ضاقت جميلة، ذرعاً بوضعها الاجتماعي، لكونها «مطلقة»، فقررت الزواج لتنهي مرحلة «مؤرقة» من حياتها، وتُخَلّص نفسها من لقب يشعرها ب «الخزي والامتهان». بيد أنها لم تدرِ أن فرارها من «ألسنة الناس»، سيوقعها في «شراك لا مناص منه». إذ وقعت في قبضة زوج احتال عليها طمعاً في المكافأة الشهرية، التي تصرفها لها وزارة الشؤون الاجتماعية، كونها «مطلقة». ما دفع الزوج، إلى رفض القبول بإضافة زوجته، إلى سجل العائلة الخاص به، فضلاً عن امتناعه عن النفقة عليها. فيما كان يستولي على حصتها من الضمان الاجتماعي، وكي لا تطالبه بالإضافة، قام بإتلاف عقد الزواج، وهي «متحيرة» في أمرها، فلا هي «متزوجة»، ولا في العرف «مطلقة». فيما تحسب على ذمة رجل، يختلس ما يقع في يديها، ومنتهى ما تصبو إليه هو الطلاق، للمرة الثانية. وحكت نهى، معاناة زميلتها التي تزوجت من رجل «بدا لها أنه شاب واعد، يتهيأ للابتعاث إلى الخارج»، مستدركة «فوجئت صديقتي به لاحقاً؛ رجلاً اتكالياً، لا يستذكر دروسه، ولا يعبأ بمستقبله، حتى أكمل دراسته في ستة أعوام. فيما كان يفترض أن ينهيها في مدة لا تتجاوز السنتين، ما اضطر الزوجة إلى العمل في أميركا، حتى توفر لقمة عيشهما في الغربة». وذكرت أنه «بعد عودتهما، رفض البحث عن وظيفة، كباقي الشباب. واكتفى بأن يضع رجلاً على أخرى، ويسهر ويأكل وينام. فيما هي تكافح، وتنفق كل راتبها وحوافزها في الإنفاق عليه، وعلى بيته وأولاده». وأمضت علياء أكثر من ست سنوات تنفق على زوج، فضّل أن «يكتّف يديه، ويأكل ويشرب، من دون أن تطرف له عين، فيستحي من أن يتكل على امرأة تشغل وظيفة متواضعة، لا تشبع ولا تغني من جوع. ويسند إليها جميع مهماته، حتى تأثيث البيت ودفع الإيجار السنوي»، بحسب قول علياء، التي كلّفها ذلك فوق وسعها ودعاها، ودفعها إلى الطلاق. ولأنه اعتاد أن يصنف ضمن «الطفيليات»، فلم يرق له تطليقها، والعيش من دون معيل، يكفل له حياة كريمة، من دون كد أو عناء. وتقول: «حرص على التخلف عن جميع جلسات المحكمة، ما أدى إلى أن أظل معلقة بشكل أو بآخر، علّي أعود له، فيعود ليعيش من تعبي». والمال أيضاً؛ هو السبب الذي دعا زوج لينا، ليعض عليها بالنواجذ، ويغربلها، ذهاباً وإياباً، في مراجعات عقيمة إلى المحكمة، حتى اضطرت إلى خلعه، بعد اعتماده الكلي على راتبها، وإلزامها بدفع الأقساط المتراكمة عليه كافة، من سيارة، وأثاث، وسداد قرض كبير من المصرف، بحجة مشاريع عادت بالنفع عليه. وفوق كل ذلك يفتقر هو إلى تقديرها، ويعجز عن حبها واحترامها. أما رائد، فأحال نفسه إلى التقاعد باكراً، واتكأ على كتف امرأة عاملة، وأنابها عنه في استكمال «بيت العمر»، وتلبية حاجات الأسرة، ومتطلبات الأبناء، وكلفة الحياة جميعها. ورأى أن من حقه أن يستمتع بحياته، ويقضي وطره من السفر والسهر، ورفقة «الاتكاليين والصحبة الفاشلة» كما تقول زوجته. بدورها، رأت المستشار الأسري المدربة المعتمدة معصومة العبد الرضا، أن «الحياة الزوجية مسؤولية مشتركة متوازنة في كل مناحي الحياة، وما يتبعها من اتفاقات مسبقة لآلية الإنفاق وترشيده بينهما»، محذرة من أن «يقفز أحدهما على الآخر، ليتمتع كلاهما بالرخاء»، منوهةً بأن «نسف الاتفاقات، ينذر بوجود خلل، يتطلب حلاً سريعاً، لضمان حق الزوجة. وهو ما يتطلب منها مقداراً من الذكاء، لعودة الوفاق، من طريق الحوار المفتوح، والكشف عن النوايا، وتبعاته المنعكسة عليها، معتمدة على أناقتها في الحوار، وكيفية مجاراته حتى القيادة في مفهوم البرمجة اللغوية العصبية، وفقاً لنظامه التمثيلي وقيمه الحياتية»، لافتة إلى أنه «لا مشكلة أبداً، طالما هناك حوار مفتوح وقدرة على إدارة الحوار، وفقاً لمفاهيم الطرف الآخر».