تميزت الأمسية التي نظمتها جمعية الثقافة والفنون في الطائف أخيراً، وشارك فيها كل من ماجد الثبيتي وهيثم السيد، إذ لم تتوقف عند عنوانها: «قاص وشاعر»، بل تجاوزته من خلال مواكبة القصيدة والسرد بأشكال فنية متعددة فارتبط المسرح بالتشكيل وانسجم النحت مع الموسيقى وتكامل التصوير الضوئي والسينما، حتى لم يعد يمكن تخيل جنس إبداعي غير موجود في تلك الليلة. وجود كل تلك العناصر الفنية والجمالية في مسرح الأمسية، لم يمنع الأديبين الشابين من الاستحواذ منذ البداية على إعجاب الجمهور، الذي بقي مستمعاً بتركيز إلى نصوص أدبية مميزة، سبقتها إلى المسرح عدد من اللوحات التشكيلية والصور الضوئية والمنحوتات، إضافة إلى فيلم سينمائي تعريفي تضمن جوانب من السيرة الثقافية لفارسي الأمسية. وفي أول أمسية له بعد فوزه بجائزة الشارقة للإبداع، كان ماجد الثبيتي يعرض تجليات جميلة من تجربته القصصية، التي تضمنت اشتغالات فنية تقوم على التكثيف الدلالي والمفردة السهلة، مع التركيز على خلق الصور وإعادة قراءة الأشياء بطرق تقترب من الفلسفة حيناً وتتماس مع الشعر في حين آخر. من جانبه، أطلق الشاعر هيثم السيد عنان حضور مميز، منذ مقدمته التي شكر فيها الطائف معتبراً أنها «أعادت كلمته إلى سيرتها الأولى بعد أن شهدت بدايات تكوينها»، قبل أن يقدم نصوصاً منوعة من تجربته التي تطرق مختلف الأشكال الشعرية. القراءات الشعرية والقصصية جاءت لتكشف عن تنوع واضح يمتلكه الأديبان، سواء في تجربة الثبيتي التي تشتغل على القصة المكثفة بالدلالات وغير البعيدة عن التجريب وقصيدة النثر، أم في تجربة السيد التي تقوم على اللغة والرؤية في تقديم مفهوم شعري لا يعتمد على الشكل، وعلّق مثقفون من مدينة الطائف على أن اختيار هذين الاسمين يؤكد اتجاه ملتقى وج لتكريس تجارب أدبية شابة تملك قدرات نوعية في الكتابة، لاسيما أنهما يعدان من الأسماء الهادئة نسبياً في الوسط الإعلامي، على رغم امتلاكهما قدراً كبيراً من الإبداع والعمق. شهدت الأمسية حضور عدد من النقاد تقدمهم الدكتور عالي القرشي، الذي أبدى إعجابه بالتجربتين، مؤكداً اطلاعه المسبق على نصوص ماجد الثبيتي ومشيداً بما فيها من تطور وعمق، بينما اعتبر أن هيثم السيد قد نجح في كسر المفهوم التقليدي للنص الإيقاعي وذلك بتجديده الواضح على مستوى اللغة والصور الشعرية. وأشار الناقد الدكتور عاطف بهجات إلى تنوع تجربة الثبيتي وإلى امتلاك السيد مقومات شاعر حقيقي يمكنه أن يثبت حضوره بشكل مؤثر في الفترة المقبلة. واختتمت الأمسية بتكريم الأديبين بدروع تقديرية وأكاليل من الورد الطائفي، قام بتسليمها لهم كل من الدكتور عالي القرشي وعبدالعزيز عسيري مدير فرع جميعة الثقافة والفنون في الطائف سابقاً.