ارتبط عبق النعناع بلونه المترع بالخضرة بالمدينةالمنورة منذ سنوات طويلة، إذ يأتي ضمن حزمة من المنتجات التي عرفت واشتهرت بها المدينة، تتراوح بين منتجات زراعية، وحرف صناعية، غدت ماركة تجارية خاصة بالمدينةالمنورة. وعرفت المدينة من قديم الأزل النعناع، واشتهرت به وأصبح من المنتجات الزراعية التي لا تغيب عن أسواقها طوال العام مواكباً لفصول السنة كافة، وأصبح المطلب الوحيد لكل زوار المدينة، وانتشرت مواقع بيعه في كل الأنحاء وعلى المداخل والمخارج وأرصفة الطرق، فأين ما اتجه زائر المدينة يصطاده العبق الجميل الذي ينتشر من بسطات ومحال تجارية تستعرض أنواع النعناع المديني كافة، وارتحلت محال البيع لتعم أرجاء المناطق السعودية كافة مسنودة بقوة طلب شرائية عالية لهذا المنتج، كما يحرص كثير من زوار المدينة من خارج السعودية على حمل منتجات النعناع في رحلة عودتهم إلى بلادهم. ويجهل كثير من محبي نعناع المدينة أن هذا المنتج ينقسم إلى أنواع، وهو ما أوضحه ل «الحياة» المزارع داخل الأحمدي، وهو صاحب أحد أكبر مزارع الورد والنعناع في المدينةالمنورة، إذ يشير إلى أن هناك من يقسمون نعناع المدينة إلى نوعين، هما المغربي والحساوي، وآخرين يضيفون لهما العطرة والدوش. ويضيف الأحمدي «النعناع أو الحبك المديني، صاحب الرائحة القوية الأخاذة، ذو الأوراق الصغيرة، هو الذي اشتهر لدى أهالي المدينة وخارجها، وتتم زراعته على مدار السنة في أحواض مكشوفة للشمس، وهو من الورقيات التي تنتشر وتنمو بسرعة فائقة، لكنه مستهلك للمياه بشكل يومي، ويحتاج للقص أسبوعياً». وحول مناطق زراعته، يوضح الأحمدي أن زراعته تنتشر بمزارع المدينةالمنورة، وفي قرى أبيار الماشي واليتمة والجفر، وبعض القرى المجاورة للمدينة، مشيراً إلى أن الإنتاج يصدر إلى مناطق السعودية كافة ولدول أخرى عبر النقل الجوي أو براً، وتستخدم طرق محددة لحفظه بحسب مواقع التصدير. ويقول «يقوم أصحاب المزارع بعد قص النعناع بتربيطه وتوزيعه على شكل حزم صغيرة، وتجمع على شكل ربطات أو شكة، ويتم وضعها داخل أكياس من الخيش، يتم رشها بالماء حتى لا تذبل الأوراق من الحرارة». بائع النعناع المديني عباس عبدالله تحدث حول القيمة المالية للمنتج، مبيناً حدوث تقلبات في الأسعار على مدار السنة، بحسب الإنتاج والطلب، ففي موسم الحج والزيارات يزداد سعر النعناع لتصل قيمة الربطة أو الشكة إلى 18ريالاً، بينما في بعض الأوقات لا يتجاوز سعر الشكة الخمسة ريالات. ورأى عباس أن للزائرين اليد الطولى في حراك الأسعار، إذ ترتفع مع الطلب المتزايد من الزوار والمسافرين، ويضيف «رغم انتشار مواقع بيعه بالمدينة إلا أنه لا يزال من أكثر المنتجات الزراعية طلباً لدى المسافرين والزائرين والحجاح، وهناك العشرات من السيارات تقوم بتصدير النعناع بأنواعه إلى مختلف المناطق والمدن السعودية بشكل يومي». من جهته، يشير رئيس المجلس البلدي بمنطقة المدينةالمنورة الدكتور صلاح الردادي، إلى أن النعناع المديني ارتبط بالمكان وتحول إلى عادة لأهلها، ويقول «المدينةالمنورة عرفت منذ القدم باشتهارها بزراعة النعناع، ولما له من رائحة ذكية وعطرة اعتاد عليه أهالي المدينةالمنورة باستخدامه مع الشاي، حتى تحول عادة مدينية». ويشير الردادي إلى أن زراعته تنتشر بمزارع المدينةالمنورة وفي القرى المجاورة لها، وهناك سوق شعبية على طريق الهجرة، سميت بسوق النعناع، تم إنشاؤها بسبب الطلب المتزايد من المسافرين والزوار على النعناع، ويقوم شباب المدينة بالبيع فيها وتشهد إقبالاً كبيراً من المسافرين.