تكتسب زيارة سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز أهميتها من خلال المكانة الكبيرة التي تتمتع بها كل من المملكة وتركيا في المحافل الدولية، وما يمثله الوزن السياسي والاقتصادي والأمني والثقافي للدولتين من دور مؤثر في التغلب على التطورات السلبية التي تمر بها المنطقة، وفق رؤية حكيمة وسياسات متزنة، توصف بهما مواقف المملكة وتركيا، فضلاً عن توقيتها وما سيناقشه ضيف تركيا الكبير في مباحثاته مع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الدفاع وبقية المسؤولين الأتراك في وقت يتصاعد فيه التوتر في المنطقة بشكل لافت. *** والأمير سلمان الذي يصطحب معه في زيارته بعض الوزراء والمستشارين والمسؤولين الكبار سيكون مهيًّأ للتفاهم مع المسؤولين الأتراك، وصولاً إلى التطابق في وجهات النظر مع مضيفيه نحو بناء أوثق للعلاقات الثنائية بين الدولتين من جهة، وإيجاد معالجة للقضايا الساخنة من جهة أخرى، تلك التي إذا ما استمرت وطال أمدها فسوف تعيق الاستقرار، وتقوض الأمن في دول المنطقة؛ ما حفز الدولتين إلى ترتيب هذا اللقاء المهم ضمن سلسلة من اللقاءات التشاورية الدائمة، وفي إطار الحرص على تجنيب منطقتنا المزيد من التوتر وفقدان الأمن وإهدار الدماء دون وجه حق. *** إن أهم ما يميز العلاقات السعودية - التركية الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، والتنسيق المستمر في السياسات والتعاون المشترك، منطلقين في هذا من الروابط الدينية والثقافية والتاريخ والجغرافيا التي تسمح بمرور الكثير من الإسهامات والمواقف والمبادرات لإيجاد حل للمشكلات الإقليمية، فتركيا وإن لم تربطها بالمملكة حدودٌ مشتركة فهي ترتبط بالجوار مع أكثر من دولة عربية وإسلامية، بما يؤهلها لأن تكون طرفاً مؤثراً للاستقرار في المملكة، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية. *** وهكذا تأتي زيارة الأمير سلمان مكتسبة كل هذا التميز، ومتمتعة بكل هذا الاهتمام والمتابعة، بأمل أن تحقق أهدافها، وترسم لدول منطقتنا خريطة للمستقبل الأفضل، مستقبل لا يشكو من خلافات ومن صراعات، ولا يعيش المواطن فيه غير آمن، وفي دول غير مستقرة، فالهدف من الزيارة إطفاء الحريق الذي امتد لأكثر من دولة، وتمكين مواطني هذه الدول من الحصول على حقوقهم المشروعة، بما في ذلك خياراتهم في مستقبل دولهم، إلى جانب مراجعة سير وتنفيذ ما تم التوقيع عليه بين الدولتين من اتفاقيات ثنائية خلال زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتركيا عام 2006م، التي كانت نقطة تحوُّل في العلاقات الثنائية كما صرح بذلك أحمد أوغلو، وأخرى عام 2007م، والبحث عن فرص جديدة - وتحديداً الاقتصادية منها - لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين خلال زيارة الأمير سلمان بن عبدالعزيز. *** وإلى أن تختتم زيارة ولي العهد لتركيا، ويعلن عن تفاصيل ما تم بحثه ومن ثم الاتفاق عليه، سوف يكون الجميع بانتظار نتائج الزيارة، وتأثيرها على المسار الثقافي، وحجم ملامستها للجرح النازف في أكثر من دولة في منطقتنا؛ فالأوضاع والأزمات غير المستقرة تقلق الجميع، وما من حل لها إلا بمثل هذه الزيارات رفيعة المستوى بين القيادات والمسؤولين في الدولتين.