حذر خبراء من أخطار رفع أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة، بعدما أزالت لجنة السوق المفتوحة لمجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي أخيراً، كلمة «الصبر» من بيان سياستها، لافتين إلى أن أسواق المال فسّرت هذه الخطوة بأن المجلس سيرفع أسعار الفائدة في النصف الثاني من العام الحالي، على رغم أن الاقتصاد الأميركي ينحدر إلى مزيد من الانكماش، كما أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد يكون تباطأ خلال الربع الحالي. وتوقعوا في تقرير أصدرته «مجموعة بنك قطر الوطني»، أن يؤدي رفع أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة خلال العام الحالي إلى تفاقم أزمة شحّ الدولار في العالم، ويؤثر سلباً في آفاق النمو المستقبلي في الولاياتالمتحدة والعالم. يشار إلى أن المجلس لمّح تدريجاً إلى رفع أسعار الفائدة خلال العام الحالي منذ نهاية برنامج الإنعاش النقدي العام الماضي، وعدّل لغة بيان سياسته في كانون الأول (ديسمبر) الماضي من عبارة «بعد وقت طويل» التي استخدمها سابقاً، إلى «التذرع بالصبر» حيال رفع أسعار الفائدة. وأشار التقرير إلى أسباب تطبيع المجلس السياسة النقدية للولايات المتحدة، مؤكداً أنه بعد أكثر من ست سنوات من بقاء أسعار الفائدة عند مستوى الصفر، وثلاث جولات متتالية من برامج الإنعاش النقدي التي ضاعفت الموازنة العامة للمجلس أكثر من أربع مرات إلى 4.5 تريليون دولار، فإن المجلس متحفّز لخفض وضع السياسة النقدية التيسيرية، وهناك أدلة على أن آثار السياسة النقدية غير التقليدية التي اتبعها كانت متباينة على الاقتصاد الأميركي، بما في ذلك الزيادة الكبيرة التي طرأت على أسعار الأصول وسوء تسعير الأخطار في أسواق المال. ومن شأن زيادة أسعار الفائدة، أن تضع حداً لهذه السياسة النقدية، وإزالة الآثار الجانبية السلبية التي تسبّبت بها في أسواق المال. وتساءل خبراء: هل العام الحالي هو الوقت المناسب لرفع أسعار الفائدة؟ مؤكدين أن الدليل الأخير على صحة الاقتصاد الأميركي يوحي بأن يكون الجواب بالنفي، فهذا الاقتصاد ليس في حالة انكماش فقط، بل هناك مزيد من الضغوط الانكماشية التي تتصاعد باستمرار، في ظلّ ما طرأ أخيراً من ارتفاع في قيمة الدولار واستمرار ضعف أسعار السلع الأساس، كما أن بيانات حديثة أظهرت أن النمو كان ضعيفاً جداً خلال الربع الحالي، ومؤشر «بلومبرغ» للمفاجآت الاقتصادية للولايات المتحدة، الذي يقيس الانحراف عن التوقعات حول البيانات الأميركية، لم يسجل هذه الدرجة من السلبية منذ الكساد الذي سجّل عام 2009. ورجّحت تقارير فرع مجلس الاحتياط في أتلانتا، أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الحالي إلى 0.6 في المئة مقارنة ب2.2 في المئة خلال الربع الأول من عام 2014، ولا يبدو أن هذه الظروف الاقتصادية التي تتناسب ورفع أسعار الفائدة. وأكد تقرير «بنك قطر الوطني» أن زيادة أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة ستؤثر سلباً في الاقتصاد العالمي، فتحسباً لهذه الخطوة، طرأ ارتفاع حاد في قيمة الدولار خلال الأشهر الماضية، ما أدى إلى شحّ شديد في الدولار خارج الولاياتالمتحدة. وفي وقت تخفف فيه البنوك المركزية الأخرى في العالم سياساتها النقدية، فإن رفع أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة سيعزز تحوّل المستثمرين إلى الأصول المقومة بالدولار، ويترك باقي اقتصادات العالم تعاني شحّ الدولار. وشدّد التقرير على أن «تاريخ الأزمات المالية الأخيرة، يُظهر أن الضغوط الناشئة عن شحّ الدولار غالباً ما تكون مقدمة لأزمات كبرى في ميزان المدفوعات لدول الأسواق الناشئة، كما أن الخطوة الأخيرة من جانب مجلس الاحتياط تعتبر نذير شؤم لكل من الولاياتالمتحدة وباقي الاقتصادات، وفي حال قرر المجلس رفع أسعار الفائدة خلال العام الحالي، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التباطؤ في الاقتصاد الأميركي ويعزز ضغوط شح الدولار على الاقتصادات الأخرى.