أقرت أوساط في الشرطة الإسرائيلية بأن التظاهرات الاحتجاجية التي لا تتوقف منذ شهرين في أحياء مختلفة شمال القدسالشرقيةالمحتلة وفي محيط المسجد الأقصى المبارك غير مسبوقة في حجمها منذ سنوات كثيرة، وأن الحديث يدور عن «أحداث متلاحقة، يومياً تقريباً»، لكن وزير الأمن الداخلي اسحاق أهارونوفتش رفض اعتبار هذه الأحداث «مقدمات لانتفاضة ثالثة»، بحسب توصيف مقدمة البرنامج الإخباري في الإذاعة العامة، مضيفاً أن الشرطة الإسرائيلية تقوم بعمليات اعتقال واسعة في أوساط الفلسطينيين، وأنها اعتقلت في الشهرين الأخيرين أكثر من 600 شاب مقدسي بداعي «الإخلال بالنظام العام» وأنها قدمت لوائح اتهام ضد عدد كبير منهم. وكانت بداية التظاهرات قبل أكثر من شهرين حين اختطف مستوطنون يهود الشاب محمد أبو خضير وقتله حرقاً، رداً على اختطاف المستوطنين الثلاثة في منطقة الخليل والعثور على جثثهم لاحقاً. وعمّت تظاهرات واسعة أحياء فلسطينية قمعتها الشرطة الإسرائيلية بالقوة. لكن التظاهرات لم تهدأ تماماً وعادت واندلعت بقوة هذا الأسبوع بعد استشهاد الفتى محمد سنقرط متأثراً بجروحه بعد إصابته برصاص مطاطي في رأسه أطلقته الشرطة الإسرائيلية قبل نحو أسبوعين في منطقة «وادي الجوز». وادعت الشرطة أنها أصابت الفتى برجله، وأنه أصيب برأسه بعد سقوطه على الأرض. وأعقبت مراسم الدفن أول من أمس تظاهرة المئات من الشباب، فرشق بعضهم أفراد الشرطة بالحجارة، فيما حاول ملثمون من قرية العيسوية إحراق محطة وقود في «التلة الفرنسية» القريبة المملوكة لإسرائيلي. وادعت مواطنة يهودية من القدس، في حديثها للإذاعة، أن اليهود المجاورين للأحياء الفلسطينية يتعرضون للتنكيل الكلامي من الفلسطينيين مثل دعوات «إذبح اليهود». واتهمت الشرطة الإسرائيلية بالعجز عن السيطرة على الأحياء الفلسطينية. ورد وزير الأمن الداخلي بأن شرطته «تسيطر على الوضع رغم تضاعف أحداث الشغب، وأن لا مخاوف من اندلاع انتفاضة». الى ذلك، اندلعت مواجهات أمس في محيط جامعة القدس ببلدة أبو ديس، بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الاسرائيلي. وأفاد شهود عيان لوكالة «معا» أن دوريات جيش الاحتلال تمركزت منذ الصباح بالقرب من جدار الفصل المقام مقابل جامعة القدس، تزامناً مع حضور طلبة الجامعة والمدارس المحيطة الى مقاعدهم الدراسية، وخلال ذلك قام أفراد الدورية باستفزاز الطلبة بتوقيفهم وأخذ هوياتهم. وأضاف الشهود ان مواجهات اندلعت في شارع الجامعة والمدارس بين الشبان وجيش الاحتلال، الذي اطلق القنابل الصوتية والغازية والاعيرة المطاطية بكثافة في المنطقة، مستهدفاً الطلبة. ولفت الشهود الى أن وجهاء من قرية أبو ديس طلبوا منذ ساعات الصباح من جنود الاحتلال الابتعاد عن محيط الجامعة والمدارس تجنباً لحدوث أي مشاكل، بخاصة أن دوريات الاحتلال اصبحت تتواجد في شكل يومي في المنطقة منذ بداية العام الدراسي الجاري، الا ان الجنود رفضوا طلبهم وأصروا على التواجد في المنطقة واستفزاز الشبان. ورداً على سؤال عن ما إذا كانت الشرطة تلحظ مؤشرات لنشاط عناصر تنتمي إلى تنظيم «داعش» في القدسالمحتلة، قال وزير الأمن الاسرائيلي إن ثمة مؤشرات لوجود بعض الأفراد في القدس وبلدات عربية في إسرائيل يتماهون مع التنظيم «لكن ليس في شكل مقلق، والشرطة تعرف هويتهم ولن تسمح لأحد بالتماثل العلني مع التنظيم». وقال المحامي المقدسي الياس خوري للإذاعة ذاتها إن الفلسطينيين في القدس، وبعد اختطاف الشاب محمد أبو خضير وحرقه، باتوا يخشون حقاً محاولات اختطاف واعتداء مماثلة قد يقوم بها متطرفون يهود، «وعليه يفضل الفلسطينيون الاعتكاف في بيوتهم في ساعات المساء». ودعا الشرطة الإسرائيلية إلى التحرك الجدي وإلقاء القبض على المتطرفين. على صلة، رأى زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» الوزير نفتالي بينيت أن لا مكان لإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية بداعي أن الفلسطينيين سينتخبون «حماس» لقيادتهم، متسائلاً: «كم من الصواريخ يجب ان تسقط على إسرائيل كي نفهم ماذا يجري في الضفة الغربية؟».