محمد بن عبدالرحمن: طموحات وعزيمة صادقة    أمير الشرقية يرعى حفل خريجي جامعة الملك فيصل    خالد الفيصل: تحولات كبيرة وإنجازات فريدة    فيصل بن نواف: نتائج إيجابية غير مسبوقة تاريخياً    التعاون يتغلب على ضمك بهدف قاتل في دوري روشن    القيادة تهنئ رئيسة تنزانيا    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    الأخضر الأولمبي يودّع كأس آسيا بخسارته من أوزبكستان بهدفين    أمانة الطائف تنشئ السجادة المليونية من نوعها للزهور في مهرجان الورد (قطاف19)    توافق مصري - إسرائيلي على هدنة لمدة عام بقطاع غزة    إغلاق جميع فروع منشأة تجارية بالرياض بعد رصد عدة حالات تسمم    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور قيادة القوة البحرية بجازان    الاتفاق يختتم تحضيراته ويغادر للقصيم    10 أحياء تنضمّ للسجل العقاري بالرياض    «مكافحة المخدرات» تقبض على شخصين بالقصيم لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر    "الأرصاد": لا صحة لتعرض المملكة لأمطار غير مسبوقة    نائب وزير الداخلية يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر الأول لمكافحة الاتجار بالمخدرات    ترميم قصر الملك فيصل وتحويله إلى متحف    ضوابط جديدة و4 تصنيفات لتقييم أضرار المركبة    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    «الحج والعمرة»: احذروا شركات الحج الوهمية.. لا أداء للفريضة إلا بتأشيرة حج    الذهب يتّجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية    «الطيران المدني»: تسيير رحلات مباشرة من الدمام إلى النجف العراقية.. ابتداء من 1 يونيو 2024    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    جوارديولا: الضغط يدفعنا إلى الأمام في الدوري الإنجليزي    إصابة حركة القطارات بالشلل في ألمانيا بعد سرقة كابلات كهربائية    كيسيه يعلق على الخسارة أمام الرياض    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    وزير الشؤون الإسلامية يعقد اجتماعاً لمناقشة أعمال ومشاريع الوزارة    أمريكا: اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان    أستراليا تقدم الدعم للقضاء على الملاريا    "زرقاء اليمامة" تعيد الأضواء ل"مركز فهد الثقافي"    65.5 مليار إجمالي أقساط التأمين ب2023    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    اتفاق سعودي – قبرصي على الإعفاء المتبادل من التأشيرة    إصابة مالكوم وسالم الدوسري قبل مباراة الهلال والفتح    "المُحليات" تدمِّر "الأمعاء"    هوس «الترند واللايك» !    مقامة مؤجلة    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    «ألبرتو بُري» يتجاوز مأساته    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    مقال «مقري عليه» !    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    فلسطين دولة مستقلة    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا حياة للطبقة المتوسطة في دراما رمضان
نشر في الحياة يوم 19 - 08 - 2012

كأن ما هي غارقة فيه لا يكفي، لتجد نفسها خارج السياق والسيناريو والرؤية. انتظرت عاماً كاملاً لتجمع شملَ أفرادها شاشةٌ فضية باتت ملجأ من هجمات السياسة المزرية ومصاعب الاقتصاد الوحشية ومشكلات المجتمع المصيرية، فإذ بالشاشة ملاذها الوحيد وترفيهها الأكيد قد انقلبت عليها وأعلنت أن الأسرة المصرية المتوسطة لم تعد على قائمة تلفزيون رمضان والعيد.
جرى العرف أن شاشة تلفزيون رمضان وأيام العيد باتت صاحبة امتياز الترفيه الحصري عن الأسرة المصرية المتوسطة الحال، فالشاشة الفضية الرمضانية دأبت على جمع الأسرة المتشرذمة في بقية شهور العام بين أب يكد ويكدح وأم محاصرة بين وظيفة خانقة ومهمات بيتية ثقيلة وأبناء مفرقين بين عمل وجامعة ومدرسة. ساعات قليلة هي تلك التي تجمع أفراد الأسرة المصرية على مدار الشهر الكريم وأيام العيد التالية بفضل شاشة التلفزيون التي تبث شتى أنواع الترفيه الرمضاني، من الدراما وبرامج الحوارات والكوميديا. كان هذا الترفيه يضع الأسرة المصرية نصب عينيه، فيحرص على مسلسلين أو ثلاثة موجهة لأفرادها، وحفنة من برامج الحوارات القادرة على جذب أفرادها، بالإضافة إلى بعض البرامج أو اللقطات الكوميدية التي تتم على سبيل المقلب لرسم البسمة على الشفاه. ولكن، على رغم دسامة الوجبة الرمضانية وتشبعها بمقدار هائل من السعرات الدرامية والدهون الحوارية والسكريات الكوميدية، فإن الفائدة الفعلية التي خرج بها أفراد الأسرة كادت أن تقارب الصفر.
أمل محمود (56 عاماً) تعرب عن صدمتها مما عرض على شاشة رمضان، مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن إفساد الحياة التلفزيونية على غرار المطالبين بمحاسبة المسؤولين عن إفساد الحياة السياسية. تقول: «أنتظر قدوم شهر رمضان كي يتجمع أفراد الأسرة على مائدة الإفطار وبعدها أمام شاشة التلفزيون. كانت الوجبة التلفزيونية ثرية بمحتواها الذي يجد كل منا فاكهته المفضلة فيها. الأحفاد كانوا ينتظرون مسلسل الكرتون عن قصص الأنبياء أو بكار أو ما شابه، ثم يتحلق الجميع حول مسلسل هادف يجذبنا وربما برنامج حواري يتطرق إلى الفن والسياسة والمجتمع والاقتصاد برشاقة رمضانية معروفة. هذا العام فوجئت بجرعة درامية مكثفة أقل ما يمكن أن توصف بها هو أنها ألغت الأسرة المصرية العادية تماماً من مفرداتها، بالإضافة إلى برامج حوارات لم تساهم في تخفيف الحمل السياسي والاقتصادي والمجتمعي الثقيل الذي ألقت به الأحداث على كواهلنا، بل أثقلته وأمعنت في تضخيم المشكلات، حتى بتنا نتحاشى متابعة الأحاديث الدائرة». وتضيف بحسرة: «أما الدراما الرمضانية، فوضعت الإثارة والإسفاف أو التغريب والتسطيح نصب أعينها، وأمعنت في تقديم المجتمع المصري من على طرفي نقيض، سواء الطرف المفرط في الرفاهية أم ذاك الغارق في الفقر، وضغطت زر «ديليت» (محو) على الأسرة المصرية المتوسطة الحال».
ولأن الطبقة المتوسطة، التي تشكل الأسرة المصرية العادية قوامَها الرئيسي، هي صمام أمان المجتمع المصري، أيقن كثيرون أن شاشة رمضان قصرت كثيراً في حقهم. أحمد التميمي (48 عاماً، مهندس) يقول: «الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها مصر تعني أن المخرج الوحيد للمجتمع المصري من حال الفوضى هي الأسرة المصرية المتوسطة، فهي تمثل منطقة وسطاً بين قمة الهرم، حيث قلة من الأغنياء المنغمسين في ترف وثراء وبين قاعدة غارقة في فقر وعشوائيات. ورغم ذلك، فقد تجاهلها صناع الدراما تماماً، الذين عكست أعمالهم المجتمع المصري وكأنه إما ترف مبالغ في ثرائه أو فقر مفرط في بؤسه».
ويبدو أن سقوط الأسرة المصرية المتوسطة سهواً أو عمداً من شاشة رمضان ما هو إلا انعكاس لحجم الاهتمام بهذه الفئة من المصريين، التي طالما أكد علماء الاجتماع وأساتذة الاقتصاد وجهابذة السياسة أنها صمام أمان المجتمع و «رمانة ميزانه»، إلا أن الميزان المختل في مصر لم يحدد عناصره بعد ولم يصل إلى تعريفات محددة لشكل المجتمع المصري المرجو من وجهة نظر النظام الجديد.
تقول منى أحمد (40 عاماً، موظفة): «أخشى ألاّ يكون تركيز الرئيس مرسي في خطابه الشعبي في ميدان التحرير عقب فوزه بالرئاسة على سائقي ال «توك توك» و «الميكروباص» وعدم الإشارة إلى أي من الفئات المنتمية إلى الطبقة المتوسطة، التي ظلت مطحونة في ظل النظام السابق، سوى استمرار للطحن والقهر ولكن هذه المرة ليس لمصلحة الطبقة الغنية القابعة على رأس الهرم الاجتماعي، بل من أجل عيون القاعدة العريضة. وفي الحالين، فإن الطبقة المتوسطة هي من يدفع الثمن باهظاً».
الثمن النهائي المدفوع من الطبقة المتوسطة لم تتحدد ملامحه بعد، لكن الأكيد أن «ثورة يناير» التي قامت على أيدي شباب الطبقة المتوسطة الذين ثاروا على الظلم والفساد ورفعوا شعار «عيش وحرية وعدالة اجتماعية»، أسفرت عن نظام حكم جديد يرفع شعار «عيش وحرية بما لا يخالف شرع الله وفكر «الإخوان»، وعدالة اجتماعية وفق ما ورد في فكر الخلافة الإسلامية المرتقبة».
أما الطبقة المتوسطة فتنتظر مصيرها بعدما فاتها قطار الثورة وتجاهلتها دراما رمضان وأفزعتها برامجه المؤلِّبة للتناحر السياسي والدق على أوتار الأغنياء المحسوبين على النظام القديم والفقراء الذين ينتظرون تحقيق العدالة الاجتماعية وإن كانت من جيوب الطبقة المتوسطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.