العالمي يزيد الراجحي بطلاً لرالي تبوك    الكويت: ضبط 24 شخصاً بتهمة ممارسة الرذيلة ومخالفة الآداب العامة    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج.. غداً    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع الهيئة العامة لعقارات الدولة    هيئة الصحفيين بمكة تنظم ورشة أدوات الإعلام السياحي غدا الاثنين    البنك السعودي الأول يدشن فرعه الجديد في مقره الرئيسي "برج الأول"    "التخصصات الصحية" تطرح مشروع تحديث التقويم التكويني المستمر    "زين السعودية" تسجل إيرادات بقيمة 2.5 مليار ريال للربع الأول من العام 2024    التنوير وأشباه المثقفين الجدد    مختص مناخ ل "الرياض": المملكة بعيدة عن تأثيرات الانفجارات الشمسية    القوات المسلحة تشارك في تمرين "الأسد المتأهب"    الأدوية وأفلام الرعب تسببان الكوابيس أثناء النوم    الأرصاد: استمرار التوقعات بهطول الأمطار على عدد من المناطق    استقبال طلائع الحجاج بالهدايا وحزمة البرامج الإثرائية    مخاوف من انتشارها.. سلالة جديدة من كورونا يصعب إيقافها !    «عدّادات الأجرة» تخضع لأحكام نظام القياس والمعايرة    انتكاس تجربة «إيلون ماسك» لزرع الشريحة    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الطبية والغذائية    السعودية وتايلند.. تعزيز التجارة واستثمارات واعدة    كنو: موسم تاريخي    صحف عالمية:"الزعيم لا يمكن إيقافه"    براعم النصر .. أبطالاً للدوري الممتاز    أخضر الناشئين لكرة الطائرة إلى نهائيات كأس آسيا    ختام ناجح لأسبوع الرياض الصناعي    100 مليون ريال في المرحلة الأولى.. "جونسون كنترولز "تصدر" تشيلرات يورك" سعودية الصنع إلى أمريكا    المنامة تستعد للقمة العربية.. وغزة تتصدر أعمالها    جمعية مرفأ تنفذ دورة "التخطيط الأسري" في جازان    محافظ الزلفي يزور فعاليه هيئة التراث درب البعارين    القبض على مقيمين لنشرهما إعلانات حملات حج وهمية    اكتشاف قدرات الأيتام    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    توقيع اتفاقية تعاون وتقديم خدمات بين منصة وتطبيق متر ووكالة سمة للتصنيف    مؤسس فرقة «بيتش بويز» تحت الوصاية القضائية    النزل التراثية بالباحة .. عبق الماضي والطبيعة    "هورايزون" و"بخروش" يفوزان بجائزتي النخلة الذهبية    أكبر منافسة علمية عالمية في مجال البحث العلمي والابتكار.. «عباقرة سعوديون» يشاركون في آيسف 2024    اجتياح الاحتلال لرفح يوقف معظم المستشفيات    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من إندونيسيا    الماء    مصادر «عكاظ»: لا وجود ل «المسيار» أمام المحاكم.. تراخيص المكاتب «هرطقة»    طبيبة سعودية تنقذ راكبة تعرضت للصرع على متن رحلة جوية    الذكاء الاصطناعي.. الآتي أعظم    خبراء صينيون يحذرون من تحديات صحية ناجمة عن السمنة    حذروا من تجاهل التشخيص والتحاليل اللازمة .. مختصون: استشارة الإنترنت علاج مجهول    حملة للتوعية بمشكلات ضعف السمع    الإسقاطات على الكيانات !؟    وما زال التدهور يخيّم في الأفق..!    الشمري يرفض 30 مليون ريال.. ويتنازل عن قاتل ابنه بشفاعة أمير منطقة حائل    الطلبة الجامعيون وأهمية الاندماج في جميع المناطق    مساحات ثمينة    جودة النقد بين نور والهريفي    أول دوري للبادل في العالم.. وقفات ومقترحات    وصول المنتخب السعودي للعلوم إلى الولايات المتحدة للمشاركة في آيسف 2024    القيادة تعزي ملك مملكة البحرين    المدينة أول صديقة للتوحد بالشرق الأوسط    وزارة الحج تدعو لاستكمال التطعيمات المخصصة لحجاج الداخل    الأمير مقرن بن عبدالعزيز يرعى حفل خريجي جامعة الأمير مقرن    جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة السادسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«روح» ضياء العزاوي الجريحة في باريس
نشر في الحياة يوم 09 - 03 - 2015

لن يكون في إمكان الفنان ضياء العزاوي ألا يلتفت إلى أعماله التي ينجزها بشغف العاشق المتمرد من أجل عمل واحد، يبدو فيه قد ارتقى واحدة من القمم التي اعتاد في كل مرحلة من مراحل تطوره الاسلوبي أن يصل إليها. غير أنه غالباً ما كان يفعل ذلك مضطراً، وإن بطريقة يغلب عليها الهمس.
لقد درب العزاوي (1939) نفسه على الشدة، فاختار طريق الفن الصعب، وهو ما مهد أمامه طرقاً شائكة لم يكن أحد يتوقع أن تجربته ستصل إليها. كان دائماً يفاجئ متتبعي فنه بما لم يكنه في السابق. الغريب في الأمر أن العزاوي في تحولاته لم يكن يحبط أحداً. كان في استمرار يزداد تألقاً، كما لو أن دربته الفنية زادته ايماناً بالقيم الإنسانية التي كان دائماً وفياً لها بقوة استقلاله.
في معرضه الحالي (قاعة كلود ليمان/ باريس) يعرض العزاوي مجموعة من نتاجاته الأخيرة في الرسم والنحت. لوحته «ثلاثية الروح الجريحة» (150/450 سم) هي واحدة من تلك المعروضات، غير أنها كما أرى سيدتها، بل سيدة المرحلة الفنية الجديدة التي انتقل إليها الفنان بعد احتلال العراق، بلده الذي غادره في سن مبكرة، غير أنه ظل مرجعيته الجمالية والعاطفية الوحيدة.
تسلل الشيء الكثير من انجازات الفنان العراقي القديم إلى رسوم العزاوي، ولم يكن ذلك ليحدث لإسباب عاطفية. كان العزاوي بسبب دراسته الاكاديمية للآثار لا يفسر تلك العلاقة من منظور عاطفي. كانت عقلانيته تغلب، غير أنها العقلانية التي لا تفرط بالمتعة. في الجزء الاعظم من أعماله يبدو العزاوي كما لو أنه يلعب، يسلي يده أو يتركها لألعابها المسلية التي ينتج منها جمال خارق، لم يكن لاحد أن يتوقع ظهوره قبل أن يخترعه الرسام.
سيرته الفنية مليئة بمفارقات من هذا النوع، وهو الذي قرر منذ سبعينات القرن الماضي أن ينضم إلى المعذبين والمتألمين والضحايا في عالمنا العربي. فكانت رسومه عن مجزرتي تل الزعتر وصبرا وشاتيلا (الثانية اقتناها متحف تيت في لندن وسط احتفال مهيب) بمثابة انحياز مطلق لجمال الموت الذي صار يقلق الإنسانية بقوة ما يدخره من نبل.
رسم العزاوي يومها كل ما يمت لإنسانيتنا المنتهكة بصلة من غير أن يمر بالشعارات التي كانت تمجد العقيدة على حساب الإنسان. كان فعل الرسم بالنسبة إليه هو فعل حياة مباشر، ولم يكن الرسم مجرد رد فعل. كانت الحياة تبدأ من الرسم، وكان الرسام هو خالقها ومالك أسرارها الوحيد.
في لوحته «صبرا وشاتيلا» بدا العزاوي كما لو أنه قال كل شيء. هذا ال «كل شيء» كان يشمل حياته الشخصية أيضاً. فكان السؤال «ما الذي يمكنه أن يرسمه بعدها من لوحات ملحمية؟» ما لم أقله حتى هذه اللحظة أن ذلك الرسام كان يمارس دوراً نقدياً في ما يتعلق بذاته لم يمارسه رسام عراقي من قبل. لذلك فقد كانت خطواته محروسة بحذر ناقد يرابه. ولكنه كان يحتال على ذلك الناقد بالكثير من اللعب، وكان ذلك اللعب مسلياً بالنسبة الى مقتني أعماله. صار العزاوي بالنسبة للكثيرين وصفة جاهزة وهو ما لم يكن يحبه العزاوي نفسه. فهو لا يرغب في أن يكون اسلوبه وصفة سحرية في سوق الفن. لا تزال رؤاه تسبقه.
في «ثلاثية الروح الجريحة» يضعنا العزاوي في جوهر الألم. يسلمنا لمنعطفاته، ولكنه في النهاية يخرجنا كائنات حرة، نظفها الالم من آثامها. ولكن بأي ثمن؟ كان الجمال عنيفاً في تصديه لكل أسباب الخنوع والذل. ستكون أدوات الرسام عاجزة عن الشرح، غير انها ستجد متسعاً لها في الحديث حين يكون الجمال مجالها. وهذا ما فعله العزاوي وهو الذي لم يكن راغباً أصلاً في أن يكون حواره مع الأشياء سياسياً.
كان العزاوي دائماً هو رسام وجود، استطاع أن يفر بعراقيته من الحنين إلى الواقع ليكون موجوداً بسحر الرسم في التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.