الذهب يتراجع إلى 2321.11 دولار للأوقية    الحكومة الهندية تدرس خفض الضرائب لزيادة الطلب    مصرع 5 أشخاص في حادث تصادم قطارين في الهند    كاليفورنيا ..حرائق تلتهم الغابات وتتسبب بعمليات إجلاء    رونالدو "ماكينة" الأرقام القياسية يتطلع إلى المزيد في ألمانيا    التوقع بهطول أمطار على معظم مناطق المملكة    ضخ أكثر من 3 مليارات لتر من المياه العذبة خلال يومي التروية وعرفة واليوم الأول للعيد    الاحتلال الإسرائيلي يحرق صالة المسافرين بمعبر رفح البري    رئيس "سبل" يهنئ القيادة بمناسبة حلول عيد الأضحى    1 من كل 7 بالغين مهدد بالابتزاز الجنسي    عبدالعزيز بن سعود يلتقي منسوبي الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية    أمير جازان يستقبل المهنئين بعيد الأضحى المبارك    الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للبحر الأحمر يهنئ القيادة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    الشؤون الإسلامية تعايد ضيوف خادم الحرمين الشريفين بعيد الأضحى المبارك    تزامناً مع العيد.. أسعار «الشوكولاتة» تواصل صعودها    محافظ الطائف يهنئ القيادة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    وليّ العهد يستعرض مع شارل ميشيل القضايا الإقليمية    مصادر «عكاظ»: هتان يحدد مصيره «الاحترافي» عقب رحلة أمريكا    وزير الداخلية يدشن قيادة المجاهدين بعرفات    «الإحصاء»: التضخم يواصل استقراره.. وصعود طفيف للأسعار    الداخلية: إدارة الحشود صناعة سعودية ندرّسها للعالم    40 نيابة لمباشرة القضايا في الحج    دقيقتان تفصلان حاجة باكستانية عن العثور على هاتفها    رصاصة تقتل طفلاً حاول إنقاذ أمه من أبيه!    وليّ العهد والرئيس السيسي خلال لقاء أخوي بمنى    «السراب» يجمع يسرا اللوزي وخالد النبوي    قتل تمساح ابتلع امرأة !    في أمنٍ واطمئنان.. الحجاج يستقرون في منى    استثمار منصات التواصل في تجديد الخطاب والرد على شُبُهاتِ أهل الإلحاد    1 من 6 مصابون به.. هذه المشكلات وراء العقم في العالم    5 فوائد صحية لماء البامية للرجال    جهاز إشعاعي للكشف عن زهايمر القلب    ولي العهد يتبادل التهاني مع ملك البحرين وأمير الكويت والرئيس التركي ويتلقى اتصالاً من رئيس المجلس الأوروبي    ردة الفعل تجاه مستيقظي العقل    العيال لم تكبر !    في فمي ماء !    أمير مكة يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة عيد الأضحى    العيد.. فرصة للتجديد!    القبض على مهرب مخدرات إثيوبي    نستثمر في مستقبل المملكة والعالم    تطوير مركز عمليات مكة الذكية    عاتق البلادي يحصي آثار أم القرى    د. السعدي وسالف الذكريات    الكتابة العلاجية    صلاة العيد على أنقاض المنازل    دعم سعودي لجهود إنهاء الصراع الروسي - الأوكراني    صندوق الاستثمارات العامة و«أرديان» يعرضان شراء 37.6 % من مطار هيثرو    أمراء المناطق والمحافظون يتقدمون المصلين في صلاة عيد الأضحى    السجن والغرامة والترحيل ل18 مخالفًا لأنظمة الحج    أمير منطقة تبوك يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين    وكيل إمارة منطقة الباحة يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين    "الصحة" توضح كيفية تجنب الإجهاد العضلي في الحج    عروض مسرحية وفلكلور شعبي في احتفالات الشرقية بعيد الأضحى    الكشافة تواصل جهودها بإرشاد الحجاج التائهين في مشعر عرفات    اكتشاف النهر المفقود في القطب الجنوبي منذ 34 مليون سنة    القبض على بلوغر إماراتية بعد تصويرها مقطعا في مكان محظور    «الكانفاس» نجمة الموضة النسائية    أبرز أمراض العيد وكيف يمكن الوقاية منها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يموت الإنسان بين جيرانه ... فلا يسألون عنه لسنوات
نشر في الحياة يوم 02 - 07 - 2015

يتذكّر جيران هنري سامرز، في إحدى ضواحي مدينة أدنبرة، كيف أنه كان يرتدي دائماً هنداماً أنيقاً، ويتحدّث إلى كل من يقابله في الطرقات، وكيف أنه كان يصفّر كلما صعد أو هبط على درج المبنى حيث تقع شقة سكنه. في بدايات العام 2012، انقطع «صفير» هنري ولم يعد جيرانه يعرفون عنه شيئاً. لكن أحداً منهم لم ينبس ببنت شفة. ظنوا، كما يقول بعضهم اليوم، إنه نُقل إلى المستشفى أو إلى دار للعجزة. وبما أن فواتير الإيجار والمياه والكهرباء صارت هذه الأيام تُدفع تلقائياً في موعدها المحدد من الحساب المصرفي، فإن هنري تحوّل إلى إنسان «منسي»، مثل كثيرين غيره من العجزة البريطانيين الذين يقضون أيام عمرهم الأخيرة وحيدين بين جدران منازلهم. بعد ثلاث سنوات من اختفاء هنري، قرر أحد جيرانه في هذه المدينة المزدحمة في أسكتلندا، أن يسأل عنه. طرق بابه، فلم يفتح. استرق النظر من فتحة الرسائل، فلم ير شيئاً. لكنه شم رائحة كريهة. وعلى رغم ذلك لم يفعل شيئاً. لم تأت الشرطة إلا بعدما دقّ طبيب هنري جرس الإنذار، قائلاً إنه لم يأت للمعاينة منذ ثلاث سنوات.
خلع رجال الشرطة باب الشقة فوجدوا جثة متحللة قالوا إنه لا يمكن التعرّف الى صاحبها سوى من خلال فحص الحمض النووي (دي أن اي). جيران هنري عرفوا فوراً أنه هو، على رغم أن الشرطة مضطرة قانونياً إلى انتظار صدور نتائج الفحص إعلان اسم الضحية رسمياً.
وفي إنتظار ذلك، يتم حالياً البحث عن أي أقرباء للراحل كي يتسلّموا الجثمان ويتولوا مراسم دفنه، بعد ثلاث سنوات من موته.
حالة هنري ليست فريدة من نوعها، إذ سُجّل مثلها خلال السنوات الماضية في بريطانيا، وهي تعكس بلا شك أزمة مجتمعية لا تتعلّق فقط بمسنين منسيين يموتون بين جيرانهم من دون أن يسأل هؤلاء عنهم (لسنوات!) بل أيضاً بنوع الحياة التي يحياها البريطانيون، الفقراء تحديداً، عندما يبلغون سن الشيخوخة.
وتفيد دراسة بريطانية أن هناك حالياً 3.5 مليون مسن (من أصل مجموع السكان البالغ 64 مليوناً) يواجهون حياة من الوحدة القاتلة نتيجة تفكك عائلاتهم وإنعدام وجود جيران ودودين يهتمون بأحوالهم. وتحذّر الدراسة من أن تأثيرات الوحدة على صحة المسنين بدنياً لا تقل عن تأثير التدخين أو السمنة الزائدة.
وتكشف الدراسة أن هناك 700 ألف مسن (65 سنة وما فوق) يقولون إنهم يشعرون بالوحدة غالباً، إن لم يكن دائماً، بينما يقول 700 ألف آخرون من المسنين إنهم لا يعرفون جيرانهم بالمرة.
وبحسب جمعية «ايج يو كي» التي تعنى بالمسنين فإن أكثر من نصف هؤلاء يعتبرون التلفزيون رفيقهم الأساسي، إذ يقضون معظم وقتهم متسمّرين أمام شاشته كونه يكاد أن يكون مصدر التسلية الوحيد تقريباً في بيت خال من البشر. ويزداد إعتماد المسنين على «صديقهم التلفزيون» في فصل الشتاء عندما يمنعهم الطقس البارد من الخروج لوحدهم من المنزل.
وما يزيد الطين بلة، كما يبدو، أن الاحصاءات تشير إلى زيادة كبيرة في عدد الرجال والنساء الذين يعيشون لوحدهم، بلا زوج أو زوجة أو شريكة حياة وبلا أبناء، إذ وصل عدد هؤلاء إلى 6 ملايين شخص (هذا الرقم لا يتعلق بالمسنين فقط بل بمن هم فوق 45 سنة). وبالطبع فإن هذا الرقم يشمل المطلقين والمطلقات فقط، كما يشمل الناضجين (فوق 45 سنة) الذين يعيشون الحياة لوحدهم من دون أن يتزوجوا أو يرتبطوا عاطفياً في شكل مستقر، ومن دون أن ينجبوا أطفالاً.
ولعل مشكلة الوحدة التي يعاني منها المسنون مرتبطة ليس فقط بتفكك الأواصر العائلية وإنعدام الجيران الودودين، بل أيضاً بحقيقة أن المجتمع البريطاني بات مجتمعاً «هرماً» يعيش فيه المسنون عمراً طويلاً وتتناقص فيه الولادات، خصوصاً لدى العرق الأبيض. وهذه الحقيقة تختفي للوهلة الأولى عندما تُظهر الإحصاءات الرسمية ارتفاعاً سنوياً في عدد السكان وصل العام الماضي إلى نصف مليون نسمة، لكن تحليلاً لهذا الارتفاع يُظهر بوضوح أن نسبة كبيرة من هذه الزيادة هي نتيجة ولادات لأمهات وُلدن خارج بريطانيا (الجاليات الإثنية).
وتوضح أرقام مكتب الاحصاء الوطني (هيئة حكومية) أن نسبة المسنين في المجتمع تشهد ارتفاعاً متزايداً، إذ أظهر إحصاء أجري في العام 2013 أن هناك أكثر من 11 مليون شخص يتجاوز عمرهم 65 سنة يعيشون في بريطانيا. وتكشف هذه الأرقام أن من بين هؤلاء 13780 ممن بلغوا مئة سنة وما فوق، في حين بلغ عدد الذين تجاوزوا ال 90 سنة 527 ألفاً (كان هذا الرقم 384 ألفاً عام 2002).
وهيّمن العنصر النسائي على الذين تجاوزوا ال 90 سنة. فقد بلغت نسبة النساء منهم 72 في المئة، في مقابل 28 في المئة من الرجال . وتوضح هذه الأرقام الرسمية أيضاً أن النساء اللواتي يبلغن 65 سنة يعشن في المعدّل 20 سنة بعد بلوغهن سن التقاعد (أي يعشن في المعدل حتى سن 85 سنة)، بينما لا يعيش الرجال في المعدل سوى 18 سنة بعد بلوغهم سن ال65 سنة.
وإذا كانت هذه الأرقام توضح بما لا يدع مجالاً للشك أن المسنين في بريطانيا يزدادون عمراً وعدداً، فإن حادثة وفاة هنري سامرز في أدنبرة تكشف أيضاً أنهم، لا سيما الفقراء الذين ينتمون إلى أسر مفككة، يزدادون شعوراً بالوحدة القاتلة إلى درجة أن بعضهم يموت من دون أن يسأل أحد عنه ... لسنوات!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.