انطلاقاً من أهمية العلم والتعليم، ولكونه المقياس الأول لرقي الدول وتحضر الشعوب، وإعداد جيل من الخريجين في تخصصات تحتاجها سوق العمل السعودية للإسهام في دفع عجلة التنمية، ما يجعل الدولة في مصاف الدول المتقدمة، ولأهمية الاستثمار في عقول النشء، استحضر الملك عبدالله بن عبدالعزيز أهمية هذا المجال فكان المحور الرئيس، مانحاً إياه أولوية قصوى، ما يُعزز تأكيداته الدائمة وحرصه على أبناء وطنه، وتعهده في مجالسه الرسمية بتلمس حاجاتهم، وتوفير سبل التقدم والرقي لهم. وإيماناً من الملك الراحل بأهمية التعليم والاستثمار فيه، خصص ما يزيد على ال 200 بليون ريال خلال عام واحد فقط لتطوير التعليم بشقيه العالي والعام، عدا عن الدعم المستمر الممتد على مدى نحو العقد من الزمن لهذا المجال. فتح الملك الراحل آفاقاً كبيرة أمام أبناء هذا الوطن بإتاحته تلقي تعليمهم الجامعي في مناطقهم بعد أن كان الترحال هماً يؤرق كل طالب جامعي، فالجامعات الحكومية بعد أن كانت سبع جامعات في ثلاث مناطق إدارية أصبحت 25 جامعة حكومية منتشرة في جميع مناطق ومحافظات البلاد، عدا عن فتح المجال لجامعات وكليات أهلية تقدم التعليم الجامعي لأبناء هذا الوطن مع تكفل الدولة برسومها الدراسية، ليصل عدد الطلاب في الجامعات السعودية إلى نحو 1.5 مليون طالب وطالبة (بحسب موقع وزارة التعليم العالي). لم يكتفِ الملك عبدالله بذلك، إذ إن تعدد المصادر وتلقي العلم من مصادر أخرى يُعد من أهم العوامل المهمة في تشبع المُتعلم وحصوله على أفضل النتائج، فكان برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي يمثل النقلة النوعية في مجال التعليم العالي، البرنامج الذي انطلق في مرحلته الأولى في العام 1426ه، وتشير الأرقام حينها إلى 5000 مبتعث فقط. المرحلة العاشرة من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي تؤكد إيمان الملك الراحل بأهمية هذا البرنامج، من خلال زيادة أعداد المبتعثين إلى 150 ألف مبتعث ومبتعثة شاملة جميع التخصصات العلمية والنظرية. البرنامج ذاته أعلن قبول أعداد من طلبته في جامعات تُعد في مصاف الجامعات المتقدمة عالمياً، ولعل من ثمار البرنامج المؤكدة لحصافة الملك الراحل حصول عدد من المبتعثين السعوديين في الجامعات العالمية على عدد من الأوسمة والجوائز، وتفوقهم العلمي خير شاهد على رؤيته الثاقبة، بل إن عدداً من خريجي البرنامج أتيحت لهم فرص لممارسة العمل الأكاديمي والبحثي في الجامعات نفسها التي تخرجوا فيها. 9 أعوام كانت شاهدة على مراحل برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، بدأت بابتعاث عدد من الطلاب والطالبات إلى الولاياتالمتحدة الأميركية، ثم توسعت دائرة الابتعاث لتشمل عدداً من الدول المتقدمة في تخصصات متنوعة تلبي حاجة سوق العمل في البلاد، وبحسب المصادر الرسمية حتى عام 2013، (اطلعت عليها «الحياة») ابتُعث نحو 150 ألف طالب وطالبة من التخصصات كافة، العلمية والنظرية، وعلى جميع المستويات، ابتداء من الدبلومات، مروراً بالبكالوريوس والماجستير، وانتهاء بالدكتوراه، والزمالة الطبية، موزعين على نحو 26 دولة من مختلف قارات الكرة الأرضية، يدرس نحو 75 ألفاً منهم في الولاياتالمتحدة الأميركية، تليها بريطانيا وكندا وأستراليا، ودول أخرى، ونسبة من يدرس الطب والهندسة والحاسب أكثر من ثلث المبتعثين، يضاف إليهم المرافقون الذين يستفيدون من الفرصة بمواصلة تعليمهم أثناء مرافقتهم لذويهم، ولما لهذا البرنامج من نتائج ملموسة جاءت البشرى لأبناء الوطن من والدهم بتمديد البرنامج ليصل إلى مرحلة ثالثة تمتد إلى خمسة أعوام أخرى.