تجددت المواجهات في اليمن أمس بين الحوثيين ومسلحي القبائل الذين يدعمهم عناصر من تنظيم «القاعدة» في محافظة البيضاء، وأدت الى سقوط قتلى وجرحى، في ظل تحركات حثيثة للتنظيم في محافظتي لحج وشبوة المجاورتين استباقاً لأي تقدم حوثي نحو مناطق الجنوب، وتزامن ذلك مع غارة جديدة شنتها طائرة أميركية من دون طيار استهدفت شاحنة أسلحة في شبوة، ما أدى إلى تدميرها وقتل ثلاثة من عناصر التنظيم على الأقل. وفيما خرجت تظاهرة حاشدة في مدينة تعز للتنديد بانقلاب الحوثيين وتأييد شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، شهدت مدينة عدن التي اتخذ منها هادي عاصمة موقتة لسلطاته بعد هروبه من قبضة الحوثيين في صنعاء، عصياناً أدى إلى شل الحركة في ساعات النهار الأولى دعت إليه فصائل»الحراك الجنوبي» المطالبة بالانفصال عن الشمال. ولم تحمل المفاوضات التي يرعاها في صنعاء مبعوث الأممالمتحدة جمال بنعمر بين القوى السياسية أي مؤشرات على صعيد التوصل إلى حل للأزمة، في ظل مطالبة هادي وأحزاب «الإصلاح» و «الاشتراكي» و «الناصري» بنقل الحوار خارج صنعاء ورفض «المؤتمر الشعبي» وجماعة الحوثيين هذا الاقتراح، إلى جانب تمسك الجماعة ب «إعلانها الدستوري» واعتبار هادي «فاقداً للشرعية ومطلوباً ل «العدالة الثورية» بتهمة الخيانة. في غضون ذلك استقبل هادي أمس في القصر الرئاسي في عدن السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر، في سياق الدعم السياسي الذي يقدمه المجتمع الدولي في مواجهة الخطوات الانقلابية من قبل الحوثيين، وجدد تولر في حديث صحافي مقتضب دعم بلاده الشرعيةَ الدستورية في اليمن ممثلةً بالرئيس هادي، داعياً إلى» تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني». وندد حزب «التجمع اليمني للإصلاح» في بيان أمس، باعتقال الحوثيين أربعة من قياداته في صنعاء وجهت إليهم الجماعة تهمة الارتباط بتنظيم «القاعدة» واصفاً تلك الاتهامات ب «الكيدية والمثيرة للسخرية وعدم الاستناد إلى أبسط قواعد العمل السياسي والقانوني والأخلاقي». وقال إن خطفهم «يعبر عن سلوك عدواني غير مبرر ومخالف لكل التشريعات والقوانين ومنتهك لحقوق الإنسان ويكشف بجلاء زيف الشراكة والتعايش الذي تنادي به جماعة الحوثي». وكان القيادي المستقيل من الجماعة علي البخيتي كشف معلومات عن اتخاذ الجماعة قراراً يقضي بحل حزب»الإصلاح» واعتقال قياداته وإغلاق مقراته، مؤكداً أنها تنتظر «ساعة الصفر» لتنفيذه. وفي حين تلوح جماعة الحوثي باقتحام مأرب وتعز وعدن وبقية مناطق الجنوب إذا أصر هادي على التمسك بشرعيته رئيساً للبلاد، أكدت طهران أمس وصول وفد حوثي وصفته ب «الحكومي» في زيارة تهدف إلى تعزيز أوجه التعاون السياسي والاقتصادي مع إيران، وذلك بعد يوم من وصول أول رحلة جوية للطيران الإيراني إلى صنعاء ضمن اتفاق يقضي بتسيير 28 رحلة بين صنعاءوطهران أسبوعياً. ورداً على تصريحات هادي التي اعتبر فيها الاتفاق الجوي مع إيران باطلاً وتوعد بمحاسبة المسؤولين عنه، أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان أمس، أن الاتفاق موقع مع اليمن منذ العام 2000 وأنه جرى تفعيله قبل عشرة أيام وبموجبه دشنت شركة طيران «ماهن إير» رحلاتها إلى صنعاء. ميدانياً، أكدت مصادر قبلية ل «الحياة» أن مسلحي القبائل المناهضين للحوثيين في محافظة البيضاء هاجموا أمس بدعم عناصر من تنظيم «القاعدة» مواقع حوثية في أكثر من منطقة في مديرية ذي ناعم، مستخدمين الأسلحة المتوسطة والخفيفة، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين. إلى ذلك كشفت مصادر أمنية وشهود، عن تحركات حثيثة لمسلحي التنظيم في محافظة لحج وشبوة المجاورتين للبيضاء في سياق استباق أي تقدم حوثي باتجاه مناطق الجنوب، وأكدت المصادر أن المئات من عناصر»القاعدة» ينتشرون في محيط مدينة الحوطة مركز محافظة لحج وأن العشرات منهم دخلوا أول من امس الأحد المدينة في شكل استعراضي حاملين أعلام التنظيم قبل أن ينسحبوا إلى مخابئهم. وأضافت المصادر أن مسلحي التنظيم وزعوا منشورات تتوعد الحوثيين وقوات الجيش، في حين استدعت السلطات المحلية تعزيزات أمنية وعسكرية لتأمين المقرات الحكومية تحسباً لأي هجمات محتملة للسيطرة عليها. وفي محافظة شبوة أفادت مصادر أمنية أن تنظيم «القاعدة» أعاد نشر عناصره على حدود المحافظة المتاخمة لمحافظة البيضاء وأمرهم بالانخراط في صفوف مسلحي القبائل المتأهبين لصد أي توغل للحوثيين، مستفيداً من ترسانة الأسلحة التي استولى عليها الشهر الماضي بعد مهاجمته معسكرات للجيش ومواقع أمنية عدة.