احترف شبان سعوديون في الآونة الأخيرة، تركيب مقاطع مصوّرة عبر استخدام تقنيات بسيطة، لكنها لاقت رواجاً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة «تويتر» و «واتساب». وتجمع هذه المقاطع بين الجد والهزل في آن، فهي تتضمّن مقاطع لعدد من الشخصيات، بينهم نجوم فن وإعلاميون ومشاهير في عالم وسائل التواصل، وتحديداً «كيك»، وحتى أشخاص غير معروفين على نطاق واسع، إذ يتم تركيب أجزاء من مقاطعهم مع أخرى، لتظهر مقاطع كوميدية مضحكة. ويعمد أصحاب المقاطع، وهم أشخاص غير معروفين لا يضعون توقيعهم على ما يركّبونه، الى اختيار اللقطات بحرفية عالية، ويدمجونها مع أخرى عبر برامج متوافرة في أجهزة الهواتف النقالة، بهدف التسلية والإضحاك. ولا تتجاوز مدة المقاطع دقيقتين على الأكثر، تفادياً لأن يصاب المتلقّي بالملل من طول المشاهدة. وظهر في هذه المقاطع فنانون وممثلون، إذ يعمد بعضهم إلى تصوير نفسه في مقطع فيديو، كي يرى المقطع المدمج له بعد التعديل، ويستمتع بمشاهدته، فهي تزيد رصيد متابعته، لما لها من قبول واسع بين الجمهور. ولعل شخصية طالب صغير، قام معلمه بتصويره داخل الفصل، وهو يبكي ويردد كلمات تنمّ عن حزنه وخوفه بعبارة «أتعلم وأجيك»، من أوائل المقاطع المستخدمة في الدمج. إذ عمد محترفو التركيب إلى استخدام هذا المقطع مع مقاطع أخرى لممثلات أو فنانات يمارسن الرقص أو التغنّج، ليظهر الطفل بصورة مباغتة، وهو يردد بأنه سيقوم بتعلّم ذلك، ويعود لاحقاً. ويظهر الفنان الكوميدي عبدالناصر درويش، وهو يتحدث بطريقة فكاهية عن الجمال بنوع من الثقة في النفس، فيما تبدو ملامح وجهه مفتقدة إلى ذلك، ليسجل حضوراً بصمته، مع مقاطع الفيديو لنساء يصورن مشاهد وهنّ يمتدحن أنفسهنّ، ليكون الرد عليهن بكلّ ثقة وبرود في مقطع من مسلسل أو مسرحية لدرويش. وتستحوذ مقاطع للمذيع التلفزيوني المشهور عمرو أديب، على حضور طاغ، بشخصية انتقادية، وأخرى تشير إلى الاستغراب «الأبله»، وعادة ما تستخدم في حال كان المقطع يحوي كلاماً غير منطقي وليس مقنعاً، فيكون الردّ عليه بهذه الطريقة. أما المذيع المصري الأكثر حضوراً وتفوقاً في مقاطع التركيب، فهو توفيق عكاشة مالك قناة «الفراعين»، بحركاته الكوميدية الساخرة والمنتقدة وألفاظه الحادة. وتمزج تلك المقاطع السياسة بالفكاهة، فيظهر الفنان المصري عادل إمام بكلمات مقتضبة معلقاً على تصريحات سياسيين عرب. وعادةً ما تكون مأخوذة من مسرحية «مدرسة المشاغبين». وثمة مقاطع تظهر فتيات إيرانيات يمارسن التغنج ويتحدثن باللغة الفارسية، ليظهر بعدهن مباشرة كاتب سياسي عراقي معروف بمواقفه الحادة من سياسة إيران، وهو يقول في شكل يوحي بأنه تأثّر بغنج الفتيات: «ليس لدينا موقف عدائي من الفرس، نحن نحب إيران»، وكلامه مقتبس من مناظرة في محطة تلفزيونية. ولم يسلم حتى بعض الزعماء والمسؤولين الحكوميين من الظهور في تلك المقاطع بصورة ساخرة وهزلية. يقول المختصّ النفسي أسعد النمر، ل «الحياة»: «إن تركيب مقاطع فيديو على مقاطع أخرى يراد به تقديم صورة تهكّمية، على أصحاب المقاطع الأصلية، ومقارنتهما ببعض، للحدّ من تأثير المقطع الأصلي في مستوى «الميديا». وأكد أن مثل هذا الفعل «يدفع أصحاب مقاطع الفيديو الأصلية الى الشكّ في مستوى ظهورهم وتصويرهم للمقاطع، وكذلك العودة إلى النفس، وربما عدم الظهور مرة أخرى، وذلك يعتمد على حجم الانعكاس النفسي». ولفت النمر إلى أن ذلك «يضايق الأشخاص الظاهرين في المقاطع. فيما يراه آخرون أمراً عادياً، ونوعاً من أنواع الفكاهة للوصول إلى الرأي العام بطريقة أو أخرى». وذكر أن «أصحاب المقاطع الأصلية لم يتوقعوا أن تصلهم ردة الفعل في هذا الشكل السلبي». ولفت إلى أن بعض أصحاب المقاطع الأصلية تلك، «ربما يهدفون إلى تقديم خدمة اجتماعية، أو إيصال رسائل إيجابية، الأمر الذي يجعلهم لا يكترثون بردود الأفعال تجاه ما قدموه، وفي حال وصلتهم ردود أفعال سلبية، يسعون إلى تطوير أدائهم مستقبلاً». وفي السعودية، تسجل منصات التواصل الاجتماعي إقبالاً منقطع النظير، مع تجاوز عدد مستخدمي الهاتف المحمول حاجز 50 مليون شخص. ويستخدم الإنترنت في السعودية أكثر من 18 مليون شخص، وفق إحصاءات رسمية للعام الماضي 2014.