منذ أن قام الفنان المصري محمود ياسين بدور «عامل النظافة الثري» في فيلمه الشهير «انتبهوا أيها السادة» بداية الثمانينات الميلادية، الذي أحدث صدمة درامية واجتماعية في ذلك الوقت، لم تعد النظرة إلى عامل النظافة عند بعض الناس مثل ما كانت. الزمن أيضاً تغير، فباتت تجارة الخردوات، ومن بعدها النفايات في بعض الدول تجارة تجلب الثراء لأصحابها، وإن بقيت هيئاتهم توحي بغير ذلك. لم تعد النظرة المبطنة بالشفقة والتسامح موحدة كما كانت تجاه ذلك الرجل الذي يجمع القمامة، فنظرات الارتياب بدأت تتجه إليه أيضاً من البعض، فعمل بعضهم بجمع نوعيات معينة من النفايات، وامتهان بعضهم التسول أثناء عمله، وامتهان آخرين مسح السيارات والقيام بمهام إضافية بالأجرة اليومية أو الساعيّة، بات يثير تساؤلات عند البعض، بأن حال هؤلاء ليس كما يظهر. مزيج معقد من الإشفاق والريبة والتعاطف والصدود مع جرعات احتقار عالية يتعامل فيها الناس مع عامل النظافة الذي لا يجيد غالباً سوى تنظيف الشوارع والأرصفة وقراءة «النظرات». لكن ماذا بَعد؟ هل تبقى حال عامل النظافة على ما هي عليه؟ هل يبقى براتبه الذي لا يسمن ولا يغني من جوع؟ هل يظل ذلك الإنسان المنبوذ من كثيرين؟ متى يعطى هؤلاء الذين يقومون بمهمة نبيلة حقوقهم من دون منة ولا أذى؟