أعلنت جمعية الثقافة والفنون في الدمام «تحفظها» على الرد بخصوص ما يتعلق بإيقاف تدشين الديوان الجديد للشاعر زكي الصدير. واكتفت بالقول ل«الحياة»: «لا نريد أن نصرح، ولدينا أسبابنا الخاصة». إلى ذلك ضجت الحسابات الشخصية لبعض «المحتسبين» في مواقع التواصل الاجتماعي، معبرةً عن الانتصار لإيقافهم تدشين الكتاب. وعلمت «الحياة» أن جمعية الثقافة والفنون عاشت ثلاثة أيام عاصفة، منذ إعلان تدشين الديوان، بسبب كثرة الضغوطات التي مورست عليها، لإيقاف حفلة تدشين الديوان، إذ كانت هواتف مسؤولي الجمعية تتلقى اتصالات ورسائل من مجهولين، تطالب فيها بإيقاف التدشين، مع إطلاق مجموعة من التهديدات بتصعيد الأمر، ما لم يتم تحقيق مطلبهم هذا. وساد السكون أمس مقر الجمعية الواقع في حي الأثير، الذي كان سيحتضن مساءً حفلة التدشين، إضافة إلى عرض مسرحي وغناء بعض المقطوعات من الديوان، بسبب ما ذكر من أن مدير الجمعية وبقية الكادر الإداري والفني توجهوا إلى «ملتقى الشمال المسرحي للكوميديا». وقال بعض المثقفين: «إن تدشين الكتاب كان سيمر مرور الكرام، لولا قيام بعض المحتسبين في شبكة التواصل الاجتماعية «تويتر» بحشد أصوات المعترضين»، الذين اتفقوا على عدم قراءتهم للكتاب، «إلا أن عنوانه المستفز يوحي بالمحتوى الفاسد الذي لا يجب أن ينشر بين الناس، حفاظاً على عقيدتهم وأخلاقهم». وأكّد أحد المحتسبين ل«الحياة» يكني نفسه بأبي معاذ أن طلبهم وقف التدشين «بسبب أن عنوانه مستفز»، معتبراً أن «ضرورة قراءة كتاب له مثل هذا العنوان غير ملزمة». وأوضح أن تويتر «هو وسيلة حديثة لكشف زيغ أهل الأهواء ومتبعي شهواتهم، لذلك يتم استثماره في كل ما فيه خير وصلاح للبلاد والعباد من نصح وتوجيه وإرشاد، وهذه من نعم الله التي يفترض أن تسخر لخدمة دينه». ولم يخفِ أبو معاذ أن هذه الحادثة «أسهمت في كشف الكثير من الأوراق حول الأشخاص القائمين على ما يعرف بملتقى الوعد الثقافي، إذ تبيّن لنا أن هناك الكثير من الأمسيات التي تقام وبها مخالفات»، لافتاً إلى أن «من ضمن تلك المفسدات استخدام الموسيقى، وعدم مراعاة ضوابط الاختلاط، مع الأخذ في الاعتبار استضافة بعض الأسماء التي عليها الكثير من الملاحظات، من دون أخذ موافقة رسمية من الجهات المختصة». إلى ذلك يبقى «ملتقى الوعد الثقافي» الذي يعتبر المنظم الفعلي لحفلة التدشين، وبحسب عدد من المراقبين، حالة استثنائية في المشهد الثقافي ككل، من ناحية التجربة، ومن ناحية المضمون الذي يقدم، وهو مختلف عن بقية المنتديات الأهلية والمؤسسات الرسمية. فالملتقى المؤسس في العام 2005، حلّق سريعاً في فضاء الأدب والفكر والفن، خارجاً من إطار الوطن إلى أطر خليجية، كالبحرين والكويت وعمان. وكان بذلك أول ملتقى أهلي سعودي يخرج من هذه الدائرة من دون دعم مؤسساتي، كما يذكر ذلك مؤسسوه. والملتقى يعلن أن أهدافه كانت منذ التأسيس واضحة، وهي «خلق جو من الوعي، والارتقاء بالمشهد المحلي عربياً، وتحويل فكرة الملتقى إلى ما يشبه الصالون الذي يلتف حوله المثقفون والأدباء كافة»، مؤكدين سعيهم «عبر تلك الأنشطة للجمع بين الشعر والسرد والتشكيل والمسرح والحوار». ولا يزال المشهد الثقافي الشرقي يتذكر ما أحدثه الملتقى قبل سنوات من صدمة عنيفة بعد استضافته الروائية السعودية زينب حفني للحديث عن روايتها «ملامح»، التي واكبها الكثير من الجدل، ما دفع المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمنطقة الشرقية الشيخ عبدالله اللحيدان لكتابة مقالة قوية، لام فيها الملتقى والقائمين عليه، وطالب فيه بإيقاف الملتقى لاستضافة حفني. وظل الملتقى في شد وجذب، إلى أن جاءت الأمسية المشتركة بين البحريني قاسم حداد والعماني سيف الرحبي، التي حظيت بحضور كبير فاق 200 رجل وامرأة، التي أقيمت قبل مدة، وهي ما لفت انتباه المتابعين لهم بشكل أكبر من السابق، بسبب الترحيب الكبير الذي حظيت به هذه الأمسية في وسائل الإعلام كافة. وعلى رغم كل ما سجله «الوعد» من نجاحات، إلا أن هذه الحادثة قد تكون مفصلية في تاريخه، ما بين الاستمرار والتوقف، بخاصة بعد أن دخلت على الخط وبشكل معلن المجموعات الاحتسابية، ما يجعل فعاليات الملتقى ستكون على المحك، خصوصاً أنها تقام بشكل دائم على مسرح جميعة الثقافة والفنون بالدمام.