أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، خلال اجتماعه بروضة خريم في الرياض أمس، موازنة تاريخية جديدة للدولة لعام 2014، من دون تحقيق فائض أو عجز، وبإنفاق قدره 855 بليون ريال، وإيرادات بالقيمة ذاتها، وهو ما يرفع الإنفاق المتوقع للعام المقبل بقيمة 35 بليون ريال وبنسبة 4.27 في المئة، مقارنة بتوقعات موازنة العام الحالي والبالغة 820 بليون ريال، فيما زادت إيرادات الموازنة الجديدة ب26 بليون ريال، وبنسبة 3.17 في المئة. ووفقاً للأرقام الرسمية للإنفاق الفعلي للعام الحالي 2013 سُجِّل فائض يبلغ 206 بلايين ريال، إذ بلغ الإنفاق الفعلي المتوقع للعام الحالي 925 بليون ريال بزيادة قدرها 105 بلايين ريال عن توقعات الموازنة التي كانت حددت الإنفاق ب820 بليون ريال. أما الإيرادات الفعلية المتوقعة للعام الحالي فتبلغ 1.131 تريليون ريال، بزيادة 302 بليون ريال، وبنسبة 36 في المئة، مقارنة بالتوقعات البالغة 829 بليون ريال، وشكلت العائدات النفطية نسبة 90 في المئة من العائدات العامة الفعلية للعام الحالي. وأعلن الملك عبدالله موازنة العام المقبل في كلمة وجّهها إلى المواطنين، أكد خلالها «المضي قدماً في استثمار الموارد التي منّ الله بها على هذه البلاد في موضعها الطبيعي والتوازن بين مناطق المملكة في التنمية والتطوير». وأكد خادم الحرمين في كلمته التي ألقاها الأمين العام لمجلس الوزراء عبدالرحمن بن محمد السدحان أن موازنة 2014 «دليل واضح على ما تشهده بلادنا من نهضة اقتصادية كبرى، فيما توافر لها من موارد تقدم فرصاً عدة للتنمية، وهي امتداد لما تحقق من إنجازات وما يجري تنفيذه من برامج ومشاريع، وهو ما يدعو للتفاؤل بمستقبل أفضل، لكننا ندرك أنه أقل مما نطمح إليه أو يطمح إليه المواطن الغالي». وشدد على «أننا عاقدون العزم على مواصلة مسيرة التنمية المستدامة في بلادنا، لتأمين العيش الكريم لمواطنيها جيلاً بعد جيل، باستمرار العمل على تعزيز التكامل بين القطاعين العام والخاص، وتحقيق النمو في النشاط الاقتصادي، وتحسين أداء القطاع الحكومي، وتفعيل دور الإدارة العامة في التنمية، ومواصلة إصلاح التعليم باعتباره الأساس في التنمية البشرية، ومواصلة معالجة اختلال سوق العمل، لإيجاد فرص العمل للمواطنين، وتقوية الارتباط بين الموازنة السنوية والخطط التنموية، وتعزيز استدامة المالية العامة، وحسن سلامة تنفيذ المشاريع والبرامج الإنمائية». وأشار خادم الحرمين إلى الحرص على «الموازنة بين حاجات الجيل الحالي والأجيال المقبلة، والاستخدام الأمثل للموارد التي وهبها الله وطننا الغالي، وتكريس سيادة النظام وتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، وتعزيز روح المواطنة المسؤولة والانتماء الوطني بتبني استراتيجيات وسياسات إعلامية وتربوية وثقافية وفكرية واجتماعية واقتصادية، تشارك فيها جميع الجهات المعنية من القطاعين الحكومي والخاص». كما أكد الملك عبدالله أهمية تنفيذ المشاريع لخدمة الوطن والمواطن، وقال: «إننا ندرك أن العبرة ليست في أرقام الموازنة، بل في ما تجسده على أرض الواقع من مشاريع وخدمات نوعية ينمو بها الوطن وينعم بها المواطن». ووجّه الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية كافة ب«تنفيذ مشاريعها وبرامجها وأداء الأعمال الموكلة إليهم بكل إخلاص ودقة ومن دون تراخ أو تقصير تجاه الوطن والمواطنين، وهم مسؤولون أمام الله ثم أمامنا عن ذلك لينمو الوطن وينعم المواطن»، وأمر الأجهزة الرقابية ب«الرفع إلينا بالتقارير الدورية عن الأداء ومستوياته ومعوقاته». وتؤكد الملامح الرئيسة لموازنة العام المقبل أهمية تعزيز مسيرة التنمية وتشجيع البيئة الاستثمارية التي من شأنها إيجاد فرص العمل للمواطنين، ودفع عجلة النمو الاقتصادي، إذ استمر التركيز في الموازنة على المشاريع التنموية لقطاعات التعليم والصحة والخدمات الصحية والاجتماعية والبلدية والمياه والصرف الصحي والطرق والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي، كما تواصلت عملية إطفاء الدَّين ليصل إلى أقل مستوى له. ووفق بيان لوزارة المالية، استحوذت قطاعات التعليم والصحة والخدمات على نسبة كبيرة من الإنفاق خلال العام المقبل، إذ استحوذ قطاع التعليم والتدريب وحده على نحو ربع الموازنة وبلغت مخصصاته 210 بلايين ريال بزيادة نسبتها 3 في المئة، كما استحوذت الخدمات الصحية والتأمينات الاجتماعية على 108 بلايين ريال، أي ما يوازي 12,6 في المئة من الموازنة بزيادة 8 في المئة، وزادت مخصصات الخدامات البلدية بنسبة 9 في المئة لتصل إلى 39 بليون ريال. وخصصت الموازنة 66.6 بليون ريال للتجهيزات الأساسية والنقل للعام 2.5 في المئة، كما تم تخصيص 61 بليون ريال للمياه والزراعة والصناعة والموارد الاقتصادية الأخرى بزيادة 5.7 في المئة، في حين تم تخصيص 85.3 بليون ريال لصناديق التنمية المتخصصة. وزاد الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي 2013 بنسبة 1.54 في المئة، وبلغ 2.795 تريليون ريال، فيما هبطت قيمة الصادرات السلعية بنسبة 5.5 في المئة لتصل إلى 1.376 تريليون ريال، فيما زادت الصادرات غير النفطية إلى 159 بليون ريال بزيادة نسبتها 3.9 في المئة. وهبط الدَّين العام بشكل ملحوظ، إذ بات لا يوازي إلا 2,7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للمملكة، وسيبلغ الدَّين في نهاية العام الحالي 75 بليون ريال، مقارنة ب98.8 بليون ريال في نهاية العام الماضي.