«الحياة هي ما يحدث عندما تكون مشغولا بالترتيب لأمور أخرى»، بهذه الكلمات المعبرة بدأ رئيس «أرامكو السعودية» السابق عبدالله بن جمعة حديثه إلى شباب الأعمال والمبادرين في أمسية «تجربتي» بالغرفة التجارية الشرقية. تحدث ابن جمعة في الأمسية التي نظمتها الغرفة مساء أول من أمس بمقرها الرئيس، الذي شهد حضور عضو مجلس الإدارة عبدالحكيم العمار وجمع غفير من المهتمين، عن مجموعة من الدروس التي تعلمها خلال حياته الدراسية والعملية، وكان أول درس حفظه عن ظهر قلب من والدته لطيفة بنت خالد الرشيد، عندما قالته له: «المال يفنى والعلم يبقى». الدرس الأول كان له الفضل الكبير في اهتمامه بالدراسة وتعلم كثير من الأمور الحياتية، التي ساعدت في توسيع معرفته وإدراكه كثيراً من العلوم في مجالات مختلفة، كالمواد العلمية والفن والموسيقى الراقية، فكان شعاره أن الاستماع والقراءة للمواد ذات القيمة العالية من شأنها أن تجعل الإنسان أكثر إدراكاً وعلماً. وقال جمعة، إنه استفاد من خلال تجربته الحياتية والعملية، أن عدم تحقق بعض آمالك قد تكون أقوى ضربات الحظ، فما يختاره الله تعالى لك أفضل مما تتمناه لنفسك. أنهى جمعة دراسته في المرحلة الابتدائية في مدينة الخبر، واضطر إلى الانتقال إلى محافظة الأحساء لدراسة المرحلة المتوسطة، إذ لم تفتتح مدرسة متوسطة في الخبر في تلك الفترة. قضى جمعة دراسته بين الشموع وداخل البيوت الخشبية الصغيرة (الصندقة)، وعاش حياته مع قرنائه تلك الفترة صعبة وبدائية، درسوا موادهم على ضوء الشموع، وعندما أنهى المتوسطة عاد إلى الدمام لإكمال دراسته الثانوية، وانطلق بعدها إلى الجامعة الأميركية في القاهرة وبيروت لإكمال دراساته العليا. وقال جمعة خلال الأمسية: «بدأت حياتي رياضياً، فلعبت حارس مرمى فترة في أحد الأندية، وبعد الجهود والأداء المتواصل استطعت شغل مركز حارس المرمى في جميع محطاتي الدراسية، في الأحساءوالدمام حتى وصلت إلى حارس مرمى منتخب المدارس في الشرقية، وصولاً إلى نادي القادسية، وآخر هدف تلقيته كان من اللاعب الكبير آنذاك سعيد غراب في الطائف». وعن اهتمامه بالعلم والرياضة أشار إلى أن الدراسة والرياضة والعمل والتثقيف الذاتي هي من أهم ركائز الحياة. وعن حياته العملية قال جمعة: «عملت في وظائف وأعمال متنوعة، فبدأتها ساعي بريد، ثم مارست التعليق على الأحداث الرياضية في الإذاعة الداخلية لشركة «أرامكو»، وتنقلت بين المهمات والأعمال حتى عملت قائد سيارة إطفاء، وأيضاً مترجم فواتير»، مؤكداً أنه كان على استعداد للعمل من دون شروط، فالعمل من شأنه تقديم المعرفة في جوانب كثيرة، ويُعلّم الصبر على الضغوط والإبداع والابتكار». وعن حياته العملية داخل «أرامكو السعودية» قال: «تدرجت في العمل في الشركة حتى وصلت إلى نائب الرئيس، ونائب أول، ومن ثم رئيس الشركة، وكانت لي محطات عدة حتى وصلت إلى ذك المنصب، وتعلمت الدروس العظيمة في هذا المجال وخصوصاً فن القيادة». وأشار جمعة إلى أن القيادة في تعريفه الخاص هي التأثير في الآخرين، فالقائد يجب أن يجمع بين فنون كثيرة يستطيع استخدامها في مواقف كثيرة تجمعه بين مرؤوسيه، فتارة يساعدهم في الأداء ورفع مستوى الإنتاجية، وتارة أخرى يزيح عنهم الضغوط الناتجة من الأعمال المتواصلة، إضافة إلى الضغوط النفسية بكلمة أو مزحة يكون لها وقع كبير وتأثير نفسي عظيم، وفي النهاية لا ينجح أي فريق من دون احترام أو ثقة بين الأعضاء، وكي يكون الإنسان ناجحاً ينبغي أن يحيط نفسه بالأقوياء. ولفت جمعة إلى أن القائد مهما بلغ من علم وأداء مميز فإنه يجب عليه أن يكون متواضعاً أكثر، كي يستطيع العمل بحب مع فريقه، وتحقيق نتائج إيجابية، والوصول إلى أهدافه، فهو إنسان عادي، ولكن لديه الإصرار والطموح وتحمل الضغوط باعتبارها مواصفات يمتاز بها عن غيره، فالقائد المتواضع يريد فريقاً من النمور.