كوريا الجنوبية تتوعد بالرد على بالونات القمامة    «التجارة» تراقب أكثر من 33 ألف منشأة في مكة والمدينة والمشاعر    الصادرات السعودية توقع مذكرة تفاهم مع منصة علي بابا    فيصل بن مشعل يرعى حفل تكريم معالي رئيس جامعة القصيم السابق    51 طائرة إغاثية سعودية لإغاثة غزة    الشورى يناقش مشروعات أنظمة قادمة    الهلال الأحمر بالمدينة ينجح في إنقاذ مريض تعرض لسكتة دماغية    سعود بن خالد يتفقد مركز استقبال ضيوف الرحمن بوادي الفرع    أمير عسير يؤكد أهمية دور بنك التنمية الاجتماعية لدعم الاستثمار السياحي    إطلاق اسم الأمير بدر بن عبد المحسن على أحد طرق مدينة الرياض    الأهلي السعودي والأهلي المصري يودعان خالد مسعد    الدكتور الربيعة يلتقي ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 36439    د. الردادي: المملكة تضمن سلامة وأمن ضيوف الرحمن وتحدد متطلبات اللقاحات في موسم الحج 1445ه    ضغوط تجبر نتنياهو على تجنب غزو رفح برياً    التخصصي يعالج حالة مستعصية من الورم الأصفر بعد معاناة 26 عاما    التجارة تدعو لتصحيح أوضاع السجلات التجارية المنتهية تجنبا لشطبها    الحزن يخيم على ثانوية السيوطي برحيل «نواف»    المملكة تسجل أقل معدل للعواصف الغبارية والرملية لشهر مايو منذ 20 عاماً    خادم الحرمين ومحمد بن سلمان لولي عهد الكويت: نهنئكم بتعيينكم ونتمنى لكم التوفيق والسداد    لأول مرة على أرض المملكة.. جدة تشهد غداً انطلاق بطولة العالم للبلياردو    هييرو يبدأ مشواره مع النصر    اجتماع حضوري في الرياض على هامش أوبك يضم السعودية وروسيا والإمارات و5 دول أخرى    تغطية كامل أسهم الطرح العام الثانوي ل أرامكو للمؤسسات خلال ساعات    مواطن يزوّر شيكات لجمعية خيرية ب34 مليوناً    «رونالدو» للنصراويين: سنعود أقوى    الجامعة العربية تطالب المجتمع الدولي بالعمل على إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة    أمير الشرقية يهنئ رئيس المؤسسة العامة للري بمنصبه الجديد    "فعيل"يفتي الحجاج ب 30 لغة في ميقات المدينة    3109 قرضا تنمويا قدمته البر بالشرقية وحصلت على أفضل وسيط تمويل بالمملكة    تواصل تسهيل دخول الحجاج إلى المملكة من مطار أبيدجان الدولي    "مسبار" صيني يهبط على سطح "القمر"    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    "الصحة العالمية " تمدد مفاوضات التوصل إلى اتفاقية بشأن الأوبئة    كارفخال يشدد على صعوبة تتويج الريال بدوري الأبطال    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    البرلمان العربي يستنكر محاولة كيان الاحتلال تصنيف الأونروا "منظمة إرهابية"    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    ارتفاع ملموس في درجات الحرارة ب3 مناطق مع استمرار فرصة تكون السحب الممطرة على الجنوب ومرتفعات مكة    توجيه الدمام ينفذ ورشة تدريبية في الإسعافات الأولية    غرامات وسجن وترحيل.. بدء تطبيق عقوبة «الحج بلا تصريح»    بونو: قدمنا موسماً استثنائياً    فيصل بن فرحان يؤكد لبلينكن دعم المملكة وقف إطلاق النار في غزة    قيصرية الكتاب: قلب الرياض ينبض بالثقافة    الدفاع المدني يواصل الإشراف الوقائي في المسجد النبوي    تعاون صناعي وتعديني مع هولندا    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    "أسبلة المؤسس" شهود عصر على إطفاء ظمأ قوافل الحجيج منذ 83 عاماً    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    اطلاق النسخة الثالثة من برنامج "أيام الفيلم الوثائقي"    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    إصدار 99 مليون وصفة طبية إلكترونية    توصيات شوريَّة للإعلان عن مجالات بحوث تعزيز الصحة النفسية    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«روبي»... دراما «ملبننة» تتحرر من الفخ المكسيكي
نشر في الحياة يوم 19 - 04 - 2012

كان النقد التلفزيوني في لبنان يأخذ على بعض المسلسلات الدرامية اللبنانية نزعتها «المكسيكية» وميلها إلى تقليد هذا النوع الدرامي القائم على «المفارقات» المفتعلة والمفاجآت الهزيلة وغير المقنعة. وكانت الصفة «المكسيكية» تعني درامياً هبوط المسلسل ووقوعه في التطويل والرومنطيقية السطحية أو الميلودراما الساذجة... لكنّ النقد هذا وجد نفسه في مسلسل «روبي» (تعرضه إم بي سي وقنوات أخرى) المقتبس عن مسلسل مكسيكي يحمل العنوان ذاته، أمام عمل مختلف، سواء من جهة النص الذي أعادت الكاتبة اللبنانية كلوديا مارشليان كتابته أو «لبننته» بالأحرى وإسقاطه على الواقع اللبناني، أم من ناحية صوغ المسلسل عبر رؤية إخراجية جديدة تولّاها رامي حنّا. لم «تلبنن» مارشليان النص المكسيكي فقط، بل «مصّرته» أيضاً، فهو يدور بين لبنان ومصر، وإن كان لبنان يستأثر بمعظم الشخصيات والأحداث.
وعلى رغم خطورة التجربة التي خاضتها الكاتبة أولاً ثم المخرج، فهما تمكّنا من صنع مسلسل لبناني – مصري، مع أنّ الكاتبة اقتبست القصّة من مسلسل مكسيكي كانت قنوات بثته في صيغة مدبلجة عربياً. لكنّ «الحالة» المكسيكية غابت عن المسلسل «الملبنن» و«الممصّر»، لا سيّما على مستوى التطويل والبطء و«المفارقات» coincidences المعروفة والمكرّرة التي تهيمن على المسلسلات المكسيكية عموماً. وصحيح أن مارشليان التزمت البنية الأصلية للمسلسل المكسيكي السابق، إلا أنّها أعادت حبكها، حاذفة الكثير من الأحداث والشخصيات ومضيفة الكثير منها، لا سيّما تلك المرتبطة بالواقع الذي هو هنا لبناني – مصري.
ونجح الإخراج بالتالي في ترسيخ المسلسل لبنانياً ومصرياً، مكانياً وزمنياً، فبدا المكان المكسيكي السابق، مكاناً عربياً بامتياز، وكذلك الزمن الذي هو زمن السرد وزمن الشخصيات في آن. وأول ما يلفت في هذا السياق بروز الاختلاف الطبقي الذي ركّز عليه المسلسل الملبنن والموزّع بين بيت روبي (وأمها وشقيقتها) وهو بسيط وفقير جداً، وسائر المنازل الثرية ومنها «الفيلات» و«الشاليهات» وسواها، ناهيك بالأحياء الفقيرة والمعدمة التي دخلتها الكاميرا، بحثاً عن الضحايا الذين وقعوا في شرك تجار الأعضاء البشرية.
العقد الدرامية
عمدت كلوديا مارشليان إلى كتابة حوارات جميلة وحيّة ومؤثرة في أحيان، وإلى إضفاء ملامح إنسانية، وجدانية (ووجودية) على بعض الشخصيات، دافعة إياها لعيش نوع من الصراع الداخلي الذي يغنيها ويمتّن علاقاتها، بعضها ببعض. إلّا أنّ المشكلة في بناء المسلسل الذي تمتد حلقاته إلى التسعين تكمن في سقوط العقد الدرامية المتعدّدة في الإطالة علماً أنها عقد دراماتيكية أو تراجيدية، لا تحتمل البطء. لكنّ الكاتبة والمخرج تمكّنا من بلورة الشخصيات، لا سيما الرئيسية منها، ومن بناء «كاراكتيراتها» الخاصة ونزعاتها الداخلية والأزمات التي تعانيها. وفي مقدّم هذه الشخصيات «روبي»، بطلة المسلسل، فهي الشخصية المحورية التي يرتبط بها معظم الشخصيات، ومن حولها تلتف الأحداث.
«روبي» إذاً هي الضحية التي تنقلب «جزاراً» ولكن عبر نوع من الدهاء الذي تخالطه البراءة. «روبي» هي الشخصية الأكثر تعقيداً، هي التي تحيك المؤامرات، تستولي على حبيب صديقة عمرها (شيرين)، وتتخلى من أجله عن حبّها الأول (عمر) بل من أجل الثراء الذي ينعم به... تستولي روبي على تامر وتوقعه في فخّها وتتزوّج به، لكنها تظل مشدودة إلى حبها الأول الدكتور عمر، الذي هجرته بعدما علمت أنّه فقير... القصّة طويلة جداً، ولا حاجة إلى استعادتها.
شخصيات متصارعة
ولئن بدت روبي في طليعة هذه الشخصيات «المتصارعة» في المعنى الدرامي، فإن الممثلة سيرين عبدالنور لم تكن كممثلة في مستوى الشخصية التي يتطلب أداؤها الكثير من الرهافة والفطنة والإلمام بالتقنيات التمثيلية... وليس من المبالغة القول إنّ سيرين عبدالنور، الممثلة الجميلة الوجه والهيفاء القد، أخفقت في منح هذه الشخصية الفاتنة حقّها، بل أوقعتها في السذاجة و«البراءة» التامّة، فلم تلتقط خيوطها الداخلية ولا مشاعرها المتناقضة، ولم تتمكّن من تجسيد المفهوم «القدري» الذي تملكه الشخصية الأصل، كامرأة تغوي (Fatale)، تعيش حالاً من الانفصام النفسي، بين ماضٍ مليء بالقهر والبؤس ومستقبل تطمح إليه لتحقق حلمها بالثراء منتقمة من ماضيها الذي غاب عنه الأب... فقدت سيرين عبدالنور فرصة مهمة، قد لا تسنح لها ثانية.
شخصيات أخرى مهمة جداً منحت المسلسل ثقلاً درامياً وعمقاً، شخصيات من لحم ودم وليست «ورقية»... الأم عليا التي تميّزت تقلا شمعون، هذه الممثلة القديرة، في تجسيدها وأدائها، ببراعة وعفوية، بمتانة وبساطة، وقد نمّ أداؤها عن ممثلة تملك أسرار مهنتها، ممثلة تلم عميقاً بمعنى التمثيل وعيش الشخصية لحظة تلو لحظة. هناك أيضاً الصديقة «المغدورة» شيرين التي أدّت دورها الممثلة ذات الموهبة الكبيرة ديامان أبو عبّود. شيرين صديقة روبي تقع في حب تامر عبر الإنترنت، ثم حين يأتي من القاهرة ليلتقيا للمرّة الأولى، يُفاجأ بها تعاني شللاً في إحدى رجليها...
هذه الصدمة نجحت ديامان في عيشها، داخلياً كما تعبيرياً، مستخدمة تقنية أدائية باهرة. إنها شخصية «معقّدة» أيضاً، روحها حرّة أمّا جسدها فهو أسير هذا العطب الطفولي... وكم نجحت هذه الممثلة في تجسيد هذه الشخصية المتألمة بصمت، والتي تعيش أيضاً حالاً من التوتر الخفي. وعرفت جيداً كيف توظف جسدها في مشيتها العرجاء ووجهها الغني بملامحه التعبيرية. الشخصيات كثيرة في مسلسل «روبي»، ولا يمكن إحصاؤها جميعاً: الممثل السوري القدير مكسيم خليل يؤدي بمهارة دور الدكتور «عمر»، الممثل المصري أمير كرارة يؤدّي ببراعة دور العاشق الضائع تامر، الممثلة مارينال سركيس تؤدّي بمهارة دور الأم المصابة بداء «الزهايمر»، شادي حداد، فادي إبراهيم، منة فضالي، زكي عبدالوهاب، عزّت أبو عوف، بياريت قطريب، وليد العلايلي، جهاد الأندري وسواهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.