حين انتصف نهار اول من امس، وقف تجار الذهب في بيروت، وتحديداً في الأسواق المنتشرة في محلة البربير خارج محلاتهم وأسدلوا جرارات أبوابها لمدة ساعة، في تحرك احتجاجي نادر لمطالبة وزارة الدفاع بإلغاء «الشروط التعجيزية» على تسلحهم. والتحرك الذي دعت إليه «نقابة تجار الذهب والمجوهرات» يأتي بعد تعرض تاجر الذهب بالجملة منذ أكثر من 20 سنة في منطقة بعلبك «أبو جهاد السلطان» لعملية سلب مسلحة على طريق بعلبك- عين بورضاي الإثنين الماضي، حيث طوقه 4 مسلحين اثنان منهم ملثمان وسددوا أسلحتهم إلى رأسه وأجبروه على تسليمهم نحو 7 كيلوغرامات من الذهب كان يحملها إلى تجار بعلبك ولاذوا بالفرار، إلا أن أحدهم سقط هاتفه الخليوي في سيارة المسلوب ما سهل على الأجهزة الأمنية التعرف إلى هويته، علماً أن عملية السلب جرت بعد الظهر وعلى بعد 200 متر من ثكنة الشيخ عبدالله ونحو 100 متر أخرى من منازل الضباط وفي ظل خطة أمنية ينفذها الجيش في كامل محافظة بعلبك- الهرمل. لا ينكر نقيب تجار الذهب نعيم رزق، أن «الأموال» المعلقة في واجهات محلاتنا تغري السارقين في بلد مرهونة استمرارية الأعمال فيه بخطاب ناري لقيادي من هنا وقيادي آخر من هناك، وعلى رغم الحراسات الأمنية المتخذة في أسواق الذهب بالتنسيق مع القوى الأمنية الرسمية، فإن مخاطر التعرض لعمليات سلب قائمة ممزوجة بدم الصاغة أو زبائنهم»، معدداً حوادث «حصلت في الغازية والصرفند وشتورة وعنجر ومرجعيون». وكانت وزارة الدفاع ألغت قبل شهر تراخيص الأسلحة التي يقتنيها الصاغة في محلاتهم وفرضت لتجديدها إجراءات كثيرة، من بينها معرفة رقم قطعة السلاح الذي يراد ترخيصه. إلا أن احتجاج بعض الصاغة ينطلق من أن بينهم من يقتني مسدسات «أميرية»، وهي ملك الدولة، ويبدو أنها وصلت إلى سوق السلاح في فترة الحرب في لبنان، ويريدون أن تكتفي وزارة الدفاع بإعطاء تراخيص لأسلحة تحمل كلمة «مختلف»، شأنها شأن بطاقات حراسة النواب والوزراء والشخصيات. وينتسب إلى النقابة المذكورة نحو ألف صائغ، ومثل هذا العدد أيضاً ينتمي إلى نقابات مناطقية ويستفيد أيضاً من الحركة المطلبية نفسها. وكان بعض الصاغة السوريين انضم إلى السوق اللبنانية بيعاً وتصنيعاً من خلال محلات ومعامل أنشأوها في بيروت بعدما نقلوا أعمالهم من سورية إلى لبنان، وتحمل محلاتهم أسماء تشي بسورية أصحابها، ك «ابو يقظان» مثلاً. وإذا كانت عمليات شراء الذهب لا تزال تجري على قاعدة «خبئ قرشك الأبيض ليومك الأسود»، فإن صاغة في بيروت يلاحظون أن أكثرية زبائنهم باتت من السوريين وبعدهم يأتي لبنانيون من الطبقات المتوسطة الذين يفضلون استثمار مدخراتهم القليلة في الذهب. ومن تداعيات الأزمة السورية على سوق الذهب اللبناني، تهريب ذهب مصنّع في سورية بعض عياره غير مراقب، في وقت تكثف النقابة دوراتها التدريبية للمراقبين بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد لمنع الغش في هذا المعدن، علماً أن دور النقابة رقابي فقط. والغش في المجوهرات يتعدى الذهب إلى معادن أخرى وإلى الحجارة الكريمة، ويتغلغل باعة المجوهرات المزيفة في أسواق الصاغة، ولضبط السوق منعت النقابة هؤلاء الباعة من اقتناء ميزان للمعادن في محلاتهم أو كتابة كلمة «مجوهرات» على أبوابها. ويؤكد النقيب رزق «أن لا شيء اسمه «ذهب برازيلي» ومن يكتب هذه الجملة في محله أو مجرد كلمة «ذهب» يكون غشاشاً، علماً أن وزارة الاقتصاد اشترطت على مصنعي الصياغة الذهبية وضع «لوغو» المعمل على مجوهراتهم لتحميلهم مسؤولية أي تلاعب».