يطوف حول الكعبة معتقداً أنه يكفر عن ذنبه الذي ارتكبه، وعن «آلةٍ حادة» شاركته البطولة على «مسرح» الجريمة المفتوح، إذ تلقت «شرطة مكة» الدعوة لحضور «فيلمه» في يوم الجمعة الماضي، إذ كان نصّ على أن شاباً اعتدى على والدته بطعنها عبر آلة حادة، دون أدنى شعور بالمسؤولية ولا أسباب ظاهرة، حتى فارقت الحياة. ولكن الطعنة لم تكن نهاية المشهد، مما استنفر المختصون من مركز البلد والجهات الأخرى ذات العلاقة إلى مسرح الجريمة وبعد أول مشاهدة للأم المطعونة تبين أنها فارقت الحياة بيد من وهبته الحياة، ورأى النور خارجاً من أحشائها، لتبدأ رحلة البحث عن المجرم الهارب في قضية تهز كيان الإنسانية بين اثنين لا يمكن أن يكونا خصمين في يوم من الأيام. وبعدما أغلق المجرم العشريني قاتل والدته الخمسينية باب جريمته على الضحية تاركاً إياها مضرجة بدماء العقوق والعصيان، توجه هارباً إلى بيت الله الحرام خارجاً من أبشع مشهد إلى أطهر بقعة، ولكن عين الله التي تأبى الظلم باتت ترقب تحركاته لتستدل عليه شرطة البلد مع شعبة التحريات والبحث الجنائي بالقوة الخاصة لأمن المسجد الحرام. وتم أخيراً إلقاء القبض عليه وهو سعودي الجنسية يبلغ من العمر 27 عاماً وتم التحفظ عليه لإكمال اللازم وإحالته إلى الجهات المختصة للتحقيق في دوافع وأسباب جريمته البشعة. وأوضح المتحدث الإعلامي في شرطة منطقة مكةالمكرمة المقدم دكتور عاطي القرشي، أن الأجهزة الأمنية في محافظة جدة تلقت أول من أمس (الجمعة)، بلاغاً يفيد باعتداء شاب على والدته، وذلك من تسديد طعنات لها بآلة حادة، وعلى إثره انتقل المختصون في مركز شرطة البلد، ومن جهات أخرى ذات العلاقة إلى موقع الحادثة، وبعد المعاينة الأولية لمسرح الجريمة اتضح أن والدة الشاب فارقت الحياة. وقال القرشي إن جهاز البحث والتحري بمركز شرطة البلد، وبالتعاون مع القوة الخاصة لأمن المسجد الحرام، تمكن من ضبط المتهم، الذي تبين أنه مواطن سعودي يبلغ من العمر 27 عاماً، إذ تم التحفظ عليه لإكمال الإجراءات اللازمة، تمهيداً لإحالة مستندات القضية كافة إلى جهات الاختصاص. من جانبه، أكد استشاري الطب النفسي الدكتور جمال الطويرقي ل «الحياة» أن من يقدم على مثل هذه الجريمة لا يمكن أن يكون أنساناً طبيعياً أبداً، وربما كان تحت تأثير بعض الأمراض النفسية الشديدة كالذهان والفصام والتوحد الذي قد يخرج الإنسان من دائرة السيطرة على نفسه ليدخله إلى مجال الجريمة بقلب بارد، وهناك سبب آخر وهو المخدرات التي قد يتصرف الشخص تحت تأثيرها من دون مسؤولية ولا شعور بالذنب، ذلك لأن «الوالدين» هما من «التابوهات» المحرمات الشديدة في النفس البشرية والتي لا يمكن أن يقدم شخص على ضربهما فما بالك بالقتل. وأضاف الطويرقي: «إن الجريمة العادية يعمل صاحبها على إخفاء الجثة والأدلة دون تركها في مكانها والهرب إلى مكان مغلق لا إلى مكان مفتوح وهذا يدل على وقوع المجرم تحت تأثير معين دفعه للإقدام على هذه الجريمة البشعة».