حاولت عبثاً الافتكاك من الرياضة وأخبارها، فكثرة متابعة الرياضة ربما تصيب بحال من الغم والهم والملل، ولكن هيهات فالهروب من الرياضة إلى السياسة والاقتصاد أو الشأن المحلي هو أشبه بالاستجارة من الرمضاء بالنيران، وبالفعل حاولت ملياً وجدياً أن أبتعد عن متابعة كرة القدم السعودية والكتابة عنها خاصة بعد الإحباط الذي واجهته بسبب المنتخب السعودي ونادي مكةالمكرمة الذي أحبه «الوحدة» الذي عاد إلى «ركاء» بمستوى مؤسف في ظل إدارة فاشلة جداً، وكذلك بسبب التعصب الرياضي الذي نمى وترعرع بطريقة مرعبة في الوسط الرياضي، ولكن السؤال الذي طرحته على نفسه وتناقشت فيه مع الزميل منصور الجبرتي: هل الابتعاد عن المتابعة والكتابة حل لمعالجة واقع مؤسف؟ هل سيحل الابتعاد واقع الكرة السعودية ويمحي التعصب في الوسط الرياضي؟ وهل الكتابة في الشأن الاقتصادي أو الوضع العربي السياسي أو الشأن المحلي أقل إحباطاً أو أكثر مرحاً؟ أخيراً عدت للرياضة ومتابعتها، بعد فترة هدنة حاولت الهروب فيها، وكانت عودتي أشبه بعودة «الإبن الضال» الذي يعود بعد فترة فيجد أن شيئاً لم يتحسن بل ساءت الأمور أكثر. لا حديث للنصراويين سوى «بدلة» سامي الجابر وقصة شعره وتقليده للمدرب الشهير غوارديولا، ولا حديث للهلاليين سوى سامي الجابر وبطولاته ونجاحاته الحالية والمستقبلية، وأن المنتخب السعودي بطبيعة الحال لن ينجح مستقبلاً إلا مع «الكوتش» سامي الجابر. ولا حديث للاتحادية سوى عن منصور البلوي الذي باتت عودته لرئاسة النادي هاجسهم، وعن محمد نور الذي افتتح ماركة ملابس رياضية خاصة به في جدة، وعن الظلم الذي يتعرضون له من التحكيم بسبب غيرة الهلال منهم! أما الوحداوية فلا يزالون يرددون أهازيجهم الشهيرة «يا كريم الله على بابك يا كريم واحنا طلابك يا كريم» و«يا ويلو يا ويلو من جانا يا ويلو». المشكلة أن الوحدة تلقى هزائم في الموسم الماضي على أرضه أكثر من أي موسم آخر، ولا تزال الجماهير تردد «يا ويلو من جانا»! هل تغير شيء؟ لا أعتقد، فالوضع يبقى على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، فواقع الرياضة السعودية يحتاج إلى تغيير شامل من الجذور وحتى الأطراف، ويحتاج إلى تغيير كبير في الاحترافية والعقليات الإدارية وتغيير للتنفيذيين القائمين على الأندية، ويحتاج إلى استقلالية الرياضة في وزارة مستقلة تعنى بشؤونها وشجونها وتنظيمها، ويحتاج إلى ملاعب رياضية فسيحة في جميع المدارس السعودية الحكومية والخاصة، ويحتاج إلى معلمين مؤهلين لاكتشاف وتدريب وصقل المواهب وتأهيلها، ويحتاج إلى اهتمام بالألعاب الرياضية كافة وليس بكرة القدم فقط. وحتى تتحقق الأحلام ليس علينا نحن الكتاب سوى القليل من الكلمات والكثير من الدعاء.