طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس المجلس المركزي لمنظمة التحرير الذي بدأ أمس أعمال دورته السابعة والعشرين في مدينة رام الله، ببحث وظائف السلطة وعلاقتها بإسرائيل في ضوء فشل المفاوضات الثانية ومواصلة الاستيطان. وقال عباس في كلمة ألقاها في افتتاح اجتماعات المجلس التي تستمر يومين: «إن المجلس المركزي الفلسطيني هو أعلى سلطة لدى الشعب الفلسطيني، وعليه إعادة النظر في وظائف السلطة في هذه المرحلة التاريخية». وأضاف: «نحن سلطة بلا سلطة، يجب إعادة النظر في وظائف السلطة، فنحن سلطة لا نمون (ليست لدينا سلطة) على أي شيء، وأحياناً نخجل من ذلك». وتابع: «أين أفق السلام، نريد أن ندرس كيف نعيد السلطة، وضمان ألا يكون التزام المعاهدات والمواثيق الموقعة من جانب واحد». واستعرض الرئيس الفلسطيني تاريخ العملية السياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتي بدأت في مدريد عام 1991، مشيراً إلى أنها وصلت إلى طريق مسدود برفض إسرائيل حل الدولتين ومواصلتها الاستيطان في الأراضي الفلسطينية. وقال إن الخيار الوحيد أمام الشعب الفلسطيني هو المقاومة الشعبية وليس العنف، موضحاً: «المقاومة الشعبية هي الطريق الوحيد للتعبير عن إرادتنا»، مؤكداً أن الفلسطينيين سيظلون في أرضهم، ولن يكرروا خطأ عام 1948 بالخروج من البلاد. وأضاف: «نحن قاعدون في أرضنا، وإذا لم نحقق السلام، قاعدون». وجدد عباس تأكيده بأنه لن يعترف بالدولة اليهودية التي قال إن لا فرق بينها وبين «داعش»، في إشارة إلى «تنظيم الدولة الإسلامية». وأضاف: «داعش هناك وداعش هنا»، مشيراً إلى الدولة اليهودية التي يطالب بها اليمين الإسرائيلي. وتابع: «لن نقبل بالدولة اليهودية هنا، كما لا نقبل بأسلمة النضال في الشرق الأوسط». وأكد الرئيس الفلسطيني أن الموقف السعودي من القضية الفلسطينية ثابت لم يتغير، موضحاً أن ما تقوم به المملكة تجاه القضية الفلسطينية «باقٍ كما كان وأكثر». وشدد على أن حل القضية الفلسطينية هو الطريق الوحيد أمام إنهاء العنف والتطرف في المنطقة، مضيفاً: «الحل بسيط وهو الموافقة على المبادرة العربية للسلام، فإذا انسحبت إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967، فإن جميع الدول العربية والإسلامية ستعترف بها». وفي شأن المصالحة، قال عباس انه مستعد لاصدار مرسوم رئاسي اليوم لاجراء انتخابات عامة في حال موافقة حركة «حماس» على اجراء الانتخابات. وجدد استعداده العودة للمفاوضات في حال أوقفت إسرائيل الاستيطان وأفرجت عن الأسرى القدامى، مشيراً إلى أن الانتخابات الإسرائيلية شأن داخلي، وأنه يتعامل مع الحكومة المنتخبة. وحمل عباس على الحكومة الإسرائيلية لقيامها بمناورات عسكرية واسعة في الضفة الغربية يشارك فيها 15 ألف جندي، معتبراً هذه المناورات رسالة تهديد للشعب الفلسطيني. وانتقد عباس بشدة قيام الحكومة الإسرائيلية بمعاقبة السلطة ووقف تحويل أموال الجمارك لها بسبب توقيعها على الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقال إن احتجاز الأموال ترك السلطة عاجزة عن دفع رواتب موظفيها، مشيراً إلى أن المجلس المركزي سيراجع الاتفاقات الاقتصادية الموقعة مع إسرائيل لهذا السبب. وقال مسؤولون فلسطينيون إن المجلس المركزي سيبحث في وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، ووقف التزام اتفاقية باريس الاقتصادية. وذكر مسؤول رفيع ل «الحياة» أن الجانب الأميركي ضغط على الرئيس عباس من أجل الامتناع عن اتخاذ أي قرارات استراتيجية في هذا الاجتماع قبيل الانتخابات الإسرائيلية، من قبيل وقف التنسيق الأمني أو وقف العمل باتفاقية باريس الاقتصادية. ورجح المسؤول أن يرسم المجلس، في نهاية دورته التي حملت عنوان «دورة الصمود والمقاومة الشعبية»، الخيارات الفلسطينية للمرحلة المقبلة، ويضمنها وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، ووقف العمل باتفاقية باريس، لكنه سيترك للقيادة الفلسطينية التوقيت اللازم للتنفيذ.