كل عام وبعد نهاية شهر رمضان وعرض الأعمال الدرامية والبرامج التلفزيونية، يحاول بعض الفضائيات وشركات الإنتاج وأيضاً الفنانين والمذيعين ترويج أخبار مغلوطة واستفتاءات خادعة خاصة بتصدر عمل معين لنسب المشاهدة وكذلك حصول بعض النجوم على المراكز الأولى كأفضل ممثل وممثلة وأفضل برنامج وأفضل مذيع ومذيعة، وهو الأمر القائم على دراسات وأبحاث وهمية الهدف منها حفظ ماء الوجه لبعض الأسماء التي لم تكن لأعمالها أي مردود إيجابي يذكر ومحاولة البقاء في الصورة لطلب أجور عالية في الأعمال التي ستعرض في الموسم المقبل. والغريب أن المكاتب الإعلامية للفنانين توزع أخباراً متضاربة تروج فيها أن أحد النجوم حصل على لقب أفضل ممثل في استفتاء معين من دون أن يذكر الخبر الطريقة التي اعتمدها هذا الاستفتاء لتقويم الأعمال وتحديد المميز منها. كما أن عدداً من الفضائيات تروج الآن لأنها رقم واحد في مصر وأنها تصدرت أبحاث نسب المشاهدة التي قامت بها إحدى الشركات وهو ما يقابل باستنكار من فضائيات أخرى وسط حالة من الشد والجذب. الفنانة داليا مصطفى أكدت أنها ضد مثل هذه الأساليب غير الموضوعية التي تحاول خداع المشاهد وهو الوحيد القادر على تحديد الأعمال التي تستحق أن يشاهدها، موضحة أن هناك بعض الاستفتاءات والأبحاث نتائجها غير دقيقة وتعتمد على ميول القائمين عليها ولا توجد مراكز أبحاث معتمدة تعطي نتائج حقيقية يمكن الاعتماد عليها في تحديد نسب المشاهدة. وطالبت داليا وسائل الإعلام بالتدقيق في الأخبار التي تنشرها ودعم الأعمال الإيجابية التي نالت استحسان الناس بعيداً من الأعمال التي فشلت وحاول القائمون عليها تغيير الصورة بذكر أرقام غير حقيقية مثل 5 مليون مشاهدة على «يوتيوب» وأشياء من هذا القبيل. وأضافت: «الفضائيات الكبيرة تعتمد دائماً على محتواها ومضمون ما تقدمه للمشاهد واستطلاعات الرأي ينبغي أن تحدد المعايير التي تتبعها». وأوضح أستاذ الإعلام صفوت العالم أن الاستفتاءات التي تجريها وسائل الإعلام على عينات عشوائية من المشاهدين، لا تعتمد طريقة علمية سليمة، «توجد أبحاث تسويق تجريها شركات متخصصة لتوضيح نسب مشاهدة كل قناة، والمسلسلات الأكثر مشاهدة وكذلك البرامج، وهذه الأبحاث يعتمد عليها الوكلاء الإعلانيون في توزيع خرائطهم الإعلانية بين القنوات والمسلسلات والبرامج. والمشكلة أنه حتى هذه الشركات لم تحظ بإجماع الآراء على حيادها ومصداقيتها. ففي حين يعتمدها بعضهم كمصدر لمعلوماته، يشكك آخرون في نزاهتها». وقال العالم إن «وسط زحام الاستفتاءات والاستبيانات وبحوث التسويق، يقف المشاهد تائهاً لا يعرف الحقيقة، كما أن بعض وسائل الإعلام لا تتبع طريقة علمية سليمة وتعتمد على بعض الأساليب غير الموضوعية التي تأتي بنتائج غير معبرة بالمرة عن نجاح الأعمال الرمضانية أو فشلها. وهذه الاستفتاءات للأسف تقوم على اجتهادات ينفذها أفراد غير مؤهلين وأحياناً تكون بشكل غير سليم أو منحازة لأحد النجوم أو إحدى الفضائيات أو أحد البرامج طبقاً لمصالح الوسيلة الإعلامية التي تجري الاستفتاء المزعوم». وانتقد الفنان سامح حسين الاستفتاءات الخادعة التي ليس لها أي مقاييس علمية وتعتمد فقط على المصالح الشخصية وبعض المعلنين وشركات الإنتاج ينساقون خلفها ويعتمدون نتائجها. وقال إن العمل الناجح لا يحتاج لاستفتاء أو مسابقة لأنه يصل سريعاً إلى قلوب المشاهدين ولا مجال لأي مزايدات أخرى. وعزا سامح سبب انتشار مثل هذه الظواهر السلبية إلى غياب الثقة وعدم تقدير قيمة الفن، فهو ليس مجالاً لتحقيق أرباح مادية، بل هو مجال يرتقي بالذوق العام والعبرة فيه بالنتائج الإيجابية والسلوكيات التي يدعمها وليس بأرقام المشاهدة. فمن الممكن أن يحقق عمل هابط مشاهدة كبيرة وهو يفتقد لأي معايير فنية جيدة. وأوضح المدير الفني لقناة «المحور» إيهاب أبوزيد أن موسم رمضان وما بعده يشهد الاستفتاءات الوهمية وحتى شركات قياس المشاهدة والتي تعد في كل مكان في العالم صاحبة كلمة حاسمة في تحديد الأمور التسويقية والإعلانية صارت هي الأخرى تضرب قياسات المشاهدة على هواها وهوى أصحاب بعض منتجي البرامج والمسلسلات، وأضاف: «بنظرة سريعة على أي من الاستفتاءات، سواء التي تعلنها الصحف أو المحطات الفضائية أو شركات قياس المشاهدة، سندرك هذا الكلام. فأحد البرامج مثلاً هو البرنامج الأول في المشاهدة والأجدر بالتكريم وتسأل نفسك ومن حولك ومن حولهم من شاهد هذا البرنامج وكيف حقق نسب المشاهدة المزعومة؟ فلا تأتي إجابة. ويقول الاستفتاء أيضاً أن مذيعة ما هي أعظم مذيعة وأنها نالت ثقة المشاهد، وأن مسلسل أحد النجوم هو الذي حصد الأصوات وأن الممثل العبقري هو أحق بالتكريمات والأصوات وتظل أنت المتلقي لهذه النتائج تسأل وتسأل كيف ومتى وما سبب ترويج أخبار مغلوطة قائمة على معلومات غير منطقية بالمرة؟».