انطلاق التمرين البحري المختلط للدول المطلة على البحر الأحمر «الموج الأحمر 7» بالأسطول الغربي    المؤتمر الدوري الرياضي: لا اختلاف في الدعم و90% من المفاوضات عبر النادي    محمد عبده يتعافى بعد تلقيه العلاج بالكيماوي    إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وصول التوأم السيامي الفلبيني «أكيزا وعائشة» إلى الرياض    دوريات «المجاهدين» بجازان تقبض على شخص لترويجه 3.8 كيلوغرام من مادة الحشيش    قيادي في فتح: حماس تتفاوض لتأمين قياداتها    وزراء الموارد والبلديات والتعليم يؤكدون أهمية التكامل لتطبيق معايير السلامة بين العاملين    "أكواليا" تستعرض جهودها في إدارة موارد المياه لتحقيق الأمن المائي والاستدامة    الديب: إيرادات الميزانية السعودية تعكس قوة الاقتصاد وكفاءة الإنفاق    أمير منطقة الرياض يؤدي الصلاة على الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز    جثمان الأمير بدر بن عبدالمحسن يوارى الثرى    اصطدام سيارة بإحدى بوابات البيت الأبيض ومقتل سائقها    "الأرصاد" ينبه من هطول أمطار على منطقة الرياض    قربان: قطاع الحياة الفطرية يوفر فرصًا استثمارية ضخمة في السياحة البيئية    المملكة تستضيف اجتماعيّ المجلس التنفيذي والمؤتمر العام ل"الألكسو"    محافظ الطائف يرأس أجتماع المجلس المحلي    كلوب: مدرب ليفربول المقبل لن يواجه صعوبات    التجارة غير النفطية تواصل النمو في أبريل    فرص واعدة لصُناع الأفلام في المملكة    منتدى المشاريع العالمي في يونيو المقبل بالرياض    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام هيئة التراث بالمنطقة    ميسي يسجل ثلاثة أرقام قياسية جديدة في الدوري الأمريكي    كاسترو يكشف موقف تاليسكا وغريب من مواجهة الهلال    "عطاء التعليمية" تدشن المبنى المطور للمرحلة الثانوية بمدارس الرواد بالرياض    20 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح    ( مسيرة أرفى ) تعلن عن إنطلاق فعاليات شهر التصلب المتعدد    "تعليم تبوك" و"أرامكو" يطلقان حملة توعوية للوقاية من الحرائق    الأمم المتحدة تكشف: آلاف السودانيين يفرون يوميا من جحيم الحرب    المملكة تعين وتروي المحتاجين حول العالم    "ميدياثون الحج والعمرة" يختتم أعماله    رونالدو: لا أركض وراء الأرقام القياسية    تنمية جازان تفعل برنامجًا ترفيهيًا في جزر فرسان    توقعات بهطول أمطار رعدية خفيفة على معظم مناطق المملكة    اللحوم والبقوليات تسبب "النقرس"    السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها    القبيلة.. وتعدد الهويات الوطنية    البدر «أنسن العاطفة» و«حلّق بالوطن» وحدّث الأغنية    آه يا رمل وهبايب.. تدفن جروح الحبايب.. ورحت يا بدر التمام    «MBC FM».. 3 عقود على أول إذاعة سعودية خاصة    السعودية.. دور حيوي وتفكير إستراتيجي    بأمر خادم الحرمين.. تعيين 261 عضواً بمرتبة مُلازم تحقيق في النيابة العامة    «المظالم» يخفض مدد التقاضي و«التنفيذ» تتوعد المماطلين    تعديلات واستثناءات في لائحة ضريبة التصرفات العقارية    رعى حفل التخرج الجامعي.. أمير الرياض يدشن مشروعات تنموية في شقراء    تحت رعاية ولي العهد.. وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل ويشهد حفل التخرج    موسكو: «الأطلسي» يستعد لصراع محتمل    مفاوضات هدنة غزة.. ترقب لنتائج مختلفة    الهلال يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الأهلي    منح تصاريح دخول العاصمة المقدسة    الطائي يتعادل مع الخليج سلبياً في دوري روشن    الذهب يتأرجح مع تزايد المخاوف بشأن أسعار الفائدة    تقدير الجهود السعودية لاستقرار السوق العالمية.. المملكة تعزز تعاونها مع أوزبكستان وأذربيجان في الطاقة    يجنبهم التعرض ل «التنمر».. مختصون: التدخل المبكر ينقذ «قصار القامة»    النملة والهدهد    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    كيفية «حلب» الحبيب !    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة - مخدة أخي
نشر في الحياة يوم 09 - 04 - 2013


مات أخي في المهجر وسافر أبي كي يجلب الجثمان وتأخر.
تمرّ علينا الليالي أطول من الفصول.
ننتبه أن صمت القرية يختلف بين ساعات الليل، من ساعة إلى ساعة.
لكننا نجد صعوبة في الحكي عن هذا أو عن الأمور الأخرى.
تظهر خارج النافذة النخلات مثقلة بالتمر. تتساقط حبّاتها الناضجة أبعد من السور عند هبوب الشرقي وتضيع وتفسد بين نبات الطماطم. هذا أيضاً لا نحكي عنه.
ينشد شاعر قريتنا حداء قديماً، منتصباً كأرنب برّي عند البئر.
تعبر الأيام وأختي تذهب وتجيء بين مخازن التبن والبيدر صامتة كأنها خرساء، غائمة المعالم عند الظهيرة، فاقدة الحضور كظل أسود يثقب صفار الفراغ الشمسي... كأن مادتها بعظمها ولحمها تتحلّل وتذوب وهي تسير في ضبابة الحرّ البيضاء... مرّت كل هذه الأعوام وما برحت أتذكرنا واقفتين أنا وهي أمام سرير أخي، ننظر إلى المخدة التي كان يحبّها، ولا نتفق هل سندفنها معه أم نأخذها ذكرى منه إلى غرفتنا.
تأخر أبي كثيراً في سفره... تفاقمت الحرارة وارتفعت الرطوبة. صار الهواء فظيع الملوحة، طعمه فوسفور، كأن البحر الميت بأكمله قد تبخر بهبوب الشرقي واحتدام الشمس.
*
أنهض في وقت متقدم من الليل عن فرشتي ثم أتسلل حافية على رؤوس الأصابع محدقة بعينين متسعتين لئلا أصطدم بحدود الظلام. أوقن أنني منحوتة من رمل الصحراء وملح البحر. أشرب وأشرب من الجرّة، أجرع كممسوسة، لكن العطش لا يتراجع كأنني مثقوبة ألف ثقب. أنا لا يرويني النهر. من دون أن أصدر ضجة أجد البيضات في مكانها وكذلك السمن وكذلك الغلاية. أتعذب قبل أن تقع يدي على الخبز لأن أختي بدّلت موضع القفة. أستعين بحضن ثوبي وأحمل ما جمعت إلى خارج الدار. يتساقط حولي نور النجوم فجأة وبلا إنذار مثل زخّة أمطار مشعّة. الهواء فيه برودة الليل، أخطو خطوات واسعة رافعة ثوبي حولي حتى أصل إلى وراء مخازن الحبوب. أعثر على حجرين كبيرين وألتقط قشاً ويباساً وأوقد ناراً تحت الغلاية وأقلي البيضات وأنا أسبح في مياه النجوم. لا أشبع: خمس بيضات وثلاثة أرغفة خبز ولا يسكت جوعي. أسعى بين النخلات ألتقط التمر الساقط مع دمعاتي.
*
تأخر أبي كثيراً...
يجيء شاعر قريتنا كي يشرب القهوة الثقيلة بالهال ويلفظ كلاماً كثيراً لا يفيد من قريب أو بعيد. أتركه جاحظ العينين قاعداً أمام أمي والجارات، قريباً من المهباش الذي يبرق نحاسه كسيف، وأسير حتى الجبل، وأتسلق الدرب الوعرة إلى القمة اللاهبة بالشمس. من القمة يبدو البيت بنوافذه بعيداً جداً وصغيراً جداً كأنه بيت للنمل... وأسفل النخلة العجوز المائلة «أم النخل»، أميّز الشاعر، لا بقامته بل بثوبه واللون الفاتح لقميصه المهلهل وسط السواد السميك القاتم الذي يحجب أمي والجيران.
*
أبقى فوق... كلما ارتقيت إلى هذه النقطة الشاهقة أتفاجأ كعذراء، كأنني أصعد إلى قمة الجبل للمرة الأولى في حياتي. أراقب البيت النائي الضئيل وهو يتلوى مثل السحلاة في أبخرة الشمس. أجفف بكمّي عرقاً يتصبّب غزيراً على وجهي، وألتقط حفنات تراب وشوكاً ناشفاً، وأؤذي يدي عمداً كي أنظر إلى حبيبات الدم. إذا تأخر الوقت وحلّ الظلام نستطيع من هنا رؤية أضواء المدينة، في نهاية الدنيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.