واصل مؤتمر مبادرة خادم الحرمين الشريفين لحوار أتباع الأديان والثقافات وأثرها في إشاعة قيم الإنسانية الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي في جنيف فعالياته، إذ ناقشت أمس الجلسة الرابعة محور القيم الدينية وأثرها في إصلاح المجتمع. وعرض الباحثون خلال الجلسة مقاصد ميثاق الأممالمتحدة التي تدعو إلى بذل الجهود المشتركة لتعزيز العلاقات الدولية، وإيجاد المجتمع الإنساني الأمثل، وتعميق الحوار والتعايش، والتأكيد عليه أسلوباً حضارياً للتعاون. وأشادوا بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وبالمؤتمرات التي نظمتها رابطة العالم الإسلامي بشأن الحوار. وأكدوا أن الأديان تزخر بمبادئ التعايش وأن خاتم الأديان وهو الإسلام يدعو إلى التعايش ويؤكد على وحدة البشرية، وأن أصلها واحد، والمساواة بين الناس على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وثقافاتهم، وسلامة الفطرة الإنسانية في أصلها، فالإنسان خلق محباً للخير، مبغضاً للشر، يركن إلى العدل، وينفر من الظلم، تقوده الفطرة النقية إلى الرحمة، وتدفع به إلى البحث عن اليقين والإيمان، وأن التنوع الثقافي والحضاري بين الناس آية من آيات الله، وسبب لتقدم الإنسانية وازدهارها، وأن الديانات الإلهية تهدف إلى تحقيق طاعة الناس لخالقهم، وتحقيق السعادة والعدل والأمن والسلام للبشر جميعاً، وتسعى إلى تقوية سبل التفاهم والتعايش بين الشعوب، على رغم اختلاف أصولها وألوانها ولغاتها، وتدعو إلى نشر الفضيلة بالحكمة والرفق، وتنبذ التطرف والغلو والإرهاب، مشيرين إلى أن الإسلام يدعو لاحترام الديانات الإلهية، وحفظ مكانتها، وشجب الإساءة لرموزها، ومكافحة استخدام الدين لإثارة التمييز العنصري. كما أكدوا أن السلام والوفاء والصدقية بالعهود، واحترام خصوصيات الشعوب، هي الأصل في العلاقة بين الناس، وتحقيقها غاية كبرى في الديانات، وفي أي ثقافة إنسانية معتبرة. وشددوا على أهمية الدين والقيم الفاضلة، ورجوع البشر إلى خالقهم في مكافحة الجرائم والفساد والمخدرات والإرهاب، وتماسك الأسرة وحماية المجتمعات من الانحرافات، وأن الحوار من ضروريات الحياة، ومن أهم وسائل التعارف والتعاون، وتبادل المصالح، والوصول إلى الحق الذي يسهم في سعادة الإنسان. وخلص الباحثون إلى أن دعوات الصراع تتنافى مع دعوات التعايش، وأعربوا عن رفض نظريات حتمية الصراع بين الحضارات والثقافات وحذروا من خطورة الحملات التي تسعى إلى تعميق الخلاف وتقويض السلم والتعايش، مؤكدين أهمية نشر ثقافة التسامح والتفاهم عبر الحوار لتكون إطاراً للعلاقات الدولية من خلال عقد المؤتمرات والندوات وتطوير البرامج الثقافية والتربوية والإعلامية المؤدية إلى ذلك. وطرحت خلال الجلسة ثلاثة بحوث، الأول عن مشكلة الفقر العالمية للأمين العام لمجلس الكنائس الوطنية في أميركا الدكتور روبرت أدغار، إذ تناول تجربته التي عاشها في بلده وسعى فيها لخدمة قيم العدل والخير والمساواة وخدمة الإنسانية انطلقت من شعور بالرحمة والمحبة للجميع. فيما كان البحث الثاني، بحسب وكالة الأنباء السعودية، عن الدين ودوره في الإصلاح الخُلقي لرئيس معهد الدراسات والحوار بين الأديان في الهند الدكتور شانتيلا كارامشي سومايا، أكد فيه أن الأديان قوة تدعو للترابط بين الناس وتجمعهم على حقيقة واحدة هي أن الدين ليس طقوساً بل هو روح للسلام والمحبة، مشيداً بما يحمله الدين الإسلامي من قيم واحترام، مشيراً للدور الاجتماعي فيه وكذلك الأخلاق والتسامح. «القيم الدينية جسور حضارة وحوار» كان عنوان البحث الثالث لمفتي البوسنة والهرسك الدكتور مصطفى إبراهيم سيرتش، إذ أوضح أن مبادرة خادم الحرمين لم تأت من فراغ بل هي تلبية لحاجة عالمية تشمل المسلمين وغيرهم، مؤكداً ثقته بنجاحها نظراً لما تحظى به من متابعة ودعم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وما توفر لها من أسباب النجاح والقبول والترحيب العالمي، وكذلك من خلال التنظيم الجيد من الرابطة .