حظي التعليم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- باهتمام كبير، إذ حقق خلال عقد من الزمن قفزات عالية في مجالاته كافة، لما يمتلكه من رؤية تنموية شمولية لبناء الإنسان السعودي المؤهل والقادر على الإنجاز والإبداع، إذ جعل همه تطوير قطاع التربية والتعليم حتى بات يشهد حالة من التطور والنمو الكمي والكيفي، فأنفق بسخاء لتطوير التعليم العام، وعلى البرامج التطويرية بوجه خاص، وخصص لها الموازنات الكبيرة، وزخرت تلك السنوات بالعطاء والخير والنماء والرخاء وإنجازات شامخة وعملاقة في المجالات كافة، أهمها التربية والتعليم. وفي عهده صدرت الموافقة من مقامه على دعم برنامج عمل تنفيذي لتحقيق أهداف مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام في المملكة مدة خمس سنوات، إذ تزيد كلفة المشروع على 80 بليون ريال، إضافة إلى ما يتم تخصيصه سنوياً للوزارة، كما شهد أواخر عهد الملك عبدالله -رحمه الله- موافقة المقام السامي على تشكيل لجنة وزارية من الوزراء ذوي العلاقة لتولي الإشراف العام على تنفيذ برنامج العمل. كما وافق الملك الراحل على إنشاء اتحاد رياضي باسم الرياضة المدرسية في وزارة التربية والتعليم على أن تقوم اللجنة العليا لسياسة الاتحاد السعودي للرياضة المدرسية بوضع الضوابط والقواعد لهذه الرياضة، سعياً منه في تطوير الرياضة المدرسية وانعكاساتها الإيجابية على الرياضة السعودية ككل. وخلال حكم الملك عبدالله برزت ملامح التنمية التي تحققت خلال السنوات الماضية، فعمت أرجاء الوطن فحظي التعليم العام في عهده باهتمامه، مادياً ومعنوياً ما مكن الحركة التعليمية والتعليم العام خاصة من التقدم المطرد والرقي بمخرجاته وتعزيز أدواره للنهوض بالمجتمع السعودي وتطوره، إذ حقق التعليم العام في السعودية إنجازات كبيرة منذ توليه مقاليد الحكم، ومزيداً من الاهتمام ليواصل التقدم والازدهار الذي بدأه أسلافه في شتى المجالات، أهمها التعليم ليضيف لبنات التطور والنماء التربوي والتعليمي في بناء الوطن والمواطن للمساهمة الفاعلة في النهضة والتنمية في المملكة، وشهد قطاع التعليم في عهده أضخم البرامج التعليمية التطويرية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التربوية، وتطوير البرامج والممارسات التربوية، لتحقق مخرجات تعليمية تنسجم مع اقتصاد المعرفة، وتوفير بيئات تعليمية ملائمة، وكان التعليم النوعي في السعودية الشغل الشاغل للملك الراحل منذ أن كان ولياً للعهد، ومن بين أقواله في شأن ذلك: «التعليم في المملكة نموذج مميز وركيزة رئيسية للاستثمار والتنمية، والأجيال المقبلة هم الثروة الحقيقية، والاهتمام بهم هدف أساسي». وسعى -رحمه الله- إلى تطوير التعليم بمشاريع عدة أهمها وأضخمها «مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام»، الذي يأتي استجابة لتطلعاته، وتنفيذًا لسياسة التعليم في المملكة التي تؤكد ضرورة مواكبة التطور العلمي والتقني، كما يأتي استجابة لمتطلبات وثيقة التعليم التي قدمها الملك عبدالله لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية واستجابة لخطة التنمية الثامنة وتطلعات المواطنين التي عبروا عنها خلال اللقاء السادس للحوار الوطني الذي عقد عن «التعليم الواقع وسبل التطوير». مشروع «تطوير» أحدث نقلة نوعية أحدث مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام الذي أقره مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها في ال24 من محرم عام 1428، نقلة نوعية في مسيرة التعليم في المملكة، باعتباره مشروعاً نوعياً مختلفاً عن المشاريع التعليمية التي نفذتها وزارة التربية والتعليم، إذ يصب في خدمة التعليم وتطويره في المملكة لبناء إنسان متكامل من النواحي الاجتماعية والنفسية كافة، ويتضمن المشروع الذي يتم تنفيذه على مدى 6 سنوات بكلفة تسعة بلايين ريال، برامج لتطوير المناهج التعليمية وإعادة تأهيل المعلمين والمعلمات وتحسين البيئة التربوية وبرنامجاً للنشاط اللاصفي، ليؤسس بذلك جيلاً متكامل الشخصية إسلامي الهوية، وسعودي الانتماء، يحافظ على المكتسبات وتتوافر فيه الجوانب الأخلاقية والمهنية ويحترم العلم ويعشق التقنية. ويهدف المشروع لتنمية شخصيات الطلاب ومعلميهم، العلمية والعملية ومهارات التفكير، والتعليم الذاتي، وتعزيز القيم الإسلامية، والأخلاق والولاء للأسرة والمجتمع والوطن، وتقدير المكتسبات الوطنية والمحافظة عليها والتوازن بين السنوات والمراحل الدراسية، وما يُقدم فيها من كم معرفي والمواءمة بين المحتوى وربطه بالتقدم العلمي والتطور المعرفي المستمرين، وحمل مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم مسؤولية الإسهام الفعَّال لتلك الرؤية التي ينشدها الملك الراحل للنهوض بتعليم مميز، يكتسب من خلاله طلاب السعودية وطالباتها القيم والمعارف والمهارات والاتجاهات، كما يسعى المشروع لإكساب الطلاب والطالبات والمعلمين المهارات المطلوبة، لكي يسهم بفاعلية في تعامل المملكة مع التحديات بما يحقق القيمة المضافة والتنمية المستدامة، فتبنى مجموعة من المبادرات لتطوير التعليم العام التي تهدف من خلال «تطوير» إلى الإسهام الفعال في الرفع من قدرة المملكة التنافسية، وبناء مجتمع المعرفة من خلال مجموعة من البرامج، تشمل: بناء نظام متكامل للمعايير التربوية والتقويم والمحاسبية، تنفيذ برامج رئيسية لتطوير التعليم، منها: التطوير المهني المستمر للعاملين في التعليم جميعهم، تطوير المناهج ومواد التعلم، وتحسين البيئة المدرسية لتعزيز التعلم، توظيف تقنية المعلومات لتحسين التعلم، والأنشطة غير الصفية والخدمات الطلاب، كما تبنى المشروع برنامجاً شاملاً لتطوير مرحلة رياض الأطفال، لاعتماد مناهج لمرحلة الطفولة المبكرة، محورها الطفل وبناء القدرات لدى المعلمات والمشرفات والمديرات على مرحلة الطفولة المبكرة وإشراك القطاع الخاص في بناء قطاع الطفولة المبكرة. ويتضمن المشروع تأسيس فكر قيادي تربوي يكون مرتكزاً ومنطلقاً لكل المشاريع التطويرية الحالية والمستقبلية، ويسهم في خلق رؤية مشتركة تقود ممارسات وأنشطة القيادات التربوية لتحقيق متطلبات المجتمع المعرفي، وقيادة التغيير الثقافي المجتمعي للتفاعل معه، وتحقيق أهدافه، التي تشمل فئات مختلفة مثل القيادات العليا، والقيادات الإشرافية والتدريبية، والقيادات المدرسية، والقيادات المساعدة وغيرها، بهدف تطوير قدرات القيادات التربوية في وزارة التربية والتعليم، وبناء أول منظومة متكاملة للقيادة التربوية في المملكة تشمل معايير القيادة التربوية. سعى المشروع في عهد الملك الراحل في التوسع لاستبدال المباني المستأجرة بأخرى مبنية لأغراض التعلم، إذ كشف تقرير أعدته إدارة شؤون المباني في وزارة التربية والتعليم أخيراً، عن استمرار الوزارة في تفعيل الخطة الوطنية للاستغناء عن المباني المستأجرة واستبدالها بحكومية، وأنه جار تنفيذ 1915 مشروعاً مدرسياً للبنين والبنات حالياً، ومن المقرر أن تنتقل إليها 2873 مدرسة، منها 1640 مدرسة مستأجرة، ومن المتوقع أن يستفيد منها خمسة ملايين و745 ألف طالب وطالبة، إضافة إلى مباشرة 45 لجنة فنية مختصة لزيارات ميدانية واتخاذ إجراءات علاجية لتطوير المباني المدرسية بعد الكشف على المباني المدرسية، ومدى صلاحيتها، ورفع عدد المباني الحكومية إلى نحو 92 في المئة من إجمالي المباني المدرسية للبنين والبنات، لتقترب الوزارة من تنفيذ خطتها الاستراتيجية للتخلص من المستأجرة.