الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقوم بزيارة تفقدية    أمر ملكي بالتمديد للدكتور السجان مديراً عاماً لمعهد الإدارة العامة لمدة 4 سنوات    رئيس هيئة الأركان العامة يشهد ختام مشاركة القوات المسلحة في تمرين "إيفيس"    مشرف «سلمان للإغاثة»: 129 مليار دولار حجم المساعدات السعودية ل169 دولة في 28 عاماً    د.خرمي: القطاع غير الربحي يعد شريكاً أساسياً    الذهب يستقر قبل بيانات التضخم الأمريكية    الهلال يبحث عن الثلاثية على حساب النصر    "فرحة نجاح" تبهج قلوب 200 طالب وطالبة من ذوي الإعاقة بمكة    مورينيو يختار فريقه الجديد    حجاج مبادرة "طريق مكة" بمطار سوكارنو هاتا الدولي بجاكرتا    أمير القصيم وسمو نائبه يعزيان العبدالقادر بوفاة شقيقته    خلافات أمريكية - صينية حول تايوان    وكيل إمارة حائل يرأس اجتماع متابعة مكافحة سوسة النخيل الحمراء    «الجمارك»: إحباط تهريب 6.51 مليون حبة كبتاغون في منفذ البطحاء    لا موانع أمام ترمب من الترشح والعودة للبيت الأبيض    فاتسكه: دورتموند قادر على تحقيق شيء استثنائي أمام الريال    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والنبوي    أرامكو تستحواذ على 40% في شركة غاز ونفط باكستان    رياح مثيرة للأتربة والغبار على مكة والمدينة    فيصل بن فرحان يلتقي وزير الخارجية الصيني و وزير الخارجية العراق    إسلامية جازان تقيم ٦١٠ مناشط وبرنامج دعوية خلال أيام الحج    ترقية 1699 فرداً من منسوبي "الجوازات"    المملكة ضيف شرف معرض بكين للكتاب    5 مبتعثات يتميّزن علمياً بجامعات النخبة    منتدى عالمي يناقش مستقبل أشباه الموصّلات بالرياض    وزير الداخلية يدشن مشاريع أمنية بعسير    "سامسونغ" تستعد لطرح أول خاتم ذكي    3 شروط للتسجيل في برنامج احتضان لتقنيات الفضاء    توجيه أئمة الحرمين بتقليل التلاوة ب"الحج"    أطعمة تساعدك على تأخير شيخوخة الدماغ    الرياضة المسائية أفضل صحياً لمرضى للسمنة    البنك الأهلي واتحاد «القدم» يجددان الرعاية الرسمية للكرة السعودية    غارات أميركية-بريطانية مشتركة ضدّ مواقع للحوثيين في اليمن    الغامدي يكشف ل«عكاظ» أسرار تفوق الهلال والنصر    ثانوية الملك خالد بخميس مشيط تحتفل بخريجيها لعام 1445 ه    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    الخريف لمبتعثي هولندا: تنمية القدرات البشرية لمواكبة وظائف المستقبل    «الدراسات الأدبية» من التقويم المستمر إلى الاختبار النهائي !    مطار المؤسس يستقبل رحلات ضيوف الرحمن القادمين من سورية لأداء الحج    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    جدة تتزين لأغلى الكؤوس    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    كيف تصبح زراعة الشوكولاتة داعمة للاستدامة ؟    5 أطعمة غنية بالكربوهيدرات    "الخارجية الفلسطينية" ترحب بقرار سلوفينيا الاعتراف بدولة فلسطين    المملكة تستضيف الاجتماع السنوي ال13 لمجلس البحوث العالمي العام القادم    المعنى في «بطن» الكاتب !    كيف نحقق السعادة ؟    العِلْمُ ينقض مُسلّمات    الحوكمة والنزاهة.. أسلوب حياة    تشجيع المتضررين لرفع قضايا ضد الشركات العالمية    عبدالعزيز بن سعود يلتقي عدداً من المواطنين من أهالي عسير    عبدالعزيز بن سعود يطلع على عدد من المبادرات التنموية التي تشرف على تنفيذها إمارة عسير    أمير القصيم يكرم 7 فائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز    حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة تبوك    جرائم بشعة بحق الفلسطينيين.. استمرار مجاز الاحتلال في خيام النازحين    تكريم الفائزين بجائزة الباحة للإبداع والتميز    6 أنشطة ابتكارية عالمية لسعوديين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في وداع رمضان

الحمد لله الذي لا تُدْرِكُهُ الأوهامُ ولا الظنون، ولا تَنَالُهُ الآفاتُ ولا المنون، الذي أنزلَ الكتابَ المكنون، وخَلَقَ الإنسانَ من صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مسنون، وإذا قضى أمرًا فإنما يقولُ لهُ كُنْ فيكون، فَضَّلَ شهرَ رمضانَ بالعفوِ والغفران، والرحمةِ والعتقِ من النيران، وأنزلَ على نبينا في الكتابِ المكنون وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (سورة البقرة 186). نحمدُهُ حمدًا يتقرَّبُ بِهِ المُتَقَرِّبون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً تنفعُ قائلها يومَ لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلاَّ مَنْ أتى اللهَ بقلبٍ سَليْم، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله النبيُّ الكريم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرا.
إخواني: تداركوا مواسمَ الخَيْرات، وتنافسوا في الأعمال ما دمتم في أيامِ الحياة، وبادروا بالأعمالِ الصالحةِ قَبْلَ غَلْقِ الباب، وسلوا مولاكم قَبُولَ المتاب، ولازموا العكوفَ على الباب، وداوموا على تلاوةِ الكتاب، وتداركوا بقيَّةَ شَهْرِ الفضلِ والإحسان، شَهْرِ الرَّحمةِ والغفران، ومواسمِ العتقِ من النيران، فاجتهدوا رحمكم الله في باقيه، وتلافوا تفريطكم ما أمكن تلافيه، فإنَّ شهرَ رمضانَ يمضي سريعًا وكأنه طَيْفٌ زارَ في النَّوم، كان مُنَبِّهًا لذوي الغفلات والنسيان، وموسمًا لمضاعفةِ الحسناتِ والغفران، ومخصوصًا لفضيلةِ تلاوةِ القرآن، لَيْلُهُ معمورٌ بالقيام، ونهارُهُ مصونٌ بالصيام، فكيف لا تجري دموعُ المؤمنِ على فَقْد رمضان، وهو لا يدري أَحُظِيَ بالقبولِ والغفران، أم رُمِيَ بالطَّرْدِ والحرمان، ثم لا يدري أَهُوَ يدركُهُ بعد هذا العام، فنسأل الله تعالى أن يختم لنا شهرَ رمضانَ بخير، وأَنْ يجعلَ عواقبَ أمورنا كلِّها إلى خير.
إخواني: اشكروا الله تعالى على ما يَسَّرَ لكم من الصيام والقيام وصالح الأعمال، واسألوه القبول والإتمام، فقد أمركم بذلك من بنوره يهتدي المهتدون، فقال تعالى: وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) سورة البقرة 185). وودعوا شهر رمضان بكثرة الاستغفار من التقصير، والعزم على دوام الجد والتشمير، فإن شهر رمضان قد تهيأ للرحيل، ولم يبقَ منه إلا القليل، وقد اقتسم العاملون فوائده، فلقد كان للمتقين روضة وأُنسا، وللغافلين قيدًا وحبساً، كان نزهة للأبرار، وقيدًا للأشرار، فطوبى لمن حَلَّ فيه عُقَدَ الإصرار، وحَلَّ في روضة التقوى في منزل الافتقار، أيُّ شهرٍ قد تولى يا عباد الله عنا، حُقَّ أن نبكي عليه بدماء لو عقلنا، كيف لا نبكي لشهرٍ مَرَّ بالغفلة عنا؟ ثم لا نعلم أنا قد قُبلنا أو طُردنا، ليت شعري، من هو المقبول والمطرود منا؟ ومن المقبول ممن صام منا فيُهنَّى؟ كان هذا الشهر نورًا بيننا يُزهر حسنًا، فاجعل اللهم عقباه لنا نورًا وحسنا.
إخواني: هذا شهر رمضان قد عزم على الرحيل، وهو ذاهب عنكم بأفعالكم، وشاهد عليكم غدًا بأعمالكم، فيا ليت شعري ماذا أودعتموه، وبأي الأعمال ودعتموه، أَتُراه يرحل عنكم حامدًا صنيعكم، أو ذامًّا تضييعكم؟ ما أعظم ساعاته! وما أحلى جميع طاعاته! كانت لياليه ليالي عتق ومباهاة، وأسحاره أوقات خدمة ومناجاة، ونهاره زمان قربة ومصافاة، وساعات اجتهاد ومناداة، واعتذار من الهفوات والسيئات.
كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: «من هذا المقبول منا فنهنيه، ومن هذا المحروم منا فنعزيه، أيها المقبول هنيئًا لك، وأيها المردود جبر الله مصيبتك».
إخواني: اعلموا أنكم ستفارقون شهرًا شرفه الله وعظمه، ورفع قدره وكرمه بالصيام والقيام وتلاوة القرآن، أنزل فيه كتابه، وفتح فيه للتائبين أبوابه، شهرٌ جعله الله لذنوبكم تطهيراً، ولسيئاتكم تكفيراً، ولمن أحسن منكم صُحبته ذخيرة ونوراً، ولمن وفّى بشرطه وقام بحقّه فَرَحًا وسروراً، شهرٌ تَوَرَّع فيه أهل الفسق والفساد، وازداد فيه من الرغبة إلى الله أهل الجد والاجتهاد، شهرُ عمارات القلوب، وكفَّاراتُ الذنوب، شهرٌ فيه المساجدُ تُعْمَر، والقلوبُ تُجبر، والذنوبُ تُغفر، شهرٌ تَنزّل فيه البركات، وتَعْظُمُ فيه الصدقات، وتُكَفَّرُ فيه السيئات، وتُقالُ فيه العثرات، وتُدفعُ فيه النكبات، وتُرفعُ فيه الدرجات، وتُرحمُ فيه العبرات، فهنيئًا لكم يا معشر الصائمين والصائمات، والقائمين والقائمات، بما أعَدَّ الله لكم من الخيرات في الجنات، فرحم الله امرءًا مهّد فيه لنفسه قبل حلول رَمْسِه، واشتغل بيومه عن غَدِهِ وأمسه، وتزوَّدَ من بَقِيَّة زاده، وأظهر لفراقِ شَهْرِهِ حُزْنَهُ، وسلَّمَ على شهرهِ وودعه، وقال: السلام على شهرِ رمضان.
السلام على شهر الصيامِ والقيامِ وتلاوةِ القرآن.
السلام على شهرِ التجاوزِ والغفران.
السلام على شهرِ النسكِ والتعبُّد.
السلام على شهرِ القرآنِ والتهجد.
السلام على شهرِ التراويح.
السلام على شهرِ الأنوارِ والمصابيح.
كان نهارهُ صدقةً وصياماً، وليلُهُ قراءةً وقياماً، فعليه مِنّا تحيةً وسلاماً، أَتُراه يعود بعدها علينا؟ أو يدركنا المنون فلا يؤول إلينا؟ مصابيحنا فيه مشهورة، ومساجدنا فيه معمورة، فالآن تنطفئ المصابيح، وتنقطع التراويح، ونرجع إلى العادة، ونفارق شهر العبادة، فيا ليت شعري، من المقبول منا فنهنيه بحسن عمله؟ أم ليت شعري من المطرود منا فنعزيه بسوء عمله؟.
فيا أيها المقبول، هنيئًا لك في ثواب الله ورضوانه، ورحمته وغفرانه، وقبوله وامتنانه، وخلودٍ في دار أمانه، ويا أيها المطرود جبر الله مصيبتك، وأيقظك من غفلتك.
إخواني: اغتنموا الفرصة ما دمتم في زمن المهلة واعملوا صالحًا، وأخلصوا أعمالكم لمولاكم، واعلموا أن الأيام تمضي، والأعمال تنقضي، والسعيد من اتعظ فيما يجري، فسبحان من افترض صيام شهر رمضان على أمة الإسلام، وحباهم بالفضل والإحسان، وخَصَّهم فيه بالعتق من النيران، وجعله صِحَّةً للأبدان، ومَطْهَرَةً للقلب واللسان، من الذنوب والعصيان، فاحمدوا الله تعالى على ما مَنَّ به عليكم من نعمة الإسلام، وجعلكم من أُمَّةِ خَيْرِ الأنام، واشكروه إذا بلَّغكم شهر الصيام والقيام، واسألوه القبول والإتمام.
اللهم فكما بلّغتنا رمضان، فاجعل عامه من أبرك الأعوام، وأيّامه من أسعد الأيام، وتقبل منا ما قدمناه فيه من الصيام والقيام وتلاوة القرآن وصالح الأعمال.
اللهم إنا قد تولينا شهر رمضان على تفريطٍ منا، وقد أدّينا من حقك قليلًا من كثير، وقد أَنَخْنا ببابك سائلين، فلا تردنا خائبين، ولا من رحمتك آيسين، اللهم اختم لنا شهر رمضان بخير، واجعل عواقب أمورنا كلِّها إلى خير، اللهم اجبر قلوبنا على فراق شهرنا بالغفران، والرحمة والعتق من النيران، واجعلنا فيه من المقبولين، اللهم أعد علينا شهر رمضان أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة ونحن ننعم بأتم صحة وعافية في الأبدان، وأمن في الأوطان، اللهم أعد علينا مواسم الخيرات والطاعات، وتقبَّل مِنَّا ما عملناه من الطاعات، وارفع لنا بها الدرجات، واختم أعمالنا وأعمارنا بالصالحات، وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وبعد الممات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين، برحمتك يا أرحم الراحمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.