الهذلول: السحابة المستدقة، وتوصف الرملة البيضاء المستدقة المشرفة.. بالهذلول. والرجل السريع، يقال له: هذلول. ولذلك سميت خفاف الخيل بالهذاليل. وهذلول من أسماء السيف الخفاف الصقال. وهو كذلك.. الأمير هذلول بن عبدالعزيز- رحمه الله-، كان سحابة حب وعطاء لوطنه، تنهمر بمكارم الرجال معاني الرياضة السامية. حتى بات عنواناً لأخلاقيات الرياضة المحترمة والنظيفة.. تلك التي تعطي الرياضة (القيمة) و(الجوهر) النبيل، وتجعل من الرياضة فضاء حضارة وتحضر، ومنافع إيجابية تعود على الفرد والمجتمع. رحل الامير المعطر.. بهدوء وسكينة، وقد أرغمه المرض من الغياب عن المشهد الرياضي خلال السنوات الماضية، وهو الحاضر في وجدان كل منتم إلى الرياضة الخلاقة، المملوءة بالإخاء والتآلف والإبداع.. ونبذ الأنا. والراصد للرياضة السعودية وتطورها لا يمكن أن يغفل الدور الفاعل الذي قدمه وبذله وأعطاه الأمير الراحل، وهو الذي ترأس كبير أندية الوطن والقارة، ليساهم بفاعلية من أن يجعل منه منشأة رياضية تقدم البطولات والنجوم والكوادر للوطن في مختلف الألعاب والنشاطات الرياضية والثقافية والاجتماعية، وللعمل الرياضي الوطني حتى بات نادي الشعب.. الهلال صاحب المركز الأول في السجل الرياضي والثقافي والاجتماعي في المملكة ومنذ سنوات بعيدة.. كان الأمير هذلول من أهم صناع نادي الشعب الذي لا يمل من العطاء والعمل على رقي وارتقاء الرياضة السعودية، من خلال تأسيس ثقافة هلالية أدركت مبكراً ومنذ الحقبة التي تلت تأسيس نادي الهلال ان الدور الحقيقي والنافع للنادي الرياضي.. أن يساهم بكل إخلاص وتفان لخدمة الرياضة السعودية في مختلف النشاطات وليس تحوله إلى وقف كروي غير مدرك لقيم وغايات الرياضة الفاضلة. والأمير هذلول - فعلاً - سحابة حب وإخاء تنهمر بمشاعر الود لأية أحد، لم ينتم إلى قبيلة الرياضة، وقبائلها، بل كان عدواً لدوداً لتحويل الرياضة عن سموها ونبل مقاصدها ومبادئها وغاياتها الحضارية والإنسانية والترويحية والتثقيفية، فكان الأمير الطاهر منارة للنور تحارب جاهلية الرياضة ورايات الأمية واللجاج الرياضي التي تملأ المشهد الرياضي تأجيجاً وكراهية، ونشر رياضة داحس والغبراء.. لذا ظل أمير نادي الشعب الكبير شديد الانتماء إلى قيمة الرياضة وضوئها المستنير، ليقدم للرياضة السعودية نموذج القدوة والاقتداء في تعامله وممارسته للعمل الرياضي. لم يتحول إلى عصبية منفعلة تخرج عن آداب مكارم الرجال عندما تطرح الرأي وتحاور. لم يكن النموذج الرياضي الذي فقدته الرياضة السعودية فاحشاً في قوله وردود فعله، إنما كان رحيق احترام يتقطر بمكارم الرجال النجباء. لذا أحبه الجميع واحترمه الكل وقدروه. الأمير هذلول الرياضي.. يكفيه أنه قدم (نموذج) القدوة والاقتداء للذي يريد العمل في النادي الرياضي - وتحديداً - للذي يريد خيراً وتطوراً للرياضة السعودية أولاً وقبل كل شيء، ثم لناديه بكل إخلاص وسعى لتطويره ومواكبته للمستجد، وإيماناً حقيقياً بالعلم وسيلة للبناء، والاستمساك العملي بقيم ومبادئ الرياضة النظيفة. نموذج الأمير هذلول لا بد أن تستحضره الرياضة السعودية وتتأمله، لتجعل منه عنواناً للعمل الرياضي في النادي الرياضي السعودي، وبالذات في هذه المرحلة التي تحتاج إلى التجديد والتغيير ونبذ الأنا، وتكريس روح الجماعة، وإحلال العمل الإداري الحديث بديلاً عن العمل وفق نواميس العمل الشللي واختطافية الأندية فقط جعل المعيار العلمي الرياضي هو محدد وشرط أهلية العمل الرياضي في النادي والاتحاد والمنشأة الرياضية.. إذا ما كنا نشهد تشييد نهضة رياضة سعودية.. تأخر كثيراً فعلاً. نموذج هذلول بن عبدالعزيز الرياضي نافذة رحبة لنشر (ثقافة الرياضة) وطمس (جاهلية القبائلية الرياضية). نموذج هذلول الرياضي.. دعوة للانتماء إلى (الرياضة السامية) وليس إلى (الرياضة القبائلية)، فالرياضة السامية هي تلك التي تفيض أخوة وتآلفا وتنافسا نظيفا نحو تحقيق نهضة رياضية نافعة، أما (الرياضية القبائلية) أو (قبائلية الرياضة) فهي تلك التي تعني الرياضة الفاسدة التي تجعل من النادي الرياضي خيمة قبيلة جاهلية تحن وترن وتجرش بالكراهية والتنفير والضغينة.. وهو ما يشكل نموذج هذلول الرياضي.. عدوه اللدود. نموذج هذلول الرياضي (قدوة) لمن يريد أن يمارس العمل الرياضي الخلاق، المؤمن بجماعية العمل وعدم احتكار الرأي والقرار والانفراد به، وتحويله إلى ملكية حصرية، تلغي الغير. والذين عملوا مع الأمير هذلول- رحمه الله- في نادي الهلال يدركون أن سموه كان ممارساً فعلياً للعمل الشوري، لا يمارس وجاهته ولا حظوته في التأثير بالقرار أو فرض قناعاته إنما كان الأكبر حرصاً على تواجد تعددية الآراء والمرئيات والمواقف، واختيار ما تقرره الأكثرية حتى ولو كان مخالفاً له.. وما أكثر ما حدث ذلك.. كان- رحمه الله- شديد الحرص على ان يكون من حواليه من الرجال الثقات من أولئك الذين خدموا النادي في ألعابه ونشاطاته الرياضية والإدارية من أصحاب الخبرات والعلم والمشهود بإخلاصهم لناديهم وكفاءة قدراتهم المعرفية والعملية والخبراتية. لذا كان هلال في زمنه الجميل خلية التقاء واكتظاظ لكل الهلاليين بمختلف مشاربهم، لم يكن الهلال موصد الأبواب، ومنغلقا حول صاحب قراره، بل كان للهلال إدارة يعرفها الجميع ويثق بكفاءات أعضائه العملية والخبراتية وخبرها وعلمها مسبقاً لاعبين أوعاملين في نشاطات وفعاليات النادي المتعددة إن لم يكونوا مجهولي الخبرة والانتماء في زمن هذلول بن عبدالعزيز رئيس الهلال من المستحيل أن يقبل بأن تكون إدارته مجرد حاشية للزوم المراسيم والتشريفات وإكمال نصاب الكراسي.. لذا لم يختطف الأمير النادي الرياضي ولم يحوله إلى وقف خاص بمشيئة رأيه وقناعاته لأنه يدرك إلى درجة الحرص ان النادي الرياضي هو ملك لجماهيره بداية ونهاية، لذا كان العاملون في النادي الرياضي (هنا الهلال) كفاءات معروفة ومألوفة لدى الهلاليين موثوق بقدراتها وإخلاصها في العمل للنادي الرياضي، إيماناً برسالة الرياضة التي وهبوا لها شبابهم في الملعب والميدان والعمل الإداري والتطوعي.. ولذلك احتشدت هذه الطاقات عندما امتلكت العلم والخبرة في أتون العمل في النادي الرياضي الأكبر والأشهر. لم يكن العمل في النادي الرياضي في زمن الأمير هذلول لأي أحد مجهول للهلاليين ولمن لم يسبق له تقديم عربون انتمائه لأهم شروط الهلاليين في العمل الرياضي: الإيمان برسالة الرياضة. على يدي الأمير هذلول تأسس الهلال الحاضر..بدأ أولى خطواته عندما شجع- رحمه الله- مجموعة من الشباب المؤهلين الذين عادوا من الدراسة في أمريكا وممن عرفوا لسنوات بتشجيعهم للهلال ومساهمتهم في العمل التطوعي والدعم المعنوي أوالمادي وكثير منهم لعب في فرق النادي العديدة وشارك في نشاطات النادي المختلفة. هؤلاء الشباب الذين توزعوا في العمل بروح المشجعين وألعاب النادي المختلفة، تولوا في مرحلة أخرى وبعد أن اكتسبوا الخبرة وظهرت كفاءة قدراتهم، أتاح الأمير ومعه رجالات الهلال العريقين الذين كان حريصاً على تواجدهم حواليه مشورة ورأياً ودعماً.. أتاح الأمير لتلك الكوكبة الشابة إدارة شؤون الهلال، فكان لها فضل حاسم في نقل الهلال من مرحلة إلى مرحلة أكثر تطوراً واستعداداً لمواكبة المستجدات الرياضية على المستوى المحلي والقاري، من ضمن تلك الأسماء الأمير نواف بن محمد والأمير عبدالله بن سعد والدكتور إبراهيم بن البابطين ومحمد مفتي وغيرهم كثير ممن كان للأمير الراحل دوره الفاعل في انخراطهم في العمل الرياضي خدمة لوطنهم ولناديهم ولرسالة الرياضة السامية التي تفيض بالتآلف وممارسة المنافسة النظيفة.. الكارهة لنواميس.. قبائلية الرياضة.. الكريهة. الحديث عن الأمير الراحل رحب الفضاء. يتيح التجلي في خصب عطاؤه الجدير بأن تضيئه الاطروحة الرياضية النقدية والإعلامية بالكثير من التفاؤل والاكتشاف. رحم الله.. حبيب الهلال.. والرياضة النظيفة الذي لم يجعل من العمل الرياضي وسيلة لتحقيق غاية ومكسب ومغنم. يكفي سموه -رحمه الله- أنه مترفع عن العمل والبهرجة للنفس ولإشباع شبق الأضواء والشهرة وما حام حولها، لذا لم يكن سموه- رحمه الله- مقاولا لإنشاء وتجهيز الإصدارات والوسائل والوسائط الإعلامية يفتتح دكاكينها للزوم نفخ الذات وتحويل المشهد الإعلامي إلى نافورة من الأضواء الصاخبة الممجدة والمزيفة، المشبعة، لغرور، وولع صاحبها في إشباع عقده ونواقصه ومكيجة عيوبه وإلغاء وإقصاء غيره.. رحم الله حبيب الهلاليين.. الذي أحب ناديهم وأحب من نفسه ومن يفعل ذلك غير الرياضي الصادق الصدوق الذي لا يمكن بأي حال أن يكون برغماتياً انتهازياً، إنما فقط لابد أن يكون شبيهاً.. بهذلول الرياضة، النقية، عملاً، ظاهراً وباطنة، غاية ومعنى حقيقة ومصداقية مؤمنة قبل كل شيء برسالة الرياضة.. النبيلة. [email protected]