شكّل تنفيذ حكم القتل رمياً بالرصاص للمرة الأولى في السعودية بحق سبعة من الجناة صباح أول أمس (الأربعاء) حدثاً استثنائياً على أكثر من صعيد، فبجانب كونها المرة الأولى رسمياً في تاريخ البلاد التي يُستخدم فيها الرصاص بدلاً من ضرب العنق بالسيف، فإن وسيلة تنفيذ حكم القصاص بحق الجناة، أعلنت عملياً إحالة مهنة «السياف» إلى التقاعد وإدراجها في قاموس المهن المنقرضة أو المهددة بالانقراض على الأقل، لتفسح الطريق أمام مهنة جديدة ينتظر أن تكون «القناص» أو «الرامي» أو تسمية أخرى سيتم اختيارها قريباً طبقاً لتأكيدات مصدر مطلع في وزارة الداخلية تحدثت معه «الحياة» أمس. وعلى أن اختيار الوسيلة الأكثر ملاءمة لتنفيذ حكم القتل كانت - وما زالت - مثاراً للجدل الفقهي والطبي، فإن وزارة الداخلية السعودية حسمت أمرها أخيراً تحت ضغط ندرة عدد السيافين في البلاد، وصعوبة إيجاد البديل في حال تأخر السياف عن الحضور لتنفيذ الحكم تحت أي ظرف، ولعل في تأخر حضور السياف نحو ست ساعات قبل تنفيذ حكم القتل في السجين الشهير والأقدم في السعودية عبدالله فندي الشمري قبل نحو شهر وما صاحبه من إرباك أمني شاهداً على حجم المصاعب التي تواجه وزارة الداخلية مع هذه المهنة «المنفرة»، التي كثيراً ما ارتبطت شعبياً بحكايات وإشاعات «مرعبة» تعكس خوف المجتمع من مهنة «السياف»، كإدمان صاحبها على سفك الدم وحاجته إلى ممارسة تنفيذ حكم القتل بشكل مستمر حتى يكون في مزاجه الطبيعي. وكان في الحديث الإعلامي لسياف منطقة مكةالمكرمة محمد البيشي أخيراً عن صعوبة المهنة وحرصه على اصطحاب ابنه لمشاهدة أحكام القتل بالسيف لتعوديه وتدريبه منذ وقت مبكر، جانب معبر عن أسرار المهنة. وعلى رغم أن عضو هيئة كبار العلماء الشيخ علي الحكمي أكد ل»الحياة» (الثلثاء) الماضي، أن القصاص من طريق «الرمي بالرصاص» جائز شرعاً في حال تبيّن لأهل الخبرة أنه يشبه القتل بالسيف، أو أسرع منه، إلا أن الجزم بكون الرصاص هو الطريقة الأنسب من الناحية الشرعية والطبية ما زال محلاً للنقاش والمجادلة وما زال قابلاً للتغير والاستبدال بما هو أفضل، إذ أوضح الحكمي في التصريح ذاته أن طرقاً أخرى مستخدمة في القصاص مثل الصعق الكهربائي والشنق والحَقْن بالإبر، «تحتاج إلى بحث من المجامع الفقهية، ودرسها في شكل شامل من الجوانب النفسية والاجتماعية والجنائية، للتأكد من عدم وجود مضاعفات على المقتص منه، أو على من لهم علاقة به، لعدم تجاوز المقصود الشرعي بالقصاص لا على المقام عليه الحد ولا على ذويه». وأضاف: «الأصل في مشروعية القصاص أو إقامة الحد هو إزهاق الروح، إضافة إلى أن الأصل في العقوبات وغيرها في المعاملات الإسلامية هو عدم تعذيب المقتص منه أو من يقام عليه الحد». وكانت وزارة الداخلية نفذت للمرة الأولى في تاريخ أحكام القصاص، أول من أمس (الأربعاء) حكم القتل بإطلاق الرصاص في حق سبعة جناة، تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاماً، على خلفية سطوهم على محال ذهب في مدينة أبها، وكانت الطريقة الجديدة في تنفيذ الحكم لاقت ردود فعل متباينة، إذ أيدها بعض المشايخ باعتبار أن القتل بالرصاص لا يسبب آلاماً كما هي حال الطرق الأخرى للقتل.