أكد الناقد والمسرحي أحمد إبراهيم أحمد تجاهل جمعية الثقافة والفنون، فرع القصيم، دعوته إلى مهرجان أصيلة، الذي حمل اسم السعودية هذا العام أو على الأقل إخباره بفوز نصه المسرحي، الذي شاركت به الجمعية في المهرجان، كاشفاً أنه عرف بالخبر من صديق في المغرب. وطالب بحقوقه عن نصه الذي تم استغلاله، مشيراً إلى أن السعودية من الدول الموقعة على حقوق الملكية الفكرية. من جهته، قال أحمد إن مسرح الطفل يعامل معاملة دونية في الثقافة العربية، «على رغم أنه في دول العالم المتقدم يعامل معاملة شديدة التميز». هنا حوار معه. حدثنا عن مهرجان أصيلة، الذي فازت فيه المملكة بجوائز هذا العام؟ - نظمت جمعية اللقاء المسرحي في أصيلة في المملكة المغربية الدورة السادسة لمهرجان أصيلة الدولي لمسرح الأطفال من 3 إلى 9 تموز (يوليو) 2009 وحملت هذه الدورة اسم المملكة العربية السعودية، وشاركت - إضافة إلى المغرب البلد المضيف بالطبع - دول عربية وأوروبية هي: السعودية، وعمان، والبحرين، وقطر، والكويت، والعراق، وفلسطين، وتونس، وإسبانيا، وإيطاليا، وتحدد يوم 7 يوليو ليكون يوماً سعودياً تم فيه عرض مسرحية للكبار، وعرضين مسرحيين للصغار من جدةوالقصيم وعرض القصيم هو من تأليفي وعنوانه: «الوطواط الخراط». ماذا يميز نص «الوطواط الخراط» حتى يحصل على جائزة؟ - أولاً هذا التقدير من مهرجان مسرحي أعرف جيداً قيمته، وقيمة المحكمين فيه، ونزاهة الاختيار فيه شيء يشرفني، وهو بلا شك إضافة إلى تاريخي المتواضع، وفي اعتقادي أن التوفيق حالفني في كتابة هذا العمل نتيجة احترافية التناول لفكرة إنسانية من تراث عالمي، وصياغتها في رؤية بصرية جمالية، وتقديم فكرة الانتماء - وهي من الأفكار الصعبة على الأطفال لأنها من الأفكار المجردة- تقديم الفكرة بشكل درامي؛ من خلال حكاية مثيرة للانتباه لتحقيق انجذاب الطفل. أعتقد ذلك ما دفع لجنة التحكيم لتقدير هذا العمل، وأعتقد أن الرؤية البصرية التي قدم بها المخرج صبحي يوسف هذا العمل، وفهمه لأهمية عنصر المتعة في توصيل فكرة صعبة للأطفال، واستخدامه للغناء، أسهم بكل تأكيد في فهم النص بالشكل الصحيح والإيجابي، أوصل لتقديره هذا التقدير القيم. ما وقع الجائزة عليك؟ - صدقني. عرفت الخبر من صديق لي في المغرب.. فأصابني حزن. وليس للمناسبة علاقة بشعوري بالحزن. شعوري بالحزن نتج عن تجاهل المسؤولين لشخصي سواء بالإعلام باختيار النص للمشاركة به في المهرجان، أم دعوتي لمصاحبة الوفد المسافر، مع ملاحظة أن هؤلاء المسؤولين هم الذين رأوا في هذا العمل قيمة، دفعتهم لترشيحه للاشتراك في المهرجان، وتأكد أن اختيارهم كان في محله بفوز النص، وحتى النتيجة لم يتفضل أحد بإبلاغي بها. قد أكون كاتباً متواضعاً، أو غير مشهور، أو مقيماً في منطقة نائية من المملكة، لكن ذلك لا يمنع من الاتصال بشخصي المتواضع، ومنحي حقوقي المادية والأدبية كمؤلف لمصنف فني يجري استغلاله، بخاصة أن المملكة من الموقعين على اتفاق حقوق الملكية الفكرية، وحقوق المؤلف. عرفنا أحمد إبراهيم كمفكر ناقد وكاتب في مجالات فكرية متنوعة، وأدهشنا أن نعرف هذا الجانب الإبداعي لديك، فكيف يمكن التوفيق بين الفكر والإبداع؟ - لا يوجد أي تعارض بين الفكر والإبداع، فكلاهما مصدره قدرتك كإنسان على أن تحتفظ بدهشة الطفل في داخلك، وأن تكون قادراً على التأمل، ولديك الأوعية الفكرية والإبداعية التي من خلالها تستطيع التعبير عن نتاج هذا التأمل، وقد يكون هذا الوعاء شكلاً من أشكال الأجناس الأدبية، أو الفنية، أو أي شكل فكري آخر، وكلما كانت لديك الدربة والخبرة، أصبحت لديك حرية أكبر في اختيار مجال التعبير الذي يناسب ما تريد التعبير عنه. لماذا اخترت مسرح الطفل؟ - يعامل مسرح الطفل معاملة دونية في الثقافة العربية مثل الكتابة للطفل، على رغم أنها في دول العالم المتقدم تعامل معاملة شديدة التميز، وحتى الأجور التي تدفع للعاملين في مجالاته تزيد في الغرب عن أجور الكتابة والتمثيل للكبار بشكل كبير، في حين أن المهتمين بثقافة الطفل في عالمنا العربي يعاملون معاملة طبيب الأطفال في النكتة المشهورة حين راح يخطب، فسأله والد العروس ماذا تعمل، وحين قال له انه طبيب أطفال نظر إليه بأسى، وقال له: يا خسارة يا بني.. لماذا لم تكمل تعليمك؟ وبالنسبة لي أنا عملت منذ شبابي في المسرح المدرسي، وشاركت في تأسيس فرقة المسرح القومي للطفل في الإسكندرية في مصر، وعندي قناعة قوية بأن مسارح الأطفال والفتية والفتيات أدوات مهمة للنهضة الثقافية، لأنها تُقدم المعرفة والقيم من خلال المتعة البصرية والسمعية، وهي عناصر مهمة للغاية في التعليم والتربية تفتقدهما ثقافتنا العربية كثيراً، بينما تسود مفاهيم التقويم والتأديب، وأنا منذ بداية حياتي أدركت أن الثقافة في العالم العربي لا تؤكل عيشاً، فاخترت أن أكون هاوياً أضرب بمجدافي متجولاً في بحور المعرفة والإبداع بحرية، وكتابتي وإخراجي لمسرح الطفل هما نوع من الالتزام برسالة أؤمن بها. هل من السهل أن تكون مؤلفاً وممثلاً ومخرجاًً؟ - من الناحية الواقعية هناك نماذج مؤثرة للغاية مارست كل أشكال الإبداع الفني في الوقت نفسه، يحضرني منهم المبدع الأميركي أورسون ويلز الذي كتب، ومثل، وأخرج أعمالاً من روائع الفن في تاريخ السينما العالمية، وعلى مستوى العالم العربي يوجد يوسف شاهين من مصر، والمنصف السويسي من تونس، والأخوان رحباني من لبنان، وهناك من غير المعروفين الكثير من المبدعين الذين قدموا إبداعات الفرد الواحد، وبالنسبة لي أنا شخصياً أدين بمعرفتي وثقافتي لأساتذة كبار من المخرجين والمؤلفين المبدعين علموني، وكان لي حظ التتلمذ على أيديهم، كذلك أدين للمسرح الذي عملت في كل عناصره بدءاً من أعمال الكهرباء، والنجارة، والديكور، والإضاءة، والتمثيل، والكتابة، والإخراج لأن المسرح هو أبو الفنون.