نائب أمير مكة يعلن نجاح حج هذا العام    الأمين العام لمجلس التعاون يهنئ القيادة بمناسبة نجاح موسم الحج    حاكم الفجيرة وولي عهده يهنئان خادم الحرمين الشريفين بنجاح موسم حج هذا العام    دعوا إلى انتخابات جديدة ..متظاهرون يطالبون بإسقاط حكومة نتنياهو    بعد كسر أنفه.. مبابي يرتدي القناع    بعثة القادسية تصل إسبانيا    حاكم أم القيوين وولي عهده يهنئان خادم الحرمين الشريفين بنجاح موسم حج هذا العام    أندية دوري روشن تنتظر مصير كارفخال    حاكم عجمان وولي عهده ونائبه يهنئون خادم الحرمين الشريفين بنجاح موسم الحج    مصرع 11 شخصًا في الأمطار الغزيرة بالسلفادور    17 شهيداً في غزة.. الأمم المتحدة: الوضع في غزة «جحيم»    رئيس الوزراء بجمهورية النيجر يُغادر جدة بعد أدائه مناسك الحج    بوتين يعين ثلاثة نواب جدد لوزير الدفاع    حاجة مغربية سبعينية تستعيد القدرة على المشي بعد استبدال مفصل الورك بتجمع مكة الصحي    الهلال يُنهي إجراءات بيع بيريرا لكروزيرو    أمطار بمعظم المناطق.. وأجواء حارة بالمشاعر    جامعة جازان إلى العالمية بالتنمية المستدامة    أعياد المناطق.. تراث وعروض وسياحة    الطبقة الموسيقية الدولية: أداة توحيد للعزف والغناء    النفط عند أعلى مستوى خلال أسابيع    البرلمان العربي يدعو لتكثيف الجهود وتكاتف المنظمات الدولية للحد من خطاب الكراهية    صفقة أسلحة أمريكية ضخمة إلى إسرائيل    طيار مصري يفارق الحياة في الجو… ومساعده يبلغ الركاب ويغير مسار الرحلة خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    المملكة تحقق المركز 16عالميًا في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2024    مفتي عام المملكة يستقبل مدير عام الجوازات    الإمارات تخصص 70% من تعهدها البالغ 100 مليون دولار للأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية في السودان    6 نصائح للمتكممين خلال العيد    بحضور تركي آل الشيخ.. نجوم "ولاد رزق 3" يُدشنون العرض الأول للفيلم في السعودية    العنقري يُشارك في اجتماع مجموعة المشاركة للأجهزة العليا للرقابة المالية لمجموعة العشرين في بيليم بالبرازيل    هذا سبب ارتفاع أقساط السيارات في الوقت الحالي    ليان العنزي: نفذت وصية والدي في خدمة ضيوف الرحمن    جدة: منع تهريب 466 ذبيحة فاسدة    «ترجمان» فوري ل140 لغة عالمية في النيابة العامة    800 مليار دولار قروض عقارية في الربع الأول    المملكة.. تهانٍ ممزوجة بالنجاحات    قائد أحب شعبه فأحبوه    رسالة لم تقرأ..!    نجاح مدهش اسمه «إعلام الحج»    بعوضة في 13 دولة تهدد إجازتك الصيفية !    في 2025.. ستصبح الشوكولاتة باهظة الثمن !    مصادر «عكاظ»: أندية تنتظر مصير عسيري مع الأهلي    نظرية الحج الإدارية وحقوق الملكية الفكرية    فخر السعودية    رئيس الفيدرالي في مينيابوليس يتوقع خفضاً واحداً للفائدة    48 درجة حرارة مشعر منى.. لهيب الحر برّدته رحمة السماء    بديل لحقن مرضى السكري.. قطرات فموية فعّالة    5 مثبطات طبيعية للشهية وآمنة    فخ الوحدة ينافس الأمراض الخطيرة .. هل يقود إلى الموت؟    أمطار الرحمة تهطل على مكة والمشاعر    فرنسا تهزم النمسا في بطولة أوروبا    مدرب رومانيا: عشت لحظات صعبة    رئيس مركز الشقيري يتقدم المصلين لأداء صلاة العيد    القبض على إثيوبي في عسير لتهريبه (34) كيلوجراماً من مادة الحشيش المخدر    السجن والغرامة والترحيل ل6 مخالفين لأنظمة الحج    وزارة الداخلية تختتم المشاركة في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى إعلام الحج    د. زينب الخضيري: الشريك الأدبي فكرة أنسنت الثقافة    القبض على إثيوبي في الباحة لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    51.8 درجة حرارة المنطقة المركزية بالمسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«كيف تكتب رواية؟»
نشر في الحياة يوم 03 - 08 - 2009

ظاهرة «محترفات» الكتابة الروائية ما برحت رائجة في الغرب، وترافقها حيناً تلو حين كتب تعلّم فن الرواية. وقد يكون وراء ازدهار مثل هذه «المحترفات» ناشرون همّهم صعود جيل من الروائيين يعقب جيلاً آخر، فلا تفرغ الساحة الروائية من فرسانها. فالرواية اليوم، في الغرب كما في الشرق، هي «المادّة» الأوفر ربحاً في عالم النشر والأشدّ إغراء للقراء أياً يكونوا.
نادراً ما يجري الكلام عن «محترف» للشعر، يتعلّم خلاله جيل الشباب أصول هذا الفن الصعب. ونادراً أيضاً ما يصدر كتاب يعلّم القارئ «حرفة» الشعر. وقد تكون هذه «الندرة» من حظ الشعر نفسه الذي لا يمكن تحويله درساً في التقنية كما يحصل في الرواية أو المسرح أو السيناريو. فالشعر مهما تعلّم المرء أصوله أو معاييره الفنية فهو لا يمكن أن يصبح صناعة تمنح مفاتيحها بسهولة لأول تلميذ ولو كان نجيباً. وكم أصاب الاغريق عندما جمعوا بين الشعر والإلهام ومثلهم العرب عندما جعلوا من «عبقر» رمز التجلّي الشعري.
بدا من الصعب إذاً أن يتحقق في حقل الشعر ما تحقق في حقل الرواية. قد تكون الرواية بصفتها فناً وتقنية، قادرة على أن تتحوّل أمثولة تُدرّس في المحترفات أو تتناولها الكتب «العملية» ذات المنحى التعليمي. فالرواية عمل هندسة وبناء، وتملك معايير ثابتة لا بدّ من امتلاكها، مثلها مثل المسرح أو السيناريو. وقد تتيح المحترفات فرصاً لتعلّم أصولها وتقنياتها، بعيداً عن المادّة الروائية نفسها أو الشخصيات والمواقف. فالنموذج الروائي وجد منذ أن وجد الفن الروائي تاريخياً ثم راح يترسّخ عبر العصور، وأضحى الصنيع الروائي وقفاً على هذا النموذج: إما أن ينسج على منواله ويحاكيه أو يقلده، وإما أن يتمرد عليه ويتخطاه أو يحطّمه. على أنّ هذا النموذج يظل ماثلاً وكذلك التقنية وفن البناء، وليس على «المتعلّم» إلا أن يتمرّس في التمرين، مقلّداً ومستعيداً ما سبقه ومختبراً المعايير الجاهزة ومتدرّباً على الحبك والسبك ورسم الشخصيات والوقائع... إنها تمارين على الفن الروائي، قد تظل مجرد تمارين لا تؤتي ثماراً.
هل يمكن تعليم الفن الروائي؟ هل يمكن صنع روائيين من عدم؟ هل يمكن إخضاع هذا الصنيع لشروط تقنية أو خارجية صرفة؟ مثل هذه الأسئلة تطرحها ظاهرة «المحترفات» الروائية التي تروج في الغرب، في أوروبا كما في أميركا، وكذلك الكتب التي تصدر تباعاً تحت شعار «تعليم» فن الرواية. وأحدثها كتاب عنوانه «محترف الكتابة والإبداع الأدبي» للناقد الفرنسي برنار لوشاربونييه. ولا يختلف هذا الكتاب الذي أصدرته دار «فيرست» الفرنسية عن عشرات أو مئات الكتب التي سبقته في هذا الحقل والتي ستليه، لكنّ عنوانه يغري بشموليته، مع أنه أسقط الشعر من حسبانه حاصراً الإبداع الأدبي بالصنيع الروائي. وينطلق الكاتب من مقولة جان بول سارتر: «وجد البشر ليكتبوا وعليهم أن يكتبوا جميعاً». هذه المقولة كان سارتر استوحاها من مقولة مواطنه الشاعر «الفتي» الكبير لوتريامون: «الشعر يجب أن يكتبه الجميع»، وهو لم يقصد أن يصبح الشعر مادة استهلاكية بل أن يكون حلم الجماعة ولا وعيها ونزقها السرّي. حتى سارتر نفسه كاد أن يناقض مقولته تلك عندما قال جملته الشهيرة: «يجب الاختيار بين الحياة والكتابة»، وكأن الكتابة التي دعا الى تشريع أبوابها أمام البشر عاد وأغلق أبوابها أمامهم، جاعلاً إياها في منزلة الحياة نفسها.
ولئن ندرت «المحترفات» الروائية في العالم العربيّ الذي يشهد صعود «زمن» الرواية، فهي لم تغب كلّياً. الروائية اللبنانية نجوى بركات أقامت محترفاً عربياً في بيروت وقد التحق به شباب يطمحون الى أن يكتبوا رواية. ولا بدّ من انتظار نهاية هذا المحترف لتبيان حقيقة هذه التجربة الجماعية. في القاهرة تقام أيضاً محترفات شبابية للإبداع الروائي، لكن النتيجة تظلّ غير ملموسة، مثلها مثل الأثر الذي يفترض أن تتركه هذه المحترفات. أما المكتبة العربية فلا تبدو خالية تماماً من الكتب التي تعلّم «فن» الرواية وإن كانت مترجمة عن لغات أجنبية. فهذا «الضرب» من التأليف لم يستستغه الأدباء أو النقاد العرب. وأحدث ما صدر في هذا الميدان كتاب «تقنيات كتابة الرواية» للناقدة الأميركية نانسي كرسي وقد ترجمته الى العربية «الدار العربية للعلوم - ناشرون». هذا الكتاب أشبه بالدرس الذي تلقيه الناقدة على تلامذة (افتراضيين) وتليه تمارين ترتكز الى أمثلة روائية معروفة.
عندما أصدر غبريال غارثيا ماركيز كتابه الطريف «كيف تكتب رواية؟» لم يسع الى أن «يلعب» دور الأستاذ أو يؤدي «مهمة» المعلم، بل راح يواجه فيه الأسئلة الصعبة التي تطرحها الرواية على كاتبها والكاتب على نفسه. وفي رأيه أنّ الروائيين هم معنيون، أكثر من سواهم، بهذا السؤال الذي لا جواب نهائياً له.
هل يمكن «تعليم» فن الرواية؟ مَن هو القادر على القيام بهذه المهمة على خير وجه: الروائي أم الناقد؟ هل يمكن أن يصبح فن الرواية مجرّد حرفة أو مهنة تحتاج الى التقنية أكثر مما تحتاج الى الموهبة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.