يعد مستشفى الصحة النفسية بالطائف من أقدم واشهر المستشفيات النفسية في العالم العربي بصورة عامة، وترجع فكرة انشاء مستشفى للصحة النفسية بالمملكة منذ عهد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - عندما ابتعث في عهد المؤسس الى مصر بعض الطلبة السعوديين لدراسة الطب، وعندما اكمل الطلاب دراساتهم وعادوا للوطن في عهد المؤسس كان من ضمن هؤلاء الطلاب من درس الطب النفسي ومنهم الدكتور اسامة الراضي فوجه المؤسس الى إقامة مستشفى للطب النفسي بالمملكة، فأقيم حينها بمدينة مكةالمكرمة, ثم انتقل المستشفى الى الطائف بحي قروى بالايجار، وقبل اكثر من ثلاثين عاما اقيم أكبر واضخم مستشفى للصحة النفسية اشيد على احدث طراز معماري يحتوي على احدث الاجهزة الطبية والعلاجية ويعمل فيه كوادر طبية عالية ومتخصصة في الطب النفسي ويوجد بداخله حاليا اكثر من ثلاثمائة مريض نفسي يخضعون لعلاجات طبية متواصلة ينقسمون الى عدة فئات من حيث نوعية المرض النفسي، فهناك مرضى لا يستطيع أحد التفاهم معهم على الاطلاق وهؤلاء مصابون بمرض التخلف العقلي الكامل الميؤوس من علاجه الا ما شاء الله، والمرضى المصابون بالانفصام في الشخصية، وغيرهم مصابون بالاضطرابات الوجدانية والظلالة وغير ذلك من الامراض المختلفة,, وفيما يلي سنتعرف مع القارئ على نشاطات المستشفى وما يقدمه من خدمات جليلة لمرضى داخل المستشفى وللمراجعين من خارجه. أهمية قوة العلاقة وبناء الثقة ويؤكد الدكتور عدنان عاشور مدير المستشفى على اهمية إقامة العلاقة القوية وبناء الثقة مع المريض النفسي, حتى يستطيع المريض النفسي التعامل مع الشخص الآخر سواء كان طبيبا او ممرضا او غيره,, وهذا ما نفعله نحن بالمستشفى مع المرضى النفسيين المنومين لدينا او المراجعين بشكل يومي، لذلك تجد هنا كل الاطباء والممرضين يقيمون علاقات قوية مع مرضاهم ويوجد من الثقة ما يسهل للطبيب او الممرض اعطاء العلاج بصورة منتظمة للمريض النفسي بكل يسر وسهولة وجميع الاطباء النفسيون والممرضون وكل العاملين بالمستشفى يتفهمون هذا الدور لخدمة وراحة المريض النفسي. المريض النفسي أهم من الطبيب واضاف الدكتور عاشور انه في حالة وجود طبيب او ممرض لا يجيد التعامل بصورة إيجابية ومفيدة لصالح المريض النفسي فلن يكون هناك رغبة لعمل هذا الطبيب او الممرض بالمستشفى,, فالمريض النفسي يهمنا امره كثيرا ونحن جميعا وجدنا هنا من اجل خدمته,, واكملنا دراساتنا ايضا من اجل هذا النوع من المرض الذي يحتاج الى صبر وتأن وحكمة ودراية كاملة لاكتساب المريض النفسي ونيل ثقته حتى يتحقق اسلوب علاجه بالصورة السليمة التي تخدم المريض النفسي صحيا وتؤهله لاستعادة وضعه الطبيعي كإنسان سليم من أي امراض نفسية. خدمات مميزة داخل لمستشفى ويبيّن انه من اجل راحة وخدمة المريض النفسي هيأت وزارة الصحة كل الامكانات والخدمات داخل مستشفى الصحة النفسية بالطائف, ووضعت للمرضى النفسيين أقساماً سكنية بداخل المستشفى البعض يطلق عليها عنابر، ولكن مهيأة بكل الخدمات من اثاث نظيف وإنارة وأجهزة تلفزيون وخدم مرابطين على مدار الساعة ودورات مياه نظيفة جدا ومغاسل للمياه,, وتتكون هذه المساكن من غرف للنوم ومسجد للصلاة وممرات داخلية لتنفس المريض وراحته. واكثر من ذلك يوجد داخل المستشفى مطبخ عالمي يقدم الوجبات اليومية من مختلف انواع المأكولات على يد الطباخين المهرة وبأسلوب متطور وتحت اشراف ومتابعة ادارة المستشفى,, كما يوجد بالمستشفى صالات ترفيهية للمرضى النفسيين يجتمعون فيها بصورة يومية,, يشاهدون فيها الافلام المناسبة,, ويقرأون الكتب والمجلات والصحف اليومية ويمارسون كل الالعاب الرياضية بملاعب خصصت لهذا الغرض، فالمرضى النفسيون من كل النواحي يتمتعون بخدمات ومميزات لامثيل لها. أوقات المرضى منظمة دائماً وقال: ان المرضى النفسيين داخل المستشفى مشغولون تماما ولا يوجد لديهم اوقات فراغ على الاطلاق اللهم اوقات الزيارة, فلديهم برنامج عملي وترفيهي مزدحم كثيرا منذ الصباح الباكر حتى يرقد في فراشه وهذا البرنامج يبدأ بالمقابلة اليومية مع الطبيب النفسي الخاص بكل قسم سكني والكشوفات الطبية والوقوف على عمليات مراحل تطوير العلاج ونتائجه على المريض النفسي,, وهكذا يتواصل البرنامج بفترة الغداء الرئيسية حتى الفترة المسائية التي تكثف فيها البرامج الترفيهية والرياضية وقراءة الكتب الدينية والثقافية ومشاهدة الافلام والاستماع على المحاضرات والندوات. أسباب انتكاسة المريض النفسي ويؤكد الدكتور عدنان عاشور ان مستشفى الصحة النفسية يؤدي دوره على اكمل وجه لخدمة المريض النفسي واحداث تطور ايجابي في حالته منذ دخوله المستشفى حتى خروجه,, ولكن يحدث ان يعود لنا بعض المرضى الذين يتعرضون لانتكاسات في حالاتهم المرضية ونجد ان الاسباب التي تؤدي الى تلك الانتكاسات هي عدم التزام المريض النفسي بالاستمرار في العلاج وهذه مسؤولية ذوي المرضى النفسيين الذين يهملون عملية متابعة المريض النفسي والحرص على تناوله لعلاجه في وقته ومراجعة المستشفى في حالة انتهاء العلاج، فيجب ان يتعاون معنا ذوو المرضى من اجل تحقيق ذلك وإلا تصبح عملية علاج المريض النفسي غير مكتملة بسبب عدم تعاون ذويه وشخصه عندما يكون خارج المستشفى. سمة من سمات الإنسان المعاصر وحول الامراض النفسية بصورة عامة وكيفية معالجتها ووضع الحلول اللازمة لها تدخل الدكتور اسامة الراضي اول طبيب نفسي بالمملكة ومدير مستشفى الصحة النفسية سابقا وصاحب اكبر عيادات للطب النفسي بالطائف يقول في هذا الصدد: إن المتأمل في أحوال الناس في هذا العصر ليجد ان كثيرا منهم قد ابتلي بأنواع كثيرة من آلام النفوس حتى اصبح المرض النفسي سمة من سمات الإنسان المعاصر، وما نسمعه من محاولات انتحار وارتكاب جرائم بشعة تقشعر لها الأبدان، وشذوذ جنسي وإدمان على المسكرات والمخدرات وانتشار القلق النفسي والاكتئاب وكثرة الهموم والغموم إلا دلالة واضحة على استشراء الامراض النفسية التي هي عبارة عن خلل في التوازن النفسي لدى الافراد. ان في الإسلام وحده العلاج الناجح من أدواء النفوس وأمراضها (اما ما دونه فلا يرقى لأن يمكن ان يسمى علاجا شافيا)، كيف لا وهو دين الله الذي خلق جميع الأنفس وهو العالم بما يصلحها وما يفسدها، وما يمرضها وما يشفيها، وقد جعل القرآن الكريم شفاء ورحمة للمؤمنين وضمنه من الحقائق والتوجيهات والارشادات ما هو كفيل بالقضاء على جميع الامراض النفسية وفيه ما يقي منها ويحفظ صحتها إذا عرفنا كيف نلجأ اليه وأحسنا العمل بتوجيهاته الشاملة (قال تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء )، كيف وان في الاسلام العلاج الشافي من كافة أمراض النفوس,, فلا يخفى على احد موضوع العلاج النفسي الشامل في هذا الزمن الذي انتشرت فيه الامراض بشكل لم يسبق له مثيل,! مسؤولية المربين وأكد إن من أهم المسؤوليات التي اهتم الإسلام بها وحث عليها ووجه الأنظار إليها مسؤولية المربين تجاه من لهم في أعناقهم حق التربية والتوجيه والتعليم فهي الحقيقة مسؤولية كبيرة وشاقة كما هي هامة جداً لكونها تبدأ منذ سن الولادة إلى أن يتدرج الولد إلى مرحلتي التمييز والمراهقة إلى أن يصبح مكلفاً سوياً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه ، وقال صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع . ومما لا شك فيه أن المربي يجد في ترويض الولد وتوجيهه صعوبة ومشقة في البدء ولكن بالقدوة الحسنة وبالتنبيه تارة والمثابرة أخرى والتأسي ثالثة يصبح ذلك خلقاً أصيلاً في الولد وطبعاً كريماً من طباعه وأخلاقه. والصحة النفسية تقرن بسلامة البدن وسلامة النفس مع الموازنة بين المتطلبات الاجتماعية والروحية، وان القرآن الكريم يدعو الإنسان إلى أن يوازن بين متطلبات بدنه التي يلح عليه لاشباعها ومتطلبات روحه المتعلقة بخالقها والمتطلعة إلى النعيم في الحياة الآخرة. قال تعالى: وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا . العلاج النفسي الجماعي الديني: يتميز العلاج النفسي الجماعي الإسلامي عن غيره من العلاجات الجماعية الأخرى كالتحليلي والسلوكي وسواهما: في أنه يضع في الاعتبار المستوى الأفقي بالاضافة إلى الاتصال المباشر بين العبد وخالقه، وأن مرتكزه الأساسي على القيم والمبادئ الاسلامية إلى جانب اعتماد الوسائل العلمية الحديثة التي تثبت فاعليتها في بعض الجوانب، في حين أن العلاجات الأخرى آنفة الذكر تضع في الاعتبار المستوى الأفقي فقط وهي تقتصر على العلاقة بين الفرد والمجتمع فقط. ويجري هذا العلاج الجماعي الديني النفساني بصورة جلسة تنعقد في المسجد لمدة تتراوح بين ساعة الى ساعة ونصف, تعقد الجلسة فيه حسب عدد المرضى بمعدل جلسة واحدة في اليوم الواحد ويفضل ألا يتجاوز عدد المرضى في الجلسة الواحدة عن عشرة مرضى، ويقوم بادارة الجلسة: أخصائي في الطب النفسي وأخصائي اجتماعي، وموجه ديني وتبدأ الجلسة وقت صلاة المغرب وحتى صلاة العشاء حيث يتوضأ الجميع وضوءاً كاملاً ويوضح لهم الموجه الديني خواص الوضوء وانه عبادة وتوبة إلى الله وانضمام إلى عبادة الله وان فيه نظافة جسمية وروحية وتكفير للذنوب وأيضاً يحثهم على التأكد من ايصال الماء لكل جزء من أماكن الوضوء بالمسح التدليكي الذي يؤدي بدوره إلى الاسترخاء الجسدي وبالتالي الاسترخاء النفسي وهذه أول مراحل الخشوع وبهذا الحال تبدأ الصلاة خلف الداعية الديني الذي يقتدون به في أداء الصلاة بخشوع المتجه إلى الخالق بكل حواسه وبجسده معاً ويبدأ في ترتيل القرآن الكريم بصوت يسمعه الجميع وكذا التكبير والتسبيح والتحميد والدعاء إلى نهاية الصلاة ثم يجلس الجميع في حلقة علم وذكر. مراحل تطور الطب النفسي وفي نفس الموضوع يحدثنا الدكتور محمد أنور أخصائي الأمراض النفسية والعصبية ويقول: لا يمكن وصف طريقة معينة للتعامل مع المريض النفسي فلو فرضنا مثلاً ان هناك عدة اشخاص مصابين بالقلق أو الاكتئاب، فهذا لا يعني انهم ينتمون الى نفس الأسرة أو الخلفية الثقافية أو الاجتماعية، ولا حتى يتطابقون في خصائصهم الفردية وسماتهم الشخصية، ولذلك فكل حالة يجب دراستها على حدة وتقرير ما يلزمها ليس فقط من ناحية العلاج الدوائي ولكن أيضاً ما يلزمها من تدخلات نفسية واجتماعية ويستلزم ذلك دراسة علاقات المريض بأفراد اسرته ومحيطه الاجتماعي وربما يطلب المعالج النفسي من الأسرة اجراءات معينة لصالح شفاء المريض اذا وجد ذلك ضرورياً, ولكي نفهم مريضنا ومشكلته النفسية يجب أن أنوه إلى ما هية الطب النفسي وما هي المشاكل التي يتعامل معها؟ فالطب النفسي هو ذلك الفرع من الطب الذي يتعامل مع اضطرابات الوظائف العليا للجهاز العصبي والمخ مثل: التفكير والعواطف والوجدان وما يتبع ذلك من اضطراب في السلوك الظاهر. في القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر كان ينظر في أوروبا مثلاً لمرضى الصرع ومرضى الذهان الشديد مثل الفصام والهوس على أنهم اناس تلبستهم الأرواح الشريرة ولذلك كان المريض يقيد بالسلاسل ويحرم من الطعام والشراب، ويعزلون بوضعهم في زنازين,, ثم جاءت فترة سادت فيها النظريات الفلسفية في تفسير سلوك الانسان والمرض النفسي فبدأت نظرة المجتمع وتعامله مع المرضى النفسيين تتحسن الى حد ما، وأخيراً في خمسينات القرن العشرين بدأ ظهور العقاقير المضادة للذهان والاكتئاب ودارت العجلة سريعاً وظهر كم كبير من العقاقير النفسية الأحدث فعاد الطب النفسي وتبوأ مكانه كأحد فروع علم الأعصاب وأصبح من المحتم على الجميع متخصصين وغير متخصصين النظر الى المرض النفسي على أنه ناتج عن تفاعل العوامل البيولوجية مثل اضطرابات النواقل والهرمونات العصبية مع العوامل البيئية والاجتماعية، ومن هنا فان العوامل البيئية والاجتماعية لها دور كبير في احداث المرض النفسي ولكن عند الأشخاص المهيئين بيولوجياً لذلك. المرض النفسي ليس مجرد ظاهرة شاذة أو نادرة الحدوث ولننظر إلى احصاءات منظمة الصحة العالمية للتعرف على حجم المشكلة. فماذا تقول تلك الاحصاءات؟ تشير الدراسات إلى أن الأعراض النفسية منتشرة بصفة عامة فمثلاً تجد أن أكثر من نصف البالغين يعانون من أعراض القلق والتعب بدون سبب واضح بالاضافة إلى الأرق وصعوبة النوم، كما تشير إلى أنه يوجد شخص واحد من كل 7 أشخاص يعاني من مرض عصابي وليس مجرد أعراض نفسية منفردة، وبتفصيل أكثر نجد أن 20% من البالغين يعانون من اضطراب نفسي كما أن 40% من المرضى المترددين على الممارس العام والعيادات الخارجية يعانون من مشكلة نفسية غالباً في صورة امراض جسمانية غير محددة ولا يوجد سبب طبي واضح لها . 10% من البالغين مصابون بالاكتئاب خلال أسبوع من الاحصاء وان 55% منهم مروا بحالة اكتئاب في وقت ما. 3 6 % مصابون بالقلق الوسواس المخاوف المختلفة. نصف في المئة اضطراب وجداني ثنائي القطب هوس/ اكتئاب . 5 10% اضطراب شخصية. 2,2% سوء استخدام العقاقير والأدوية. ومن هذه الاحصاءات نستطيع ان نقول: ان المرضى النفسيين يعيشون بيننا بكثرة ومعاناتهم قد يشعرون هم بها فقط ويتألمون وحدهم كما في حالة الأمراض العصابية مثل القلق والاكتئاب والمخاوف وقد تنعكس أمراضهم على المخالطين لهم وقد يسببون لهم متاعب كثيرة دون أن يدركوا ان مرضهم هو السبب في ذلك، فمريض الفصام مثلاً لا يرى انه مريض وان الآخرين هم المرضى ويجب ان يعالجوا وذلك رغم ما يسببه مرضه من اضطراب شديد في اسرته وعلاقاته الاجتماعية وعمله. ومن المهم ان نشير الى أن معدلات الجريمة بين المرضى الذهانيين وهم من اشد المرضى اضطراباً في سلوكهم لا يزيد عن المعدلات العامة في المجتمع، وما يرتكبونه من جرائم أو عنف هو حالات فردية تتعلق بأعراضهم المرضية مثل سوء تفسير نوايا الآخرين والشك فيهم أو الاعتقاد بخيانة الزوجة دون دليل واضح. إن النصيحة الوحيدة للتعامل مع المرضى النفسيين سواء مرضى العصاب أو الذهان هو التفهم وتقدير معاناتهم وآلامهم، وعدم اعتبار المرض النفسي أو الذهاب الى الطبيب النفسي وصمة,, فمثلاً قد يشكو شخص مصاب بمرض الاكتئاب باليأس وعدم الأمل في الحياة وتوقع الفشل وسوء الخاتمة وهو يتألم بشدة بسبب ذلك، ومع ذلك تجد من يوجده له تهمة انه ضعيف الشخصية أو ضعيف الايمان في حين لو ان هذا الشخص تلقى العلاج المناسب فإنه بإذن الله خلال 3 أو 4 أسابيع يعود طبيعياً؟ واختم كلامي بان وعي المجتمع بالمرض النفسي وطبيعته كفيلة بالقضاء على سوء الفهم وما يتبع ذلك من مضاعفة معاناة المريض النفسي. ملحوظة: الأمراض العصابية مثل القلق والاكتئاب والوسواس,, هي أمراض لا يفقد المريض فيها صلته بالواقع وادراكه لذلك الواقع بعكس الأمراض الذهانية مثل الفصام حيث يفقد المريض اتصاله بالواقع فيسمع أصواتاً غير موجودة أو يعتقد في اشياء لا أساس لها من الصحة، ولا يمكنه التميز بين ما هو حقيقي وما تمليه عليه هلاوسه وضلالاته ومعتقداته الخاطئة. بعضهم يقيم بالمستشفى عشرات السنين وفي لقاءات أجرتها الجزيرة خلال زيارة خاصة قامت بها للمرضى النفسيين التقينا بعدد من الممرضين الذين يرافقون المرضى داخل سكنهم وداخل أقسام المستشفى والملاعب والملاهي الخاصة بهم، وكشفوا انه يوجد مرضى يتواجدون بالمستشفى منذ ثلاثين سنة، مؤكدين ان المستشفى تتواجد به كل الخدمات اللازمة ومنها وجود غرف خاصة يستطيع المريض النفسي ان كان متزوجاً الاختلاء بزوجته، كما تستطيع المريضة النفسية الاختلاء بزوجها أيضاً، وهذه الغرف مهيأة بكل الخدمات اللازمة. ولكن هؤلاء الممرضين يؤكدون للجزيرة بحسرة شديدة ان ذوي المرضى النفسيين غير متعاونين مع المستشفى على الاطلاق، وهنا مرضى نفسيون كثيرون لا يزورهم أحد اطلاقاً وبعضهم لديه اطفال وزوجة لكن المجتمع حتى الآن لم يتفهم المريض النفسي، وكيف يمكن التعامل معه، وهذا ما يحدث حسب تأكيدات الممرضين من قبل ذوي المرضى الموجودين داخل المستشفى، وقد تكون العلاقة بين المريض النفسي وذويه والمجتمع شبه مقطوعة. ويؤكد هؤلاء الممرضون بحكم علاقاتهم الوطيدة مع المرضى النفسيين انهم يستمعون الى كثير من الشكاوي من المرضى عن ذويهم وعدم تواصلهم وزيارتهم بالمستشفى,, وهؤلاء المرضى يفتحون لنا نحن الممرضين قلوبهم أكثر من أي شخص آخر بحكم تواجدنا معهم بصورة دائمة في السكن وداخل المستشفى . ويطالب البعض من هؤلاء الممرضين بصرف بدل الخطر المعتمد لجميع الأطباء والممرضين العاملين بمستشفيات الصحة النفسية لما تعرضهم مثل هذه المهن من اتعاب ومخاطر لا يشعر بها سوى الممرضين والعاملين بمستشفيات الصحة النفسية.