«بياع الحمص، شجيع السيما، بائع البخت، مدرب الأسود، الأطفال، المصوراتي، وغيرهم»، شخصيات نسج خيوطها الدرامية الغنائية شاعر «ثورة يوليو» وفيلسوف الفقراء صلاح جاهين في أوبريت العرائس «الليلة الكبيرة» التي تصف المولد الشعبي المصري بكل تفاصيله وخباياه. تلك العرائس صارت أجساداً بشرية على مسرح الغد في القاهرة، إذ يجسد العرض المسرحي «سكتم بكتم» الذي يحمل توقيع المخرجة الشابة دعاء طعيمة، مجموعة من الممثلين الشباب من طلبة معهدي الفنون المسرحية والموسيقى العربية في صياغة حديثة تعبر عن واقع الشعب المصري. وتحمل تفاصيل العرض شخصيات وحوارات من أعمال جاهين الأخرى. «سكتم بكتم» كلمة حوتها أحد أشعار جاهين معبراً بها عن رغبته في سكوت الجميع لينصتوا إلى خواطره وهواجسه عن حال الشعب المصري على كل المستويات. وهو نفسه ما أرادت المخرجة إبرازه وسط طوفان التحديات والعقبات التي يعيشها المصريون الآن في شكل مبهج كالجو العام ل «الليلة الكبيرة». «الليلة الكبيرة يا عمي والعالم كتيرة ماليين الشوادر يابا في الريف والبنادر»، هي أحد المقاطع الغنائية في الأوبريت التي تدور غالبية المشاهد التمثيلية حولها من خلال خط درامي يضم الاستعراضات المستوحاة من هذه «الليلة»، والتي ترسم لوحة لفئات الشعب المصري. يضم العرض ذو الطابع التراثي، وسط خضم العروض التجارية والاستعراضية التي تعج بها المسارح المصرية حالياً، مقاطع من رباعيات جاهين فى الحوار على لسان الممثلين، فضلاً عن عدد من أشهر أغانيه ك «صورة»، و «عيون الحليوة»، و «ليلة امبارح»، و «الصهبجية»، و «إبريق الشاى»، و «شيكولاتة». عالجت المخرجة الفكرة بشكل عصري ثري بالمعاني والصور، جمع بين الدراما والكوميديا والشعر والاستعراض والغناء إلا أن بعض الاستعراضات التي تخللت الخط الدرامي الرئيسي كان مبالغاً فيها، ما أفقدها المتانة والانسجام مع الأحداث. كما أن ألوان الديكور والملابس حملت من البهرجة والمغالاة وعدم التناسق ما يشغل عين المتفرج عن الأداء المسرحي التمثيلي الذي انتقلت أحداثه في بعض المناطق الدرامية ما بين أغنية ورقصة وجوّ المولد، بلا داع. العمل في مجمله جيد وفكرته غير تقليدية، قدم لوحة مسرحية بسيطة بعيدة من الغموض والتعقيد التمثيلي، خصوصاً أن أداء الممثلين الشباب للأحداث - وإن كان يحمل بعض سقطات التجربة الأولى- اتسم بالحماسة وخفة الحركة.