وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأمريكي المستجدات في قطاع غزة    رئيس تجمع عسير الصحي يُكرّم ١٩ منشأة صحية حققت اعتماد «سباهي»    برجيل القابضة الإماراتية وكيرالتي الكولومبية تعلنان مشروعاً مشتركاً لحلول الرعاية الصحية الفعالة من حيث التكلفة في السعودية    دراسة: الحياة على الأرض نشأت في السعودية    350 ألف طالب وطالبة يؤدُّون اختبارات نهاية العام بعسير    تحرك في الشورى لمراجعة شروط الضمان المطور    أمير القصيم يبارك حصول الإمارة على شهادة الأيزو ويرأس إجتماع لجنة المشاريع المتعثرة    أمير تبوك يستعرض الجهود والإمكانيات لخدمة ضيوف الرحمن    وصول الطائرة السعودية ال 52 لإغاثة سكان غزة    وفد المملكة يشارك في أعمال دورة مجلس الاتحاد الدولي للاتصالات 2024م    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران في زيارة لمدير الجوازات    كيفن دي بروين يفتح الباب أمام انتقاله للدوري السعودي    قطاع ومستشفى محايل يُنفّذ حملة "التوعية بلقاح حج"    زين السعودية أول مشغل اتصالات يوفر تغطية شاملة للمشاعر المقدسة عبر شبكة الجيل الخامس 5G    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس الجمعية التاريخية السعودية    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضاً عند مستوى 11612 نقطة    توقعات الانتخابات الهندية تشير إلى فوز مودي بأغلبية ضئيلة        إطلاق المنصة الخليجية الإلكترونية الموحدة للجامعات    موعد مباراة مبابي الأولى مع ريال مدريد    نيمار يرد على تقارير رحيله عن الهلال    أمير الحدود الشمالية يتسلّم تقريرًا عن مهام وجهود حرس الحدود بالمنطقة    مقترح «هدنة» غزة رهن الضوء الأخضر    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو (9 كرات) بجدة    محافظ الأحساء يكرّم الفائزين بجائزة الاختراع والابتكار والتقنية الدولية    قوافل الحجاج تغادر المدينة إلى المشاعر المقدسة    شراكة استراتيجية بين طيران الرياض والخطوط السنغافورية    رئيس هيئة الأركان العامة : جامعة الدفاع الوطني تؤسس لمرحلة جديدة وانطلاقة مشرقة لمستقبل تعليمي عسكري احترافي    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    تعاوُن سعودي – برازيلي في الدفاع    «التنسيق السعودي الكويتي»: رؤية مشتركة في الثقافة والإعلام والسياحة والتنمية الاجتماعية    الصمعاني يدعو خريجي المركز العدلي إلى الممارسة المهنية الشغوفة    «الشورى» وشفافية التناول    جيسوس وبونو يُعبّران عن مشاعرهما تجاه جائزتي الأفضل    جماهير الهلال تترقب موقف بن نافل    «قرار طبي» يبعد أيمن من معسكر «الأخضر»    الخريف يبحث دعم ترويج الصادرات السعودية بالمغرب    محفظة Nusuk Wallet لخدمة الحجاج والمعتمرين    «الصندوق الزراعي»: 479 ألف مشروع بقيمة 65 مليار ريال في 60 عاماً    «العقار»: تراخيص جديدة للبيع على الخارطة ب 6 مليارات ريال    كلما زاد زملاء الدراسة المضطربين عقلياً.. زادت فرص إصابتك !    الاغتيال المعنوي للمثقف    سفير خادم الحرمين لدى كوت ديفوار: خدمة ضيوف الرحمن مبدأ ثابت في سياسة المملكة    الاقتصاد لا الثقافة ما يُمكّن اللغة العربية خليجياً    محاصرة سيارة إسعاف !    المثقف والمفكر والفيلسوف    نهاية حزينة لحب بين جنية وإنسان    « شاهد على وطني » .. الفال يرسم شمس المستقبل    محمد بن سلمان.. الجانب الآخر    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    «سناب شات» تضيف عدسات الواقع المعزز    منفذ حالة عمار يواصل خدماته لضيوف الرحمن    القرار    أمير عسير يفتتح مقر" رعاية أسر الشهداء"    محافظ بيش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية بالشخوص ميدانياً    الحركة و التقدم    السكر الحملى: العلاج    أكدت ضرورة أخذ التطعيمات.. إخصائية تغذية: هذه أبرز الأطعمة المفيدة للحوامل في الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيرار غاروست وحكايات لوحاته
نشر في الحياة يوم 28 - 01 - 2014

اختارت نجمة صالات العرض الفنية الحرة والقريبة في موقعها من مركز بومبيدو وهي «تاملبون»، استهلال العام الجديد بآخر أعمال الفنان جيرار غاروست. وذلك حتى نهاية شباط (فبراير) تحت عنوان «حكايات يعجز عنها الوصف» أي الوصف السردي مما يرسّخ بلاغة صمت الخط واللون في اللوحة المعاصرة.
يُشارك نقّاد كثر رأي هذه الصالة (المختصة بعرض غاروست في السنوات الأخيرة) بأنه ومنذ أعوام الثمانينات بات الفنان التشكيلي الأبرز ربما في فرنسا، والأكثر شيوعاً، وجذباً وإثارة للإشكاليات الفنية في عصر التحول من الحداثة والمعاصرة إلى ما بعد الحداثة.
تتجلى أهميته من خلال شدة تأثير مناخه الروحي والديني التشخيصي والمستقى من التراث الأيقوني على كبار الفنانين، مثله مثل توأمه الألماني جورج بازلتز على رغم حدة التباعد بين سكتي القطار الأسلوبي بين الاثنين، ما عدا معاداتها للتجريد والطريق المسدود الذي وصل إليه. وصلت تأثيرات جيرار الأسلوبية الى بعض رواد الفن العربي، وعلى رأسهم المرحوم محمد القاسمي (المغربي) وأحمد الهجري (التونسي)، وبخاصة تأثيره في السوري إلياس زيات...
مع ذلك، فإن بعض التيارات التشخيصّية الشابة ونقادها يتهم مختبره (على رغم هذه السلطة الاجتياحية) بالأسلبة النسبية. وبتمسكه بنجاحات محفوظاته المكرورة التي تتناقض مع وسائط «ما بعد الحداثة».
لو راجعنا ما يكتبه فناننا حول فنه النخبوي نعثر على جواب لهذه التهمة.
يقدم لنا المعرض الراهن فرصة مراجعة مفاصل تحوله الأسلوبي الأصيل. والفصل بالنتيحة بين أحكام معارضيه ومؤيديه كما أن المقارنة النقدية تهدينا إلى سعة انتشار تأثيره منذ «ثورة الطلاب» في باريس عام 1968. كان هو في السنة الأولى من تسجيله في «البوزار» (المعهد العالي للفنون - قسم التصّوير)، مع العلم أنه مولود في باريس عام 1946 ولا يزال وفياً لمحترفه الرئيسي فيها، على رغم تنفيذه المشاريع الضخمة في السنوات الأخيرة خارج العاصمة، منذ اندلعت هذه الثورة الشبابية الثقافية التشكيلية والتي مثلها في حينها شاب أكبر منه هو «فيالا» وبمشاركته في تأسيس جماعة «الأساس والسطح» التي حاولت أن تعيد أمجاد مركزية التجريد الغنائي إلى باريس بعد أن انتزعت «احتكارها» الفنون منذ الخمسينات نيويورك (من خلال كوكبة التعبيرية التجريدية).
وعلى رغم أن غاروست تأثر بالحساسية الثورية المعادية للقوالب الجاهزة، ولكنه وجد طريقة في عكس فيالا. أي في التشخيص التعبيري (أحادي اللون)، وبمناخات أسطورية مستلهمة من عوالم الكوميديا الإلهية لدانتي، وعلى رغم كآبة عوالمه الميتافيزيقية الموازية للفنان الإيطالي شيريكو، فقد كانت طريقة رسمه الشخوص تستشرف هذياناً حلمياً في نسب الأعضاء والأشخاص واستخدام العناصر التوراتيّة، لا تشبه أي أسلوب تعبيري، لا في المحترف الفرنسي ولا الألماني ولا الإيطالي. أخذ أسلوبه خطاً توليفياً أصيلاً أشد هذياناً وإثارة وحداثة ومعاصرة، مقابلاً بين المثيولوجيا التوراتية وعوالم التحليل النفسي التي بشّر بها فرويد بما فيها الكبت الجنسي (اللبيدو)، واضعاً على الأغلب رأسه بصيغة عصابية أنوية ذاتية، انطوائية، ساخرة، عبثية، وجسده في وضع ملتبس بين الذكورة والأنوثة.
تبدو حُرّية رسم أشكاله في التطرف في تحوير نسبها العضوية وتغيير وظائفها الاستخدامية إلى «ميتافيزيقية» حلمية. فيَدُ الشاب تمتد مسافات مديدة لتطاول خدي معشوقته.
يلتوي الجسد والأجنحة وتتضاعف أصابع الأيد والأرجل ويختلط الإنسان بالحيوان بالغيم بالكون مع التشديد على بعض العناصر الرمزية التوراتية مثل الحمار والنمر وغيرهما.
حاول إسقاط هيئة الأيقونات الروحية على العالم اليومي المعاش من الداخل والذاكرة والحدس، أي أنه حاول جمع صور اللاشعور الجمعي بالفردي بالأنا العليا المثالية (الأفلاطونية).
نعثر على وحدة أسلوبية مدهشة، على رغم هذه المفارقات والعجائب. لذا، دعي المعرض «بحكايا لا يمكن وصفها» أي غير ممكنة التحقق إلا بالخيال التشكيلي. الطابع المسرحي في مشاهده وتكويناته يرجع بلا شك إلى ممارسته تصميم ديكورات المسارح، خصوصاً في النادي الباريسي «لوبالاس»... ناهيك عن عمله ما بين عامي 1977 و1982، مصمّم ديكورات في مسرحية «مسرح المدينة» في باريس. هو ما بصم لوحاته بالعملقة الجدارية التي وصلت إلى محبته لتصوير قبب عدد من القصور من الداخل، ولكنه تخلى عن كل هذه النشاطات الثانوية بعد ترحيب صالات نيويورك بأعماله منذ أوائل الثمانينات ليتفرغ للوحاته، ويُنشئ بعد أن أصبح منعماً، جمعية إنسانية (في ظاهر باريس) يدرب فيها الفنانين الشباب تحت إشرافه لينطلقوا بعدها في الحياة العملية. هو مصور ونحات وحفار طباعي ومصمم كرافيكي، يتمتع بشخصية متميزة ومؤثرة، وبأداء متنوع شاب وحيوي وينتقل من الجدار إلى الأرض وبالعكس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.