعمالها بقرارات تشمل الذكاء الاصطناعي ورؤية الهلال والمتاجرة بالعملات    أمير منطقة المدينة المنورة يرعى حفل النسخة الأولى لمنتدى العمرة والزيارة    طريقة عمل مكعبات الدجاج المقلي بصلصة البرتقال    طريقة عمل ديناميت شرمب    طريقة عمل كرات الترافل بنكهة الليمون    "آمن" يقدم برامج توعوية في الأمن السيبراني    مجلس الشيوخ الأمريكي يمرر حزمة مساعدات أوكرانيا    اختيار المملكة مركزاً للمعرفة يؤكد ريادتها في التنافسية العالمية    عبدالعزيز بن سعد يناقش مستقبل التنمية والتطوير بحائل    تعزيز التعاون العدلي بين المملكة وهونغ كونغ    الشرطة تقتل رجلاً مسلحاً في جامعة ألمانية    سورية.. الميدان الحقيقي للصراع الإيراني الإسرائيلي    سعود بن نايف يشدد على تعريف الأجيال بالمقومات التراثية للمملكة    محافظ الأحساء يكرم الفائزين بجوائز "قبس"    مركز التواصل الحكومي.. ضرورة تحققت    أتعبني فراقك يا محمد !    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة 45 من طلبة جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل    متى تصبح «شنغن» إلكترونية !    العدالة الرقمية    انطلاق أعمال منتدى العمرة والزيارة في المدينة    أمير تبوك: المملكة تعيش نهضة تنموية شاملة    فيصل بن مشعل: نفتخر ونعتز بما حققته مستهدفات الرؤية    العروبة يتغلب على الخلود بهدف في دوري يلو    ست مواجهات في ممتاز الطائرة    يوفنتوس يتأهل لنهائي كأس إيطاليا رغم خسارته أمام لاتسيو    العين الإماراتي إلى نهائي دوري أبطال آسيا والهلال يودّع المسابقة    أخضر تحت 23 يستعد لأوزباكستان ويستبعد مران    الوحدة تزيد الرغبة في السكريات    الحميات الغذائية الطبية وسيلة لشفاء القولون العصبي    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي منسوبي فرع الرئاسة العامة بمنطقة جازان    مجمع الخيام الجديد يمهد لهجوم إسرائيلي قريب    300 موهوب بنهائي أولمبياد "أذكى"    4 ميداليات لجامعة نورة    دوريات «المجاهدين» بالمنطقة الشرقية تقبض على شخص لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    القصاص من مواطن قتل أخته    الفريق البسامي يستعرض الخطط الأمنية لقوات أمن الحج    تدشين أول مزرعة حضرية داخل المتاجر وأسواق المنتجات الغذائية    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    السديس يُثمِّن جهود القيادة الرشيدة لتعزيز رسالة الإسلام الوسطية وتكريس قيم التسامح    الإعلام والنمطية    دور السعودية في مساندة الدول العربية ونصرة الدين الإسلامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تحتاج اللغة العربية ليوم عالمي؟ 2
نشر في الجزيرة يوم 21 - 01 - 2017

التدمير قائم على قدم وساق في الإعلام، واللوحات الإعلانية، والفن، والموسيقى، وفي الشركات التي إن قدر الله عليك ودخلتها وأنت لا تتقن العربية فإنه لن يسعفك سوى ما فتح الله به عليك من لغة الإشارة التي ستستعملها للطوارئ، وستجد أن لغة العرب لن تفيدك على الرغم من كونك وسط جزيرتهم!
سافرت إلى بلد خليجي (قبل أن أتعلم اللغة الإنجليزية) فلبثت ساعات أريد سؤال أحد عن مكان ما فلم أجد من يفهمني حتى هممت بأمر سوء! وفي نهاية المطاف قابلت أحد الإخوة السودانيين فكدت أحضنه من سعادتي به وكأنني قابلت أبي! حتى هو على ما يبدو سعد بي كثيراً إذ يبدو أن له أياماً يبحث عن العرب، ومن أنسه بي، جلس يتحدث إلي، وكان مما أخبرني به أنه عاش في السعودية ثمانية عشر عاماً ضمن أمور أخرى، وكأنه يريد أن يثبت لي أنه عربي لما رأى من عدم تصديقي! هذا البلد يُعد من أكبر المحتفلين اليوم بما يسميه (#اليوم_العالمي_للغة_العربيه)!! وأنا هنا لست بصدد ذم هذا البلد الشقيق، فنحن على آثاره سائرون، وإنما أشير إلى عمق المشكلة الحقيقي.
نسمع كثيراً من بعض الزملاء غير المتخصصين وغيرهم أنهم ضعفاء في العربية، وبالتالي فإنهم يتجنبون استخدامها، تجنبا للأخطاء المحرجة (أعني في كلياتهم ومناشطهم الثقافية... لا في البيت أو السوق أو الاستراحة). وأقول لهم: المسألة هينة. لا تعرب الكلمات، أي لا ترفع ولا تنصب ولا تجر إن كنت لا تعرف، ولكنك لن تعجز أن تستخدم عبارات مثل (اذهب، وادخل، ويجب أن تفعل، وسأختبركم... إلخ) بدل (روح، وخش، لازم تسوي، وحأختبركم...). وتستطيع أن تستخدم (عرْض، وفصْل، وقاعة، واختبار قصير، واختبار نصفي... إلخ) بدل (بريزنيشن، وتيرم، وكلاس، وكويز، وميد تيرم...).
وضمن الحديث عن الشكل والمضمون، سأسأل هنا ما الذي ساعد اللغة الإنجليزية على الانتشار؟ هل اكتفى أهلها بإقامة الاحتفالات والمؤتمرات والوسوم (التويترية) التي تملأ الدنيا؟ وهل لو فعلوا ستبقى حية وقوية ثم تواصل انتشارها؟ أليس الذي أبقاها هو استخدامها قولاً وكتابة؟ هل تظن أن الإنجليزي سيصمت لو سمعك تقول مثلاً: I go yesterday university?
وتعني: أنا أذهب أمس إلى جامعة
والصواب: I went yesterday to the university
وتعني أنا ذهبت أمس إلى الجامعة (جامعة معينة)
لا والله إنهم لا يدعونها تمر، أقولها عن تجارب عديدة. هم مؤدبون لا يقولون لك: إنك أخطأت، لكنهم يتظاهرون بعدم فهمهم لك حتى لو كان المعنى في غاية البساطة، ثم يعيدون لك الجملة مصححة ليقولوا: إننا لم نفهمك لأنك استخدمت أسلوباً خاطئاً، وهذا (المعاد) هو الأسلوب الصحيح.
بل ما الذي أعاد اللغة العبرية التي ماتت سريرياً لآلاف السنين؟ هل هي المؤتمرات أم الاحتفالات بيوم لغة عبرية، أم فرضها بوصفها لغة قومية تعبر عن هوية الشعب اليهودي الذي جاء من أشتات الأرض لا يكاد يعرف منها سوى كلمات دينية معدودة؟! أليسوا الآن يحترمونها لدرجة التقديس ولا يرضون تدريس العلوم إلا بها، ويترجمون كل ما استجد في العالم إليها بشكل دوري؟! لماذا يعيش اليهودي المحتل في محيط متلاطم من العرب ولا يعرف لغتهم إلا إذا درسها كتخصص؟! أليس لأنه يجلها ويركز اهتمامه على لغته التي يراها جزءاً لصيقاً من هويته؟!
إن الأصل في اللغة أساساً أن تُتعلّم عن طريق الأذن لا العين، أي الاستماع لا القراءة، وهذا هو ما يفعله الأطفال منذ ابنيْ آدم إلى اليوم، وسماع الأطفال في مدارسهم وبيوتهم للغة الصحيحة (أو المهجنة أو الرديئة) هي التي توقر في أذهانهم وتحتفظ بها عقولهم الباطنة، وتحضر على ألسنتهم عند الحاجة، وأما ما يتعلمونه نظرياً، فلا يكاد يتجاوز ورقة الاختبار، وهذا مشاهد لكل ذي بصيرة!
إذن لغتنا العربية ليست بدعاً من لغات البشر، وتخدير أنفسنا بهذه المظاهر الاحتفالية وشعارات من قبيل: العالم يتكلم #بالعربي أو #لغتي_هويتي أو #العربية_لغة_العلوم، أو بالادعاء بأن اللغة محفوظة بوعد من الله... كل هذا لن يفيدها في شيء، إلا كفائدة الشجرة المهملة التي تغمر بالمياه في أحد أيام العام. فالله تعالى وعد بحفظ كتابه ولم يعِد بحفظ اللغة، وحتى لو ذهبنا مع المحتجين بأن الذكر لا يُحفظ إلا بحفظ لغته (العربية) - مع أن هذا يبقى تأولاً معتمداً على حجة منطقية - ومع ذلك لو افترضنا أن ذلك هو معنى الآية الحقيقي، فإن الله تعالى إنما وعد بحفظ اللغة وليس حفظنا نحن وحفظ ألسنتنا من اندثار لغتها. والواقع يشهد أن شعوباً كانت العربية لغتها الرسمية لقرون قد أصبحت فيها اليوم نادرة أو معدومة، ومنها بلدان أعضاء في الجامعة العربية! كما أن الذكر ما زال محفوظاً في بلدان إسلامية لا تتكلم العربية، بل إنه محفوظ فيها أكثر مما هو محفوظ في بعض البلدان العربية!
إذا خدمنا لغتنا عبر هذه الأولويات وما يشابهها من الأمور التطبيقية استطعنا الادعاء بحق أننا نحترم لغتنا ونعمل على حمايتها. وعندما نهتم باللب ونربي أبناءنا وطلابنا على الجوهر الحقيقي لهذه المسألة، ولم نستطع الفكاك من الأمور (المظاهرية)، فعندئذ لا بأس أن نحتفل بيوم عالمي، على أن يكون الاحتفال فعالاً ومؤثراً، وليس شكلياً. ومن الاقتراحات التي تجعله فعّالاً:
1 - أن تجعل الحكومات هذا ا ليوم (18 ديسمبر [وواضح من نوع التاريخ احترام ثقافتنا!]) أن تجعله يوماً للتحدث باللغة العربية فقط، وتشجع على ذلك، وتقابل وسائلُ الإعلام الناس في الأسواق وأماكن التجمع، وترصد الجوائز تشجيعاً لمرتاديها، ممن يظهرون احترام لغتهم، وتفرض غرامات على أي صحفي أو منبر إعلامي يستخدم كلمة وافدة، في ذلك اليوم على الأقل، إجلالاً للغة القرآن في وطنها الأم. يُستثنى من ذلك ما كان لضرورة ملحّة (الأسماء مثلاً: تويتر، وفيس بوك، واتس أب، أنستقرام وما شابه... وليس منها: تاكسي، وميتينق، وويك إند... إلخ).
2 - أن تمتنع الجامعات، ومعاهد تعليم اللغات في ذلك اليوم (على الأقل)، عن تدريس أي لغة أجنبية، وبدلاً من ذلك تجعل حصص تلك الأقسام ومحاضراتها عن اللغة العربية وعن دورها في تاريخ العرب وحضارتهم وفي تاريخ العالم كله. فإن من الأجانب من يعيش بيننا ولا يعرف عن لغتنا شيئاً. ولقد قابلت أجنبياً ولد عندنا وعاش إلى سن الثامنة عشرة في بلادنا، ولا يستطيع أن يتكلم بجملة واحدة سليمة حتى بالعامية، فاستغربت وسألته، فقال: إنه نشأ في محيطه العائلي ولم يحتك بأحد من العرب، ودرس إلى أن أنهى الثانوية في مدرسة تتبع بلده وجاليته، ثم عاد لإكمال دراسته العليا في بلده! لماذا لا نعرفهم بالعربية في يومها العالمي؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.