قال نشطاء معارضون إن الطائرات الحربية السورية قصفت أمس ضاحية داريا الواقعة على الطرف الجنوبي الغربي لدمشق مع تواصل المعارك العنيفة لليوم الثاني على التوالي عند مشارف المدينة. وتحدثت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مقتل عشرات «الإرهابيين» في قصف داريا في العملية التي قالت عنها إنها «نوعية». يأتي ذلك فيما سقطت للمرة الأولى قذيفة على حي أبو رمانة الراقي في دمشق، المعروف ب «حى السفارات» بسبب وجود الكثير من السفارات الأجنبية فيه وهو قريب من مكاتب القصر الرئاسي. وقصفت طائرات الميغ السورية داريا الواقعة وسط أراض زراعية قرب الطريق السريع الجنوبيلدمشق حيث يقاتل مقاتلو المعارضة وحدات من الحرس الجمهوري انتشرت حول الضاحية التي تعد مركزاً رئيساً للمعارضة في الانتفاضة المندلعة ضد النظام منذ 20 شهراً. وقال تلفزيون «الإخبارية» الموالي للحكومة، إن الجيش بدأ حملة «لتطهير» داريا ممن وصفهم بالإرهابيين وعرض لقطات لجنود على أطراف الضاحية حيث قال ناشطون إن 23 شخصاً قتلوا في اليومين الماضيين. وتقول مصادر المعارضة إن 1000 شخص قتلوا في آب (أغسطس) خلال هجوم كبير لطرد مقاتلي الجيش السوري الحر المعارض من داريا بعد أن سيطر مقاتلو المعارضة على الضاحية وشكلوا إدارة محلية وبدأوا يهاجمون أهدافاً موالية للنظام في دمشق. وقال أبو كنان وهو ناشط معارض ما زال موجوداً في داريا في اتصال هاتفي مع رويترز «يبدو المشهد العسكري مختلفاً عن آب. النظام يدفع بالقوات تحت حماية المدفعية والطائرات لكنها لم تتقدم حقاً داخل داريا». وأضاف «في المرة السابقة قرر مقاتلو المعارضة الانسحاب بعد أن قتل قصف الجيش عدداً كبيراً من المدنيين. ما زال هناك مدنيون في داريا لكن الغالبية فرت والمقاتلين يتمسكون بمواقعهم». وذكرت مصادر المعارضة أن سبعة مدنيين وثلاثة مقاتلين قتلوا في المعارك والقصف في داريا. وقال ناشطون إن اثنين قتلا حين أصابت شظية مدفعية الدور الأرضي الذي كانا يحتميان به من القصف وظهرت في فيلم فيديو بث على يوتيوب جثة لطفل في المستشفى. ويستحيل التأكد من صحة التقارير من جهة مستقلة. وتفرض السلطات السورية قيوداً شديدة على وسائل الإعلام غير الحكومية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات النظامية تواصل محاولاتها للسيطرة على معاقل المعارضين في مناطق عدة، وتحاول منذ أيام اقتحام مدينة داريا. وقال المرصد إن الاشتباكات مستمرة في محيط المدينة، مشيراً إلى قصف على بساتينها وحرستا وجسرين في الريف الدمشقي بالطائرات الحربية، وقصف مدفعي على الزبداني والسيدة زينب قرب دمشق. وأشارت الهيئة العامة للثورة السورية إلى تزامن القصف على السيدة زينب «مع انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات». ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» من عن مصدر مسؤول أن وحدات من الجيش السوري «قضت على عشرات الإرهابيين في عملية نوعية نفذتها ضد تجمعاتهم في بساتين داريا الشرقية بريف دمشق». وقال المصدر إن «وحدة من قواتنا المسلحة ألحقت خسائر فادحة في صفوف الإرهابيين الذين سقطوا بين قتيل ومصاب». وزاد أن القوات المسلحة «حررت العشرات من الأهالي غالبيتهم من الأطفال والنساء المحاصرين في بساتين داريا والذين خطفتهم المجموعات الإرهابية المسلحة لجعلهم دروعاً يمارسون من خلفها الإجرام والإرهاب حيث تم نقلهم إلى أماكن آمنة». من جهة ثانية، قتل شخص وأصيب آخرون بجروح في سقوط قذيفة على حي أبو رمانة الراقي في شمال شرقي دمشق. وقال المرصد في بيان «استشهد مواطن وسقط عدد من الجرحى إثر سقوط قذيفة هاون على حي أبو رمانة بمدينة دمشق تبعها انتشار أمني كثيف في الحي». ولم يذكر المرصد مصدر القذيفة، إلا أن مصدراً أمنياً في العاصمة السورية أوضح أن مصدرها مجموعة مقاتلة معارضة للنظام. وذكرت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات أن «قذيفة هاون سقطت بالقرب من حديقة المدفع في حي أبو رمانة بدمشق ما أدى إلى سقوط ضحايا». ويضم حي أبو رمانة مقار عدد من السفارات في العاصمة السورية. وهي المرة الأولى التي يتعرض فيها الحي للقصف. وكانت قذيفتان أصابتا أول من أمس مبنى وزارة الإعلام في غرب دمشق من دون أن توقعا ضحايا، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا). وأفاد شهود لفرانس برس بأن القذيفة استهدفت حافلة تابعة لعيادة طبية متنقلة كانت مركونة قرب حديقة المدفع المواجهة لنقابة الأطباء في وسط حي أبو رمانة. وتحطم الهيكل الخلفي من الحافلة وزجاجها، إضافة إلى زجاج حافلة كانت مركونة خلفها تابعة للعيادة نفسها. كما أصيبت سيارات أخرى والرصيف بأضرار. وأفاد أحد سكان المنطقة بأن «طوقاً أمنياً فرض على المنطقة» بعد إطلاق القذيفة. وذكر شاهد آخر أن «سيارة مسرعة مرت في المكان وأطلقت النار عشوائياً» بعد انفجار القذيفة، مضيفاً «لحسن الحظ، كانت الطريق التي كانت تعج بالمارة قبل أشهر قليلة، مقفرة». وقال «لا يمكن تصور الخوف الذي تملكني عند سماع صوت الانفجار، كما سيطرت حال من الارتباك في المنطقة التي لم يكن أحد من سكانها يتوقع حصول ذلك هنا». وقال ثالث رافضاً الكشف عن هويته كذلك: «أصبح الإنسان ينطق بالشهادتين قبل الخروج من منزله لأنه لا يعرف إن كان سيعود إليه سالماً». وزاد «هناك حواجز في كل مكان تحسباً لأي انفجار، إلا أن هذه الحواجز لا تمنع القذيفة من السقوط والدليل أمامنا». فيما أوضح شاهد أجنبي مقيم في العاصمة السورية أن القذيفة سقطت عند الساعة 19.30 من الثلثاء في حديقة المدفع في حي أبو رمانة. وأضاف أنه بالإمكان هذا الصباح رؤية الأثر الذي أحدثته في الأرض وآثار شظايا أصيبت بها سياراتا إسعاف كانتا متوقفتين في المكان. كما تجدد القصف صباح أمس على أحياء دمشقالجنوبية ومصدره القوات النظامية، وفق ما ذكر المرصد الذي أشار إلى سقوط قذائف عدة ليلاً على حي جوبر (شرق). وذكر المرصد أن عبوة ناسفة انفجرت أمس في مخيم اليرموك في جنوبدمشق ما أدى إلى إصابة رجل بجروح، مشيراً إلى مقتل رجل آخر برصاص قناص في المخيم. كما أشارت لجان التنسيق المحلية في بيان إلى أن «غمامة سوداء تغطي مدينة الزبداني بالكامل نتيجة قصف من حواجز» تابعة لقوات النظام. إلى ذلك، أحبطت القوات النظامية السورية هجوماً للمقاتلين المعارضين على كتيبة الدفاع الجوي في ريف حلب الغربي كان مقاتلون معارضون يحاصرونها منذ أسابيع، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس. وقال المرصد في بيان إن «القوات النظامية سيطرت على كتيبة الدفاع الجوي في منطقة الشيخ سليمان في محافظة حلب بعد محاولة مقاتلين من كتائب عدة (معارضة) اقتحامها أمس»، موضحاً أن هذه القوات سيطرت أيضاً على محيط الكتيبة. وأوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن لفرانس برس أن المقاتلين الذين كانوا يحاولون اقتحام الكتيبة تقدموا إلى تلة حيث انفجرت بهم الألغام التي كانت القوات النظامية زرعتها، بينما كانت هذه القوات في الوقت نفسه تقصفهم بالطيران الحربي. وقال إن 25 مقاتلاً معارضاً قتلوا في العملية التي استمرت حتى ما بعد منتصف الليل الماضي، وتمكن المرصد من توثيق ستة منهم سحبهم المقاتلون المنسحبون معهم. وأورد المرصد معلومات مفادها أن جثث بعض القتلى لا تزال في المكان الذي حصلت فيه العملية. وكانت مجموعات مقاتلة معارضة استولت قبل أيام على مقر الفوج 46 القريب من كتيبة الشيخ سليمان في ريف حلب. وقصف الطيران الحربي أيضاً محيط بلدة منبج في ريف حلب، ما تسبب بمقتل خمسة مقاتلين. في محافظة إدلب (شمال غرب)، وقعت اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في محيط حاجز الحامدية جنوب مدينة معرة النعمان التي تعرضت أيضاً لقصف بالطائرات الحربية، وفق المرصد. واستولى المقاتلون المعارضون على معرة النعمان في التاسع من تشرين الأول (أكتوبر)، وتمكنوا نتيجة ذلك من إعاقة إمدادات القوات النظامية في اتجاه مدينة حلب التي تشهد معارك ضارية منذ أشهر. وتحاول القوات النظامية استعادة السيطرة على المدينة. ووقعت اشتباكات أيضاً في محيط معسكر وادي الضيف الذي يحاول المسلحون المعارضون منذ الاستيلاء على معرة النعمان التقدم نحوه، فيما شمل القصف بالطيران مناطق أخرى في إدلب. من جهة ثانية، أفاد المرصد عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل في «انفجار عبوة ناسفة استهدفت آلية للقوات النظامية على طريق إدلب المسطومة». وقتل في أعمال عنف أول من أمس في مناطق مختلفة من سورية 117 شخصاً، وفق المرصد السوري الذي يقول إنه يعتمد للحصول على معلوماته على شبكة واسعة من الناشطين في كل المناطق السورية وعلى مصادر طبية.