وصف أستاذ الأدب والنقد في جامعة الملك خالد الدكتور عبدالحميد الحسامي اللجان التي أشرفت على طباعة ديوان الشاعر اليمني الراحل عبدالله البردوني ب«غير المتخصصة»، وقال إنها تستحق أن تمنح «شهادة الأمية في معرفة الشعر واللغة؛ لكثرة الأخطاء». جاء ذلك في المحاضرة التي قدمها في مجلس ألمع الثقافي مساء الثلثاء الماضي، عن «اليمن في شعر البردوني» وأدارها الكاتب والشاعر صالح الديواني، الذي ابتدأ حديثه بقصيدة «غريبان وكانا هما الوطن»، وقبل أن يختم بالبيت الأخير في القصيدة بكى وأبكى الحاضرين. وتحدث الدكتور الحسامي عن شعر البردوني، وقال إنّه لم يأت من القصور وإنما كان ينتزعه من هواجس البسطاء والمعدمين، مضيفاً أن الحديث عن اليمن في شعر البردوني ينبغي أن يؤخذ على أنه حديث عن اليمن، لا بوصفها فضاء مكانياً محدوداً بحدود جغرافية معينة، بل عن اليمن بوصفها ذاكرة تاريخية، يعيش فيها الإنسان آلامه وآماله في بقعة جغرافية تشكّل هوية ووطناً لملايين من البشر، وبوصفه مكانا مرتبطاً بذوات عاشت وتعيش فيه، وحققت حضوراً في الفعل التاريخي الإنساني أو عانت غياباً أو تغييباً عن ذلك الحضور. وأشار الحسامي، في ورقته إلى آليات حضور اليمن في شعر البردوني من خلال المفارقة التي سعى عبرها إلى تجسيد تناقضات الواقع وتشوهاته، بتوظيف المفارقة والنقيض على مستوى اللغة، والموقف على مستوى الشخصية، لافتاً إلى أن البردوني اعتمد على الخصوصية المحلية من خلال توظيف المفردة المكانية التي تكتظ بها نصوصه، لتتحول إلى خريطة تتناثر عليها مسميات الأماكن. وذكر الحسامي أنّ البردوني اعتمد في شعره على التجريب الذي قدّم من خلاله الجديد والمتجدد على مستويي الرؤية والبناء الفني، وأن خصوصية تجريبه تتجلى في أنه الشاعر المحافظ على النسق الإيقاعي القديم، وكان مبلغ تجريبه على مستوى الإيقاع هو تعدد القوافي في النص الواحد، كما قدم في محاولاته التجديدية تجارب فنية متسمة بالخصوبة المحلية. وتطرق المحاضر إلى أن البردوني كان في دواوينه الأخيرة أكثر نزوعاً إلى توظيف المستوى العامي للغة، واستكناه الخصوصية المحلية.