يبدو أن فصول «معركة» الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مع شبكة الإنترنت، لا تزال مستمرة، ولم تنتهِ عند منعه «يوتيوب» و«فايسبوك» موقتاً سابقاً، والتهديد ب«اقتلاع تويتر من جذوره»، واعتبار هذه البرامج على الشبكة العنكبوتية وسائل «للتخريب وإشاعة الأكاذيب وزعزعة الاستقرار». فالرئيس التركي يرى أن بلاده التي تأخرت في إطلاق الجيل الرابع من شبكات الإنترنت السريع، لا يجب أصلاً أن تنشئ هذه الشبكات، والأفضل كما أعلن في مؤتمر للاتصالات، «أن ينتظر الشعب التركي أعواماً أخرى كي نقفز مرة واحدة إلى الشبكة الخامسة 5G، بدلاً من إنفاق المال الآن على الشبكة الرابعة التي لن نستخدمها سوى أعوام قليلة». وجاءت تصريحات أردوغان قبل أيام من الموعد الذي حدّدته وزارة الاتصالات التركية، لطرح عطاء إنشاء شبكة الجيل الرابع من الإنترنت 4G، التي تأجّل طرحها مرات لأسباب غير واضحة، ما أخّر ارتقاء خدمة الإنترنت عاماً كاملاً، علماً أن تركيا كانت حريصة دائماً على مواكبة الاتحاد الأوروبي في ما يتعلّق بالبنية التحتية للإنترنت، بفضل ضغط كبرى شركات الاتصالات العاملة في تركيا وأسواق بيع الهواتف النقالة. وبدا لبعضهم، أن حديث أردوغان نابع من الحرص على عدم الإسراف والاقتصاد في المال، وأطلق سجالاً في عموم البلاد حول أفضليّة التحوّل الآن إلى الجيل الرابع من الإنترنت أو الانتظار للقفز مرة واحدة إلى الجيل الخامس. لكن بحثاً نشرته مواقع تابعة لشركات الاتصالات، كشف أن شبكة الجيل الخامس لا تزال قيد البحث العلمي، ولم تطبّق في شكل عملي ناجح على نطاق واسع بعد، وأن الموعد المحدد لانتشارها في العالم سيكون بين 2018 و2020، في حال نجحت الأبحاث في خفض كلفتها المالية، وليس كما تحدّث أردوغان عن صبر عام أو عامين. وقد أخذ النقاش منحى آخر، وظهرت تساؤلات مجدداً عن مصدر معلومات الرئيس التركي الذي فاجأ حكومته بهذا الرأي، والذي يمكن أن يلغي طرح عطاء الشبكة الجديدة بعد أسبوعين، وما إذا كان حديثه يهدف فقط الى ذر الرماد في العيون، من أجل تعطيل مشاريع تسريع خدمة الإنترنت التي أزعجته كثيراً في السنوات الثلاث الماضية. وقال نواب معارضون من «حزب الشعب الجمهوري»، إن أردوغان سيتراجع عن تصريحاته كما فعل سابقاً في موقفه من سياسة البنك المركزي، التي انتقدها بناء على توصيات من مستشاريه، ثم اضطر إلى التراجع عنها بعد أن اكتشف خطأ وجهة نظرهم. لكن الجميع في تركيا ينتظر مصير المناقصة بعد أسبوعين، وما إذا كان أردوغان سيفرض رأيه على الحكومة ويلغي مشروعاً عملت عليه منذ نحو عام. وتزامناً، نقلت مواقع صحافية أنباء عن احتمال أن يكون موقف الرئيس التركي نابعاً من إدراكه أن الشركة التي سيرسو عليها المشروع معارضة لسياساته، إذ طالما كان بينه وبين رئيسها سجال سياسي، وأن الفوز بالمناقصة سيدرّ على هذا الرجل أرباحاً ضخمة تماماً مثلما جناه من مناقصة إنشاء شبكة الجيل الثالث 3G التي نفّذها قبل سنوات.