اعتبر الدكتور عبدالله المعيقل أن الصبان وشحاته وعواد أهم دعاة النهضة الأدبية والوطنية، جاء ذلك في الورقة التي قدمها بعنوان: "مقدمات الرواد"، في الجلسة الأولى من جلسات ملتقى قراءة النص، الذي ينظمه نادي جدة الأدبي واختتم أعماله أمس. وشارك في الجلسة نفسها التي ترأسها الدكتور عبدالله الحيدري، الدكتور عبدالحق بالعابد والدكتور حمد السويلم وعثمان جمعان في حين عقب الناقد علي الشدوي على الأوراق المقدمة. وأوضح المعيقل أن محمد سرور الصبان أحد أهم دعاة النهضة الأدبية والوطنية في المملكة، وله دور كبير في الحراك الفكري وتأسيس حركة للنشر والتأليف، وفي ما نشره من كتب كثيرة على نفقته الخاصة، ومنها كتب في التراث، التي تميزت بفكر تنويري في دعوته للتجديد والتغيير، كاشفاً عن رؤية عميقة في الإصلاح تتجاوز الأدب والثقافة، لتشمل مجالات حيوية في المجتمع والأمة، وكان منزله كالمنتدى يجتمع فيه ناشئة الحجاز يشجعهم ويرعى إنتاجهم. أما حمزة شحاته، كما أشار المعيقل، فمثقف واسع الاطلاع في مختلف حقول المعرفة من فنون وآداب وفلسفة، كاتب بارع وشاعر مجدد حقق للقصيدة السعودية مكانة مهمة، ومع ذلك كان لا يسمح بنشر شيء من إنتاجه، وبعد تطواف في وظائف داخل المملكة وخارجها لا يمكث في الواحدة منها طويلاً، استقر في القاهرة وفرض على نفسه عزلة شديدة إلى أن توفي هناك. ولفت المعيقل إلى أن محمد حسن عواد من أبرز الأسماء في جيل الرواد وربما أبعدهم أثراً وتأثيراً في جيله والأجيال التي تلت. وتناولت ورقة الدكتور عبدالحق بلعابد دراسة العتبات، إذ اعتبرها مدخلاً مهماً لفهم النصوص وتأويلها، وذهب إلى أن بحثه في هذا المضمار يعد جديداً من ناحية مقاربته للمقدمات النقدية الحديثة في بدايات الأدب السعودي والنقدي عند أهم رواده وهما إبراهيم هاشم فيلالي في كتابه "المرصاد"، وعبدالله عبدالجبار في كتابه "التيارات الأدبية الحديثة". في حين قدم الدكتور السويلم وقفات سريعة عن المنجز النقدي الذي كتبه الرواد خلال حقبة زمنية محددة، مشيراً إلى أن النقد لا يولد كاملاً وإنما لا بد من أن يمر بمرحلة سكون ومخاض بيد أن هذه المرحلة طال زمنها. وقال سويلم اشتغل بعض النقاد في الصحافة نأى بهم عن المنهجية الدقيقة، وكذلك تعاطي النقاد للإبداع جعلهم يضجون من الصرامة العلمية. إن الناقد في هذه الحقبة ميال إلى التذوق الآني، فهو لا ينشغل بالمواضيع والتقاط صفاتها وخصائصها،وكثير من الذين يمارسون العمل النقدي هم في الأصل مبدعون. وفي الورقة الأخيرة استعرض عثمان جمعان الغامدي رؤية شاملة عن مكانة مدينة الطائف التاريخية والاجتماعية، متطرقاً إلى أدوار الأسر العلمية ومكانتها وتأثيرها في التنوير في المملكة. وتواصلت جلسات ملتقى قراءة النص، الذي ينظمه نادي جدة الأدبي واختتم فعالياته أمس، ويشارك فيه عدد كبير من الباحثين والنقاد. وشهدت الجلسة الثالثة من الملتقى تركيزاً. لافتاً على جهود الشاعر والأديب الراحل محمد حسن عواد، إذ جهدت الورقة التي قدمها الدكتور سعيد السريحي، في اكتشاف ما يتخفى خلف المقالات العشر التي نشرتها صحيفة أم القرى، في العشرينات من القرن الماضي تحت توقيع "قارئ لنقد كتاب محمد حسن عواد خواطر مصرحة"، والتي اتضح فيما بعد أن كاتبها هو يوسف ياسين الذي كان يترأس تحرير تلك الصحيفة آنذاك، وهي قراءة لأولى معارك الأدب الحديث في بلادنا والتي مثلت ذروة الصراع بين دعاة التجديد والقوى المحافظة التي تقف من ذلك التجديد موقف المناوئ. وذهب الدكتور السريحي، في الجلسة الثالثة التي ترأستها الكاتبة نورة الشملان وعقب عليها الناقد محمد العباس، إلى أن يوسف ياسين وسم الأدباء الشباب في الحجاز بالغرور، "لم يكن ما ذهب إليه يوسف ياسين من نعيه على الأدباء الشباب تأثرهم بأدباء المهجر يخرج عما ذهب إليه قبله أحمد الغزاوي في مقاله، الذي تضمنه كتاب المعرض حين تحدث عن أدباء المهجر، مشيراً إلى كتاب "الأرواح المتمردة" لجبران خليل جبران. واستهل الدكتور أحمد سماحة ورقته بقوله: "لا يمكن لنا أن نقيم إبداع وآثار محمد حسن عواد من دون أن نعرف وندرس الواقع الذي نشأ فيه، حتى يمكننا القول بريادة هذا الشاعر والكاتب وحتى نتوخى العدالة في الحكم ولا نطرح حكماً عليه كالذي طرحه الدكتور عبدالله الغذامي عندما قال: "ما نجده عند العواد لا يعد وإن يكون حزمة من النوايا الطيبة، ولكن أعماله لا ترتقي إلى مستوى التجديد الإبداعي اللافت، وهي مجرد أصداء أولية للإبداعات العربية في مصر تحديداً وفي العراق بعض الشيء". وفي ورقتها التي جاءت بعنوان: "الحجاز بعد 500 سنة بين فن الرسائل والتخييل السردي" قالت الدكتورة شيمة الشمري: "يعد فن الرسائل من أهم الأعمال الأدبية التي تسر بها النفس؛ لكونه موجهاً إلى أشخاص بأنفسهم، وكونه يكشف عن رؤية المرسل ووجدانياته وبراعته في هذا الفن، وهذا الفن يندرج ضمن إطار المنظومة الأدبية، ذلك أن كُتَّاب الرسائل استطاعوا تبادل الرؤى والأفكار التي تحمل طابعاً أدبياً يتبين من خلال مشاعرهم وعلاقاتهم الاجتماعية والأدبية والوجدانية". وأوضحت الشمري أن نص "الحجاز بعد 500 سنة" الوارد في كتاب خواطر مصرحة للعواد، "يقوم على فن الرسائل العريق في مجال الكتابة الأدبية قديمها وحديثها". وسعت ورقة للدكتور عبدالرحمن المحسني وعنوانها: "صورة العقاد عند أدباء الحجاز في الفترة من 1351-1400» إلى التعريف بعباس محمود العقاد، إذ تعطي هذه الشخصية العربية والإسلامية بعداً آخر في رؤية أدباء الحجاز مطلع نهضتها الأدبية، الذين فتنوا بالعقاد مفكراً وكاتباً وشاعراً. وهي تقدم تعريفاً للعقاد من خلال رؤية الحجازيين أنفسهم لهذه الشخصية. جدارية في «ملتقى جدة» دعماً ل «عاصفة الحزم» طغت عملية «عاصفة الحزم» على فعاليات «ملتقى قراءة النص»، إذ أبدا الأدباء والمثقفون المشاركون تفاعلاً كبيراً مع الحدث، من خلال تسجيل مواقفهم الداعمة والمشجعة في جدارية كبيرة تصدرت قاعة الاجتماعات بفندق ماريوت، إذ يقام الملتقى، بثوا عبرها رسائل التعضيد لجنودنا البواسل، مؤكدين وقوفهم معهم، ومقدرين بطولتهم ومواقفهم الفدائية من أجل العقيدة والوطن، مشيدين بالموقف الحاسم الذي اتخذته قيادتنا الرشيدة، مؤكدين من خلال رسائلهم على الحكمة والحزم اللذين تحلت بهما القيادة في إدارتها لهذه العملية.