يأمل ياسر القصاص الذي فقد زوجته وأربعاً من بناته في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، بمقاضاة المسؤولين الإسرائيليين أمام محكمة الجنايات الدولية التي تصبح دولة فلسطين اليوم (الأربعاء) رسمياً عضواً فيها. وستتيح العضوية في المحكمة ملاحقة مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب أو أخرى مرتبطة بالاحتلال، على رغم أن تبعات هذا الفصل الجديد من النزاع تبقى غير معروفة. والقصاص واحد من آلاف ضحايا الحرب الإسرائيلية الدموية على قطاع غزة الصيف الماضي، والتي استمرت لخمسين يوماً وخلفت أكثر من 2200 شهيد فلسطيني غالبيتهم من المدنيين، و73 قتيلاً إسرائيلياً أيضاً غالبيتهم من الجنود. ويقول الرجل الذي فقد عشرة أفراد من عائلته أن «إسرائيل قتلت زوجتي وهي حامل وبناتي الأربع، إضافة إلى خمسة آخرين من العائلة. ويجب أن تدفع ثمن ذلك في المحكمة الجنائية الدولية». ويؤكد الرجل الأربعيني الذي تعرض منزل عائلته المؤلف من خمس طبقات للقصف غرب مدينة غزة في 21 تموز (يوليو) الماضي، أنه تقدم بشكاوى عدة ضد إسرائيل لدى مراكز حقوقية في قطاع غزة. ومثل القصاص، قام عاهد بكر (55 عاماً) بتقديم شكوى لدى مركز الميزان لحقوق الإنسان في قطاع غزة ضد إسرائيل التي قتلت ابنه وحفيده وابني شقيقيه في غارة إسرائيلية على شاطئ بحر غزة. واستشهد هؤلاء الأطفال الأربعة في 16 من تموز الماضي بينما كانوا يلعبون على شاطئ مدينة غزة في غارة شاهدها صحافيون مقيمون في فندق مطل على البحر. وطالب بكر «الرئيس الفلسطيني بأن يرفع قضيتنا في محكمة الجنايات الدولية ضد إسرائيل الإرهابية وأن يعيد لنا حق أطفالنا بالقانون الدولي». كما يتابع وهو يراقب طفله منتصر وعدد من أبناء أشقائه الذين نجوا من الحادثة وهم يلعبون على شاطئ البحر: «إسرائيل قتلت أطفالنا عمداً، لم يسقط صاروخ واحد بل أربعة، كل العالم رأى الحادثة على الهواء مباشرة». ويؤكد أيضاً «لو أعطوني كنوز الدنيا لن أرتاح، إلا حين أرى قادة إسرائيل و (رئيس الوزراء بنيامين) نتانياهو في السجون». وفي شباط (فبراير) الماضي، أكد الجنرال دان أفروني المسؤول في القضاء العسكري الإسرائيلي أن الجيش يقوم ب15 تحقيقاً جنائياً مرتبطاً بالحرب على غزة من بينها مقتل أطفال عائلة بكر. ووفق أفروني فإن «حرفيتنا يجب أن تكون كافية. وفي حال كانت هذه التحقيقات على مستوى معاييرنا فهي سترضي أياً كان». وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن تل أبيب ستقوم بكل ما بوسعها للدفاع عن جنود «الجيش الأكثر أخلاقية في العالم». وكلف الرئيس محمود عباس مؤسسات أهلية وحقوقيين وأكاديميين تشكيل لجنة وطنية لجمع بيانات تدعم موضوع الشكوى المقدمة. وتتهم إسرائيل حركة «حماس» في قطاع غزة بارتكاب جرائم حرب عبر إطلاقها صواريخ على المدنيين الإسرائيليين وباستخدام المدنيين الفلسطينيين في غزة دروعاً بشرية. ويقول عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة: «قمنا بتوثيق مئات القضايا التي تصلح كلها لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين جنائياً عما ارتكبوه»، موضحاً أن «هذا العدوان تميز بارتكاب جرائم نوعية مختلفة في انتهاك مبادئ القانون الدولي». ويرى يونس أن هذه الخطوة الفلسطينية قد تكون «نوعاً من الإجراء الوقائي والردع لإسرائيل التي لم تتحمل المسؤولية يوماً، ولديها شعور بأنها فوق القانون». لكنه يقر أيضاً بأن إنجاز أمر ملموس قد يتطلب سنوات طويلة، موضحاً أنه «لا يوجد سقف زمني لإصدار حكم في القضية بعد تقديمها». ومن بين القضايا المتوقع تقديمها قصف إسرائيلي استهدف في 12 تموز جمعية «مبرة فلسطين» لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ما أدى إلى استشهاد علا وشاحي (30 عاماً) وسهاد أبو سعدة (47 عاماً). وتوضح مديرة المركز جميلة عليوة «رفعنا قضية على إسرائيل عبر مركز الميزان لحقوق الإنسان، ونحن نطالب بتعويض لكل الأشخاص الذين تضرروا وللجمعية التي دمر كل ما فيها». وتتابع: «يجب أن نأخذ حقنا حتى لو أخذت القضية سنين، لسنا على عجلة». أما الفتاة مي حمادة التي أصيبت بحروق في كل جسمها في القصف على الجمعية، والتي تعاني أيضاً من بعض الصعوبات في النطق، فتقول «أريد حقي من إسرائيل، ومن الذين قصفونا».