تمكن مؤتمر المانحين الدولي الذي استضافته الكويت أمس من جمع أكثر من بليون دولار لمساعدة السوريين الذين يعانون مباشرة من النزاع الدامي المستمر منذ 22 شهراً. وكان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح افتتح أمس أعمال المؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية بمشاركة 59 دولة بحضور عدد من قادة ورؤساء الدول وممثليهم ورؤساء الحكومات ووزراء ومسؤولين، كما حضره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وممثلون عن 13 منظمة ووكالة وهيئة متخصصة تابعة للأمم المتحدة ومعنية بالشؤون الإنسانية والإغاثية واللاجئين. وأعلنت كل من الكويت والسعودية والإمارات أمس دفع 300 مليون دولار منها، بينما قدمت الولاياتالمتحدة 155 مليوناً وقدمت دول أخرى مبالغ أخرى ليصل الرقم إلى نحو بليون دولار، ليقترب من المبلغ المطلوب من الأممالمتحدة وهو 1،5 بليون دولار لمساعدة نحو مليون لاجئ سوري في الدول المجاورة وأربعة ملايين آخرين في الداخل تضرروا جراء الأزمة. وحمّل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد في كلمة افتتاحية في المؤتمر النظام السوري المسؤولية عن الكارثة «لتجاهله مطالب شعبه»، ودعا مجلس الأمن إلى توحيد صفوفه و «يتجاوز بعض المواقف المحبطة لإيجاد حل سريع لهذه المأساة». وقال: «إن التاريخ سيقف حكماً على دور مجلس الأمن في هذه المأساة». وأشاد بكل من تركيا والأردن لبنان والعراق «لما يقدمونه من خدمات إنسانية وإغاثية ضخمة للاجئين». واعتبر أن هذه الحقائق «تضع على عاتقنا مسؤوليات جسيمة وتدفعنا إلى العمل وبأقصى طاقة ممكنة لمواجهة تلك الكارثة والإسراع لحقن دماء أشقائنا والحفاظ على ما تبقى من بنية تحتية لبلدهم» . ورأى الأمير أن «تلك الكارثة الإنسانية والحقائق المفزعة والواقع الأليم سببه تجاهل النظام لمطالب شعبه العادلة وعدم قبوله بالمبادرات الإقليمية والدولية الساعية إلى إنهاء هذه الكارثة» وأنه «مما يضاعف من معاناة أبناء الشعب السوري أن أفق هذه الأزمة لا يلوح به بوادر حل ليضع حداً لنزيف الدم وينهي آلام شعب عانى من التشرد». ودعا أمير الكويت مجلس الأمن إلى «الإسراع بتوحيد صفوفه وتجاوز بعض المواقف المحبطة لإيجاد حل سريع لهذه المأساة (...) والتاريخ سيقف حكماً على دور مجلس الأمن في هذه المأساة». ثم أعلن أمير الكويت مساهمة بلاده ب «مبلغ 300 مليون دولار لدعم الوضع الإنساني للشعب السوري الشقيق». ودعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى إنهاء الحرب «المروعة» في سورية وأشار إلى أن الأزمة السورية «لن تنتهي إلا بوجود حل سياسي الذي باتت الحاجة إليه أكثر إلحاحاً»، داعياً «طرفي النزاع في سورية وخصوصاً الحكومة السورية إلى إيقاف سفك الدماء»، ولاحظ «ارتفاع معدلات العنف الجنسي والاعتقال والاحتجاز إضافة إلى تدمير المستشفيات والبنى التحتية الكهربائية والمائية». ولفت إلى أن سورية كانت توفر المساعدات للشعوب التي تحتاج إليها «وهي استضافت نحو 50 ألف لاجئ فلسطيني إضافة إلى 100 ألف لاجئ عراقي والآن بات الشعب السوري وهؤلاء اللاجئون يعانون خطر النزوح من جديد». وقال: «إذا أردنا البحث عن حل سلمي في سورية علينا أن نبذل قصارى جهودنا لمساعدة أخواننا في الإنسانية الذين يموتون أمام أعيننا وتخفيف الوطأة عنهم وإحياء جذوة الأمل لديهم ومساعدتهم على البقاء في هذه الأيام الحالكة إلى أن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم وبناء مستقبل أكثر ضياء في سورية». وأكد الحاجة لتوفير 1.5 بليون دولار من أجل تمويل مواجهة الأزمة الإنسانية في سورية على مدى الأشهر الستة «العسيرة» المقبلة، وقال: «لا يمكن لنا تحقيق الإنجازات من دون موارد ومن دون توفير هذه الموارد سيلقى حتماً المزيد من الناس حتفهم. وحالة الطوارئ هذه تقتضي منا بذل أقصى الجهود». كما دعا العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى إنشاء صندوق دعم اللاجئين لمواجهة الأزمات الناتجة من الظروف الاستثنائية التي تمر بها بعض الدول العربية، وفي مقدمها الأزمة السورية، مشيراً إلى الحاجة في أن يوفر هذا الصندوق «الدعم والإمكانات للدول التي تستقبل اللاجئين السوريين، حتى تتمكن من الاستمرار في تقديم الخدمات الإنسانية لهم». ولفت إلى أن «الأردن استقبل وما زال يستقبل مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، وقد تحمل في سبيل توفير الخدمات الإنسانية والأساسية لهم ما هو فوق طاقاته وإمكانياته». وأكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن بلاده بحاجة إلى 370 مليون دولار لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين في لبنان. وإذ أكد أن حدود لبنان ستظل مفتوحة، قال إنه لا «يسع لبنان إلا أن يدعو المجتمع الدولي إلى تقاسم الأعباء معه»، مشيراً خصوصاً إلى الأعباء المادية أو إمكانية استيعاب بعض النازحين في دول عربية أخرى وإنما «ليس على قاعدة الترحيل». إلى ذلك، قدم الرئيس التونسي منصف المرزوقي مبادرة لحل الأزمة السورية تتضمن خمس نقاط و «العمل على وقف فوري لسفك الدم الغالي وإيجاد مخرج سياسي لا تراه تونس إلا عبر أولاً الضغط عبر أصدقاء الدكتاتور السوري عليه ليوقف مسلسلاً دموياً عبثياً سيلطخ إن تواصل اسمه واسم عائلته إلى الأبد». وتضمنت المبادرة التونسية تنظيم مرحلة انتقالية تحت إشراف قوة حفظ سلام عربية يمكن لتونس أن تشارك فيها وكذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية من المعارضة «والشق الوطني والمسؤول داخل النظام السوري الحالي». كما تضمنت المبادرة أيضاً «التوافق على دستور يضمن مدنية الدولة والنظام الديموقراطي والمساواة بين المواطنين داخل سورية» وتنظم انتخابات ديموقراطية على أساسه إضافة إلى وضع خطة عربية ودولية لإعادة إعمار سورية. إلى ذلك اتهم مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية الإيراني السفير حسين أمير عبد اللهيان في مؤتمر صحافي عقده في الكويت الولاياتالمتحدة بأنها أوصلت التطرف في سورية إلى أعلى مستواه. وأضاف عبد اللهيان، الذي ترأس وفد بلاده إلى مؤتمر الكويت، إن محور الأزمة في سورية هو إرسال الأسلحة من بعض الدول للداخل السوري. وحمّل عبد اللهيان الدول التي ترسل هذه الأسلحة مسؤولية الضحايا الذين يقعون في هذا الصراع. إلى ذلك، أوضح وزير المال السعودي إبراهيم العساف في كلمة له خلال رئاسته وفد المملكة الى مؤتمر الكويت، «أن إجمالي ما تم إعلانه من مساعدات سعودية تزيد على 345 مليون دولار أميركي، صُرف منها حتى الآن 125 مليوناً معونات (...)، وتخصيص 100 مليون دولار أُعلن عنها أخيراً للمساعدات الإنسانية العينية». وأعلن العساف أن «توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بأن يستكمل المبلغ المتبقي من المساعدات التي التزمت بها المملكة، وهو 220 مليون دولار أميركي، ليصبح 300 مليون دولار». ولفت إلى «الظروف المأسوية التي يعاني منها الشعب السوري بسبب الحرب المعلنة عليه التي تسببت في تهجير عدد كبير منهم من مساكنهم، وتشتتهم داخل سورية وعدد من الدول المجاورة».