لم يكن أكثر المتفائلين توقعاً بأن يحقق مهرجان رضوى البري الأول المنظم في محافظة ينبع ذلك النجاح الذي حققه باعتباره المهرجان الأول من نوعه في المنطقة على رغم الجهود الجبارة التي بذلتها اللجان القائمة على أمر المهرجان في الاستعدادات والبروفات التحضيرية لانطلاقته. الحضور الكمي والنوعي الذي تدفق على موقع التظاهرة طيلة أيام انطلاقتها بأعداد تقدر بأكثر من 10 آلاف من الجماهير التي جاءت من مختلف أنحاء المحافظة ومن خارجها أكد نجاح المهرجان، إذ تزايدت الأعداد يوماً بعد يوم واكتظت بهم جنبات أرجاء المهرجان في يوم الافتتاح الرسمي. افتتاح المهرجان لم يكن تقليدياً كبقية المهرجانات، بل كان نسخة مصغرة من احتفاليات الجنادرية، إذ تنوعت فقراته التي تضمنت أوبريت تراث الأرض وأهلها والذي تتحدث كلماته عن الإرث التاريخي للمنطقة وجبل رضوى، فكان أكثر جمالاً وإبهاراً للحضور من الشخصيات الرسمية والوفود الأجنبية. وتنوعت فعاليات المهرجان وتعددت وتميزت بتناولها للمرة الأولى الشق التاريخي المهم الذي تتميز به المنطقة، إذ كانت درباً ومعبراً للحجيج من بلاد الشام وتركيا وغيرهما من الدول شمال المملكة قبل 100 عام ونيف، ومدى المشقة التي كانوا يتكبدونها للوصول إلى المشاعر المقدسة، إما راكبين الدواب أو ماشين على الأقدام، وكانت تستغرق تلك الرحلة أياماً تصل إلى أشهر عدة، إضافة إلى الفعاليات التي أخذت في الاعتبار إرث وتراث البادية لتحكي عن بيئة الأجداد والآباء وطريقة عيشهم وطقوسهم. ومن خلال الفعاليات المنظمة في المهرجان والتي تضمنت مسابقة الصقور كشف محافظ ينبع رئيس لجنة التنمية السياحية بالمحافظة المهندس مساعد السليم خلال حديثه إلى «الحياة» عن فكرة إنشاء ناد خاص للصقور، لتنظيم تلك الهواية التاريخية والتراثية لأهل البادية. كما أعلن المشرف العام على المهرجان مسعود الجباري خلال حديثه إلى «الحياة» عن تبرعه بإنشاء ملعب لكرة القدم لأهالي قرية النجف. فيما أرجع رئيس تنمية الموارد المالية وتحسين أوضاع المتقاعدين بالمملكة العميد علي المزيني خلال حديثه إلى «الحياة» سبب غياب التراث لفترات طويلة عن الساحة إلى الفكرة الدينية التي كانت سائدة، والمتمثلة في عدم جواز البحث عن التراث والآثار مظنة اعتناق السلبي منها أو من عادات جاهلية كانت في أرض الجزيرة.