الأخضر يخسر أمام الأردن    رونالدو يتوهج قبل اليورو.. هل اقتربت ال900؟    أمطار الباحة تجذب عُشّاق جمال الطبيعة    العيبان: المملكة مستمرة في دعمها الإنساني للفلسطينيين    رقم قياسي جديد في موسوعة غينيس العالمية.. تدشين ممشى واجهة روشن البحرية بحلة جديدة    الرياض الخضراء    حج كل شهر    السعودية واحة فريدة للأمن والأمان (2 2)    شكراً..على أي حال    العدو الصهيوني    حج بلا أدلجة أو تسييس!    ماكرون يفرش السجاد لليمين المتطرف لدخول قصر ماتينيون    الأفيال الأفريقية تنادي بعضها بأسماء فريدة    تابع سير العمل في مركز قيادة الدفاع المدني.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد مشاريع التطوير في المشاعر المقدسة    وفد شوري يزور «مَلكية الجبيل» ورأس الخير    السعودية والكويت.. رؤية مشتركة ومصير واحد    في يورو 2024… الظهور الأخير ل 5 مخضرمين    أبناء الطائف ل«عكاظ»: «عروس المصايف» مؤهلة لاستضافة مونديال 2034    وزير الإعلام يزور جناح" سدايا"    بدء العمل بمنع دخول المركبات غير المصرح لها إلى المشاعر    وزير الداخلية يتفقد المشاريع التطويرية ومركز تحكم الدفاع المدني بالمشاعر    اتفاقية بين «المظالم» و«مدن» للربط الرقمي    "الكشافة".. 6 عقود في خدمة ضيوف الرحمن    وزارة الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق (15) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج    خالد وهنادي يردان على تنبؤات ليلى حول طلاقهما ب«آية قرآنية»    150 وسيلة و 1500 إعلامي محلي ودولي في «ملتقى الحج»    سفراء "موهبة" يحصدون الجوائز    أكد على أهمية اتباع الإرشادات .. متحدث الصحة: ارتفاع درجات الحرارة أكبر تحدي في موسم الحج    مواسم الخير    10 نصائح من استشارية للحوامل في الحج    تحذير طبي للمسافرين: الحمّى الصفراء تصيبكم بفايروس معدٍ    «التهاب السحايا» يُسقط ملكة جمال إنجلترا    المملكة والريادة الطبية في فصل التوائم الملتصقة    كيف تتخلص من الألم..وتنضج ؟    منتجات فريدة للإبل تجذب أنظار زوار المعرض السعودي للسنة الدولية للإبليات 2024 في إيطاليا    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على منيرة بنت محمد بن تركي    الموافقة على أفتتاح جمعية خيرية للكبد بجازان    "الأمر بالمعروف" تشارك في حج هذا العام بمنصات توعوية متنقلة لخدمة الحجاج    الشؤون الإسلامية تحدد 1082 جامعاً ومصلى لإقامة صلاة عيد الأضحى بالشرقية    المملكة تواجه انتهاكات حقوق الطفل بصرامة    «إنفاذ» يُشرف على 26 مزاداً لبيع 351 عقاراً    عبدالعزيز بن سعود يقف على جاهزية قوات أمن الحج    المملكة تملك مقومات صناعية متقدمة.. ومركز لوجستي عالمي    النفط يستقر مع ترقب المستثمرين بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأميركي والصيني    الحجّ.. مشهديّة آسرة    المشاهير والترويج للاحتيال    «الآسيوي» يشيد بتنظيم «مونديال» البلياردو في جدة    لجنة الاستقطابات.. وتقييم التعاقدات السابقة    شركة مطارات الدمام تعقد ورشة عمل لتدشين 'خدمتكم شرف'    جولة رقابية على الأسواق والمسالخ بمنطقة نجران    تزايد حاد في إصابات حمى الضنك في أوروبا    «الخارجية القطرية»: تسلمنا رد الفصائل الفلسطينية على مقترحات إسرائيل    مقتل نائب رئيس مالاوي ومرافقيه في حادث طائرة    الديوان ينعى الأميرة منيرة بنت محمد بن تركي    وزير الإعلام يدشن "ملتقى إعلام الحج" بمكة    أمن الحج.. خط أحمر    إثراء يفتح باب التسجيل في مبادرة الشرقية تبدع بنسختها الخامسة    البذخ يحتاج لسخافة !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلوم الإدراكية تدمج أبعاداً إنسانية في الكومبيوتر
نشر في الحياة يوم 23 - 06 - 2013

يعود أصل المصطلح الأجنبي المعبّر عن الإدراك «كوغنِشن» Cognition، إلى الجذر اللاتيني «كوغنيشيو» Cognitio، ويعني «ملكة المعرفة».
كثر الحديث في أواسط القرن العشرين عن علوم الإدراك، بل اندرجت هذه العلوم ضمن الاختصاصات الأكاديميّة المُكرّسة في الجامعات. ودُرّست أيضاً ضمن اختصاصات علمية، خصوصاً في المعلوماتية، إضافة إلى الفلسفة وعلم النفس والعلوم الإنسانيّة وغيرها. ما الذي حفز هذا المسار؟ هل أدّت التقنيّات إلى اندفاع للتفتيش عن حلول ترتبط بما يمسّ الفكر الإنساني بمجالاته كافّة؟ هل أثّر هذا في تطوّر علوم الإدراك؟ ربما فرضت هذه الأسئلة ضرورة العودة إلى تاريخ تشكّل علوم الإدراك، مع ملاحظة أن من المستطاع التعامل بشكل تجريبي مع دراسة هذا المسار التاريخي بفضل التقنيات الرقميّة أيضاً.
وتجدر ملاحظة أن علوم الإدراك لها بداية فلسفيّة، إذ وصفها المفكر الفرنسي جان فرنسوا دورتيه بأنها تمثّل «حلماً» بتفسير الإنسان وأعمال عقله، بواسطة مجموعة صغيرة من المبادئ البسيطة والقواعد السهلة.
أعصاب الإدراك
في العالم العربي، بدأت علوم الإدراك تُدرّس في الجامعات ضمن مقرّرات تدخل في نطاق علوم المعرفة، خصوصاً علم النفس وعلوم التربية. وفي لبنان، ظهر هذا المجال بمجمل علومه وبشكله الواسع، ضمن اختصاص «مركز علوم اللغة والتواصل» في الجامعة اللبنانية، ومختبر «ليلاس» التابع للمركز. وفي هذا المركز، تتشابك المعلوماتية مع العلوم الإنسانية (وفيها الألسنيّة وحوسبة اللغة وفلسفتها)، فتُشكّل المواد الأساسيّة التي يُرتكز عليها في إعطاء درجات الماجستير والدكتوراه.
في السياق عينه، تجذّرت علوم الأعصاب بين عاميّ 1980 و1990، بوصفها علوماً تعنى بالدراسة العلمية للجهاز العصبي، سواء لجهة هيكليته أم وظيفته، إضافة إلى دراسة عمل الأعصاب على مستوى الجزيئات الكيماوية، وهو أمر يتفّق مع مجريات الأمور في علوم الطب كافة.
وحاضراً، يجري الحديث عن «علم الأعصاب الإدراكي» Cognitive Neuroscience، الذي يعتبر مجالاً بحثياً يعنى بدراسة آليات الإدراك العصبية الحيوية التي تقوم عليها المعرفة كالبحث في الأساس العصبي للإدراك واللغة والذاكرة والمنطق والعواطف والمهارات الحركية وغيرها. ويعتبر «علم الأعصاب الإدراكي» فرعاً من فروع العلوم الإدراكية، وهو يشبه كثيراً الدور الذي تؤدّيه تقنيّة المحاكاة الاصطناعيّة بالكومبيوتر (سميوليشن - Computer Simulation)، التي تعتبر الرافعة الرئيسية لعمليات الحوسبة الذكيّة الآن.
واعتماداً على هذا التشبيه، من المستطاع القول إن شبكات الإدراك تطوّرت أيضاً، إذ بات ملحوظاً أن نموذج الكومبيوتر والمحاكاة الافتراضية، طغى على غيره من النماذج، منذ بداية القرن الجاري، إضافة إلى الإقرار بأن التفكير هو ظاهرة بيولوجية- نفسية- اجتماعية مُركّبة.
وبرز الاهتمام باللغة والإدراك في ستينات القرن الماضي وسبعيناته، وطغى الاهتمام بالذاكرة والوعي في تسعينات القرن العشرين. وثمة ميل الآن للتركيز على فهم الأحاسيس والمشاعر والعواطف، إضافة إلى إعطاء اهتمام كبير لفهم المهارات الحركية أيضاً. وهناك ميل للتركيز على فكرة أن الإدراك يتمركز في الجسد أيضاً، والفكر هو من روافد الجسد ويدخل في بيئته بصورة اجتماعية معينة. والأرجح أن فرضية وجود نموذج وحيد لفهم التفكير، بات أمراً بعيداً.
إشارات العالم وأحاسيسه
ولعل أبرز موضوعات علوم الإدراك ومجالاتها، محاولة فهم الإدراك نفسه، انطلاقاً من كونه آلية تساعد على فهم العالم عن طريق المعطيات ودلالاتها. وهناك سؤال عن بناء صور تستطيع أن تمثّل المحيط الخارجي بشكل مباشر في الجهاز العصبي. بقول آخر، هناك محاولة لفهم طُرُق عمل الجهاز العصبي أثناء تعامله مع المعلومات الخارجية كالرائحة والإشارات الآتية من البصر واللمس والسمع ووضعية الجسد وغيرها. كيف تتحوّل هذه الأشياء «رسائل» ذهنية في الدماغ؟ وكيف يعاد ترميزها في الأعصاب؟ كيف يتفاعل الجسم معها كي تصل إلى صنع أحاسيس متنوّعة؟
في السياق عينه، تأتي مسألة الذاكرة بوصفها تعبير عن المكان الذي يمُكّن من تحديد وظائف متعلّقة بتخزين المعلومات في الجهاز العصبي. لنتذكر المعلومات التي تدلّ على حوادث معينة، والطريقة التي تخزّن بها هذه المعلومات، وكذلك تأثير هذا التخزين على الفكر نفسه. لا يتعلّق الأمر بمجرد تخزين المعلومات، بل بفهم الرموز المتّصلة بالحوادث، وكذلك إعادة الترميز للمعلومات وطُرُق استرجاعها. إضافة إلى ذلك، من المهم معرفة الهيكلية العصبية التي تؤثّر في آلية الفهم، بتفاصيلها كافة.
يصعب عدم الحديث عن اللغة، التي تعتبر خاصية طبيعية للإنسان، تسمح بالتواصل المرتكز على تمثيل دلالي، وتشكل وعاء للفكر.
تنبني اللغة على نظام من إشارات ورموز معقّدة نحوياً ودلالياً. بالنسبة لعلوم الإدراك وارتباطها باللغة، يساعد النظام على فهم الآليات المتّصلة بتنمية الملكة اللغوية، وكيفية تطورها زمانياً، إذ تشرح علوم الإدراك سبل التواصل عملياً، وطريقة صوغ هيكل للمعرفه يسمح بالتواصل عبر الكلام، بل إن النظام العصبي للبشر يؤهلّهم لتعلم لغة ما. إذاً علوم الإدراك تهتم بعملية الفهم، كما بعملية الإنتاج اللغوي.
هناك سؤال صعب عن الاستدلال والمحاججة، بوصفهما تطبيق التأمل المنطقي، على مشكلة معيّنة. وتهتم علوم الإدراك بتحديد الاستراتيجيات التي يضعها الإنسان كي يفكر.
تهتم علوم الإدراك بالعواطف، بل تعتبرها مفهوماً عاماً يستخدم لوصف حالات محددة إدراكياً، كالغضب والحزن والفرح والاشمئزاز والمفاجأة وغيرها.
وهناك مسألة الوعي، وهو المحرك الوحيد والشامل، الذي يحكم العمليات العقلية جميعها.
لا يمكن اعتبار مستقبل علوم الإدراك كحقل مستقل للإنتاج المعرفي، مجرد نظريات تتصل بمراقبة الظواهر الفكرية لكيفية عمل الدماغ فحسب، بل إنها ترابط لمجموعة من الرموز المعرفية المتشابكة في منظومة واحدة، تهدف إلى فهم عملية التفكير عند البشر، بطريقة علميّة منظّمة.
اختصاصي في ألسنيات الكومبيوتر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.