«أقول للشعب كله: أنتم تقولون عني إني ملك القلوب، أو ملك الإنسانية، أرجوكم أعفوني من هذا اللقب، فالملك هو الله، ونحن عبيد الله». يتردد صدى هذه العبارات في آذان أبناء شعبه، مستحضرين تواضعه الجم وحبه لهم. شعبه ومحبوه قدّموا كثيراً من الألقاب، وفي المقابل ظل يقول «هذا واجبي وأنا لولا شعبي لا شيء، أنا فرد منكم». خشي أن يأخذه المُلك إلى جبروت العظمة، فرفض اللقب، إلا أنه في عيون شعبه وأمته كان «الملك الإنسان بكل ما يحمله هذا اللقب من دلالات. صال وجال في مضامير الخير، حتى بات يصعب إحصاء أعماله التي تعكس «إنسانيته»، فجاء من بين ذلك اهتمامه بالتوجيه بفصل الأطفال السياميين من مختلف دول العالم، مروراً بشفاعته التي أنقذت ما يقرب من 150 رقبة، إلى جانب أعماله الجلية في مساعدة المنكوبين في الدول الإسلامية والعربية والعالمية. وقوفاً بحالات الفصل السيامي، الذي جعل من المملكة العربية السعودية رائدة في هذا المجال، اتضح جلياً تغاضيه عن الانتماءات السياسية أو الدينية أو الطائفية، ف«الإنسانية» تأتي في المقدم. كريس وكرستيان، فاطمة وزهراء، حسن وحسين، سماح ووهبة، سمر وسحر، و22 آخرين، هؤلاء توائم ولدوا «سياميين»، إلى أن تدخّل الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأنهى معاناتهم ومعاناة آبائهم وأمهاتهم بجراحات استمر بعضها 16 ساعة. في حين كان حرص الملك على حقن الدماء بارزاً، فأعلن أخيراً أن لجنة عتق الرقاب التي كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز يشرف عليها شخصياً استطاعت عتق رقاب 150 شخصاً حُكم عليهم بالقصاص، والحصول على عفو من أهل الدم داخل السعودية وخارجها، على مدار الأعوام الثلاثة الماضية. ومن صور الإنسانية لم ينسَ الملك الفقيد مرضى الفشل الكلوي، إذ افتتح مشروع مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للأعمال الإنسانية لرعاية مرضى الكلى في 2014. وشكّلت القضية الفلسطينية واحدة من أهم أولويات الفقيد، فقد تكفل بنقل المصابين من قطاع غزة المتأثرين بعد الهجوم الغاشم من الكيان الصهيوني الأخير على القطاع، ودعا القادة الفلسطينيين من حركتي «حماس» و«فتح» إلى مؤتمر في مكةالمكرمة، وذلك لإنهاء الخلاف بينهما وإنشاء حكومة وحدة وطنية فلسطينية. ووقفات الملك مع السوريين المنكوبين، إذ أمر الفقيد بإلحاق الأطفال السوريين بالمدارس السعودية والتكفل بمصاريف دراستهم، وذلك إثر الأزمة التي تمر بها بلادهم. ورصدت «الحياة» تغريدات عدة أنشأها فلسطينيون ينعون فيها خادم الحرمين الشريفين، مؤكدين أنهم لم ولن ينسوا وقفاته الجلية في جانب حقهم، وخصوصاً إنشاءه حياً سكنياً يضم في داخله نحو ال15 ألف نسمة.