يؤكد استشاري الصيدلة في وزارة الصحة المصرية، هشام حسين، أن غالبية مصانع الأدوية في مصر، سواء التابعة للحكومة أو الشركات المتعدّدة الجنسيّات، تعتمد على استيراد المواد الفاعلة الخام من دول مثل الصين والهند كبديل للمصدر الأوروبي، مع ملاحظة أن معظمها يكون أقل جودة وأكثر احتواءً للشوائب، بهدف تقليل تكاليف الإنتاج. ويرجع ذلك إلى محاولة تلك الشركات تفادي العقبات التي تضعها وزارة الصحة المصرية على منظومة التسعير الخاصة بالأدوية، كي تبقى ضمن متناول المرضى في مصر، على رغم أن ذلك يؤدي إلى تدنّي مستوى جودة العقاقير وفاعليتها. في المقابل، اشتكت نقابة الصيادلة المصريين من استيلاء شركات الأدوية المتعدّدة الجنسيّات على نصيب الأسد من إنتاج سوق الأدوية في مصر، متّهمة إياها بمحاولة القضاء على الصناعة المحليّة. وأشارت النقابة إلى أن الشركات الحكوميّة تنتج قرابة 600 دواء للمريض المصري بأقل من سعر الكلفة. ليس ذلك الاتهام بغريب. ففي عام 2012، اتّهم بول دمينسكي، مدير «مرصد الماليّة السويسريّة» آنذاك، الشركات متعدّدة الجنسيّات بأنها تضع مصالحها فوق كل اعتبار. ولم يوفّر دمينسكي شركة «نوفارتس» السويسريّة المنشأ، وهي سرّحت آلاف العاملين في فروعها عالميّاً، عقب انتهاء حيازتها الحصرية إنتاج أحد الأدوية المهمة. في سياق متّصل، لاحظ هشام حسين ارتفاع عدد البدائل الدوائيّة في السوق المصرية، مشيراً إلى أنّه تخطى 12 ألف إسم تجاري لعقاقير علاجية حتى الآن. ومثلاً، يجري إنتاج مادة ال «ديكلوفيناك» (وهي مضاد للالتهاب الأنسجة ومُسكّن للآلام) تحت ما يزيد عن 20 إسماً تجاريّاً، ما يمثّل عبئاً ماليّاً على الصيدلي الذي يطلب منه توفير تلك الأصناف للحفاظ على الحدّ الأدنى من المنافسة، وفق حسين. وأضاف: «إذا كانت الحجّة تقليص الأسعار من طريق المنافسة، فيكفي لذلك بديلان أو ثلاثة. لا تحدث تلك الفوضى في معظم البلدان الأخرى». وأعرب محمود حجازي ومينا جوزيف وفادي وجدي، وهم صيادلة من مصر، عن رأي مماثل. وأشاروا أيضاً إلى التشويش الذهني لدى ممارسي المهنة، نظراً الى اضطرارهم لمراقبة حساب المكسب والخسارة المتّصل بتلك البدائل، ما يشغلهم كثيراً عن أداء مهنتهم الأصليّة.