دشّن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أول من أمس، مرحلة جديدة لسياسة المملكة الداخلية والخارجية، وأعطى رسماً واضحاً في إنشاء ملامح توجه الدولة تجاه المرحلة الراهنة أمنياً وسياسياً بعد أن شكل لأول مرة في تاريخ الحكومة السعودية مجلس الشؤون السياسية والأمنية برئاسة ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، وألغى 12 مجلساً ولجنة تضم بينها مجلس الأمن الوطني. ومن المتوقع أن يلعب المجلس الجديد دوراً استشارياً وتنفيذياً في صنع القرار الرسمي بالمملكة، خصوصاً في ما يتعلق بالخطط الأمنية الداخلية والعسكرية الخارجية، وهو مجلس بمثابة «مجلس الوزراء» بشكل مصغر، إذ يضم في عضويته وزراء الخارجية والحرس الوطني، ووزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ووزراء دولة، ووزير الثقافة والإعلام، ورئيس الاستخبارات العامة، وتم تعيين أمين مجلس الوزراء أميناً لهذا المجلس، كما ستوضع لائحته ويتم تحديد مواعيد انعقاده بشكل دوري. وقال عضو مجلس الشورى عبدالله العسكر ل«الحياة» إن «المرحلة الراهنة التي تعيشها المملكة تتطلب تغييراً في وضع سياساتها، والمضي قدماً لمراجعة خططها في مختلف المجالات»، معتبراً خطوة تشكيل المجلس الجديد «بمثابة غرفة للعمليات تناقش وتقدم الخطط الأمنية والسياسية للدولة الكفيلة في طرح كل الأفكار قبل اتخاذ القرار المناسب». وأضاف العسكر: «من الملحوظ أن المجلس ضم في عضويته وزراء ومتخصصين، وهي خطوة صحيحة وجديدة للحكومة في ظل ما تعانيه المنطقة من ظروف سياسية حرجة، بحيث يصبح على صانع القرار اتخاذه بشكل مدروس، ولأن الظروف أصبحت ملحة في اليمن وسورية والعراق وحتى إيران (...) هي خطوة مهمة جداً، والمجلس الجديد سيكون شبيهاً بالمجلس الاقتصادي، وخادم الحرمين مطلع على الصراعات بأشكالها كافة، وهو من شجع لتنفيذ هذه المهمة الجديد». وأشار عضو مجلس الشورى إلى أن الخطوة الجديدة من خادم الحرمين في إنشاء المجلس، «تتطلبها المرحلة الراهنة، إذ سيكون عبارة عن غرفة عمليات لتقديم المشورة، لأن الأعضاء فيه سيكونون متخصصين ووزراء، وسيقدم الخطط الأمنية والسياسية للدولة، وسينعقد في دورات متتابعة، وسيناقش الدراسات الموجودة في المنطقة». من جهته، قال رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالعزيز بن صقر: «إن قرار إنشاء المجلس الأمني والسياسي تفعيل واضح لمجلس الوزراء بطريقة تحافظ على الأداء الذي يتمتع به». وأضاف: «مجلس الوزراء الآن وزع مهماته وحددها للمجلس الجديد المنبثق عنه، ولديه مسؤوليات واضحة ومطالب بنتائج، وهو تفعيل لدور المجلس للسلطة التشريعية وتقسيم وتوزيع المهمات وترتيبها، والارتباط الوثيق بالأمن والاقتصاد». وحول إن كان المجلس الجديد سيلغي الدور الانفرادي للوزارات السيادية في اتخاذ القرار بشكل خاص، قال ابن صقر: «الهدف من هذا القرار توحيد السياسات السعودية في الخارج، والدليل ضم المجلس في عضويته وزارات كبرى مثل الدفاع والداخلية والخارجية، وكذلك الشؤون الإسلامية بحكم زعامة المملكة للعالم الإسلامي، وهذا سيثبت الدور الكبير للسعودية، ويمكّن من قضية رسم سياسات موحدة لكثير من الدول، وهذا الكلام سينعكس على الوضع الاقتصادي للدولة، فلا يمكن لأية دولة لديها علاقة سياسية غير جيدة مع دولة أخرى أن تصنع تعاوناً اقتصادياً جيداً معها في الوقت نفسه، وهذا المجلس الجديد سيلغي التباين الحاصل بعد البدء في مهماته». وتابع: «مثال ذلك، الموقف من روسيا التي لدينا في السعودية موقف منها تجاه تدخلها في الشأن السوري وغيره، فلا يمكن أن ندفع ونشتري أسلحة ونطورها معها ولدينا هذا الموقف السياسي منها، فستبنى المصالحة الاقتصادية بناء على المصالح الوطنية للبلاد». وكان خادم الحرمين الشريفين ألغى ليل أول من أمس، 12 مجلساً ولجنة تتعلق بسياسة التعليم والتنظيم الإداري والخدمة المدنية، والجامعات، وشؤون البترول والمعادن، والمجلس الاقتصادي الأعلى، ومجلس الأمن الوطني، والمجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وتم الاكتفاء بمجلسين منفصلين الأول للسياسية والأمن، والثاني للاقتصاد والتنمية.